يواصل رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، سيباستيان ليكورنو، نهجه الحذر في تشكيل حكومته بعد مرور أكثر من أسبوعين على تعيينه في ماتينيون في 9 سبتمبر/ أيلول.
وبينما يُفضل ليكورنو تحديد توجهاته السياسية قبل اختيار الوزراء، يبدو أنه يسير على خطى سلفه ميشيل بارنييه الذي استغرق 16 يومًا لتشكيل حكومته، محققًا رقمًا قياسيًا في البطء تحت راية الجمهورية الخامسة، وفق تقرير لمجلة "لوموند" الفرنسية.
وأكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من نيويورك، دعمه لنهج ليكورنو، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء "محق في أخذ وقته" لضمان توافق الوزراء المستقبليين مع أهدافه السياسية.
ويركز ليكورنو، الذي شغل سابقًا منصب وزير القوات المسلحة، على صياغة رؤية واضحة لسياساته، مع إعطاء الأولوية لإعداد مشروع الميزانية قبل الإعلان عن الحكومة، الذي لن يتم قبل 2 أكتوبر، موعد تجديد رئاسة مكتب الجمعية الوطنية ولجانها.
ويهدف هذا التأخير، وفق "لوموند" إلى تجنب إضعاف "القاعدة المشتركة" في الانتخابات السياسية بسبب غياب الأغلبية في قصر بوربون.
على عكس أسلافه، يفضل ليكورنو إجراء مفاوضات منفردة مع القوى السياسية والشركاء الاجتماعيين، ما أثار استياء الوزراء المستقيلين الخمسة والثلاثين الذين يديرون الشؤون الجارية منذ استقالتهم.
ويجهل هؤلاء الوزراء، الذين عينهم فرانسوا بايرو قبل تسعة أشهر، نوايا رئيس الوزراء الجديد، حيث لم يتواصل معهم، ما دفع أحدهم لوصفه بـ"الراهب" الذي "لم يُفصح عن شيء لأحد".
وفي الوقت نفسه، طالب وزير الداخلية المستقيل برونو ريتيلو، رئيس حزب الجمهوريين، بالاطلاع على خطة عمل الحكومة قبل النظر في مشاركة اليمين.
ويواجه ليكورنو ضغوطًا متزايدة لتحقيق توازن بين القوى السياسية، خاصة مع الحزب الاشتراكي واليمين، إذ استقبل في ماتينيون مؤلفي تقرير 2023 حول المعونة الطبية الحكومية، وهو موضوع حساس استغله اليمين واليمين المتطرف في حملاتهما المناهضة للهجرة.
وفي المقابل، حذّر آرثر ديلابورت، المتحدث باسم الحزب الاشتراكي، من أن أي تنازلات كبيرة لليمين قد تمنع الحزب من قبول التعاون مع الحكومة.
ويسعى ليكورنو إلى تشكيل حكومة مركزة تضم حوالي 20 وزيرًا "أقوياء"، مؤكدًا أن العمل الحكومي الفعّال يتطلب عددًا محدودًا من الوزراء.
كما تعهد باختيار شخصيات تتمتع بشرعية انتخابية، متجنبًا تعيين وزراء هُزموا في انتخابات 2022، على عكس حكومة بايرو، ومع ذلك، يرى بعضهم، مثل النائب هارولد هوارت، أن استمرارية مستشاري رئيس الوزراء تشير إلى استمرارية أكثر من التجديد.
ومع اقتراب الموعد النهائي لاعتماد الميزانية في 31 ديسمبر، يواجه ليكورنو تحديات جسيمة لتحقيق "انفراجات" جوهرية وشكلية وعد بها، إذ يرى هيرفي مارسيلي، رئيس الكتلة الوسطية في مجلس الشيوخ، ضرورة تحقيق توازن بين الاستمرارية والتجديد.