يرى تقرير لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية أن اختيار الرئيس إيمانويل ماكرون، سيباستيان ليكورنو، رئيسًا للوزراء، له عدة أسباب، أبرزها "ميله إلى الراحة"، فبعد تعيين خمسة رؤساء لحكومة خلال عامين، يبحث زعيم الإليزيه عن شخصية "موالية".
كما يعدُّ تعيين ليكورنو خلفاً لفرانسوا بايرو، الذي سقطت حكومته بعد فشل مدوٍ في التصويت على الثقة في الجمعية الوطنية، دليلاً على رغبة ماكرون باستعادة السيطرة الكاملة على ماتينيون، مقر رئاسة الوزراء، بعد فترة من التوترات مع رؤساء وزراء سابقين يتميزون باستقلاليتهم النسبية.
ووفق وصف أحد محاوري ماكرون قبل أيام، فإن اختيار ليكورنو، البالغ من العمر 39 عاماً، انعكاساً لميل ماكرون الطبيعي نحو "الراحة"، فبدلاً من الرهان على شخصيات خارجية أو مستقلة، كما كان الحال مع ميشيل بارنييه وفرانسوا بايرو، يفضل الرئيس الفرنسي الآن الاعتماد على أحد أقرب الموالين له.
وليكورنو، المنشق عن حزب الجمهوريين، انضم إلى معسكر ماكرون عقب الانتخابات الرئاسية لعام 2017، وأصبح جزءاً أساسياً من كل حكومة تالية، إذ يقول صديق مقرّب من الرئيس الرئيس الفرنسي: "لطالما ظننت أنه سيُنهي العقد مع ليكورنو. كل شيء بينهما سلس وبسيط ومباشر".
تعتقد "لوفيغارو" أن هذا التوافق الشخصي يجعل ليكورنو خياراً آمناً يسمح لماكرون بتوجيه السياسات دون مواجهات داخلية، وبذلك ترى أن التعيين لم يكن مفاجئاً تماماً.
ومنذ "بداية" سقوط بايرو في نهاية أغسطس/آب الماضي، كان الرجلان يناقشان سراً إمكانية تولي ليكورنو المنصب، بل إن الصحيفة الفرنسية تنقل عن مصادر مطلعة أن هذه المناقشات بدأت قبل ذلك بكثير.
وفي ديسمبر 2024، بعد إقالة حكومة بارنييه، حاول ماكرون تعيين ليكورنو، لكنه فشل بسبب معارضة شديدة من بايرو، الذي اعتبر ليكورنو "غريباً" وجزءاً من حاشية الرئيس، لكن بعد تسعة أشهر، تغيرت الديناميكيات.
عندما قدم بايرو استقالته رسمياً يوم الثلاثاء، لم يعارض خيار ليكورنو، الذي سيجري معه نقل السلطة اليوم الأربعاء، إذ يُشبه هذا الوضع مرور القطار للمرة الثانية أمام رئيس الوزراء الجديد، الذي استغل الفرصة هذه المرة، ليأتي الاختيار في سياق سياسي معقد، حيث تواجه فرنسا جمعية وطنية مشتتة أكثر من أي وقت مضى.
وليكورنو، الذي انتُخب محلياً في مقاطعة أور خلال عهد حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، يُعرف بتأييده للسياسات التقليدية اليمينية، ومع ذلك، يُكلفه ماكرون بمشاورة القوى السياسية في البرلمان لاعتماد ميزانية الدولة وبناء اتفاقات ضرورية للأشهر المقبلة.
البيان الصحفي للإليزيه يوضح أن رئيس الوزراء الجديد لن يُطلب منه إلا "اقتراح" حكومة بعد هذه المناقشات، ما يعكس استراتيجية حذرة لتجنب الصدامات الفورية، بحسب تقدير "لوفيغارو".
ومن الناحية السياسية، يتمتع ليكورنو بسمعة جيدة في الحفاظ على علاقات مع أطراف متنوعة، بما في ذلك حزب التجمع الوطني، إذ أثارت حفلات عشائه مع مارين لوبان وجوردان بارديلا ضجة سابقاً.
داخل المعسكر الرئاسي، يعتمد ليكورنو على حسن نية برونو ريتيللو، رئيس حزب LR، الذي من المرجح أن يحتفظ بمنصبه في الحكومة الجديدة، فالرجلان على وفاق جيد ويتواصلان بانتظام، أما علاقته مع غابرييل أتال، رئيس مجموعة نواب النهضة، فكانت سيئة لفترة طويلة، ما قد يعقد الأمور داخل الحزب الرئاسي.