تقدم المساعدات الأمنية الخارجية لجمهورية أفريقيا الوسطى شعورًا زائفًا بالأمن في بلد هش تنتشر فيه الحركات المتمردة، بينما تتصاعد التحذيرات من تكرار محاولة انقلاب مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة المقررة في ديسمبر/كانون الأول المقبل، بحسب مراقبين.
ومنذ إعادة انتخابه قبل 4 سنوات، عزز رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، فوستين أركانغ تواديرا، مكانته من خلال تحقيق عدد من النجاحات الدبلوماسية والعسكرية.
ورفع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2024، حظر الأسلحة المفروض على قواته المسلحة، ورفعت عملية كيمبرلي تعليقها على صادرات الماس، وهو نظام اعتماد دولي ينظم تجارة الماس الخام.
كما عزز تواديرا مكانته الإقليمية الجديدة عقب تعيينه في عام 2023، ميسرًا للمجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا في الأزمة في الجابون.
أما في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذها تحالف الوطنيين من أجل التغيير بقيادة الرئيس السابق، فرانسوا بوزيزي، في عام 2021، فتم دفع الجماعات المسلحة إلى حدود البلاد من قبل الجيش، بدعم من قوات فاغنر والقوات الرواندية.
ويستغل الرئيس "النصر العسكري" للاتجاه مع حزبه إلى الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية المقررة في ديسمبر/كانون الأول 2025، مع وجود فرصة تاريخية لوضع البلاد على مسار الاستقرار.
غير أنه بالنسبة لتحليل معهد الدراسات الأمنية الجنوب إفريقي، وعلى الرغم من التقدم العسكري، تظل الدولة عاجزة عن تلبية احتياجات السكان، وخاصة في المناطق المهمشة في شمال شرق البلاد، حيث أدت الإحباطات منذ فترة طويلة إلى تأجيج التمردات المسلحة.
ولفت التحليل إلى خطأ الحكومة في أن أولويات السلطات لا تزال تركز على المناطق الأكثر نموًا مثل بانغي، وبدرجة أقل، المنطقة الغربية.
يُضاف إلى ذلك سوء الإدارة الاقتصادية، الذي حدّ من ميزانية الحكومة، والإدارة الغامضة لقطاعي التعدين والنفط، والتي تُندد بها منظمات المجتمع المدني باستمرار، في حين تستفيد من موارد البلاد في المقام الأول دائرة ضيقة من النخب السياسية والأمنية.
في المقابل، أدى اعتماد دستور جديد في يوليو/تموز 2023، يسمح للرئيس بالترشح لولاية ثالثة، إلى إغلاق المشهد السياسي.
ورفضًا لهذا النص، أعلنت المعارضة مقاطعتها لانتخابات ديسمبر، وقد ندّدت بتبعية الهيئة الوطنية للانتخابات والمجلس الدستوري للسلطة، مُعربة عن استيائها من تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
ويزيد من القلق أن تاريخ جمهورية إفريقيا الوسطى، كما هو الحال في العديد من الدول المجاورة، يُظهر أن الجمود السياسي قد يدفع المعارضين المحبطين إلى الاستيلاء على السلطة بالقوة، كما فعل بوزيزي، الذي انضم إلى التمرد بعد رفض ترشيحه وفق المعهد الإفريقي.
كما يشهد جيش جمهورية إفريقيا الوسطى أيضًا توترات قد يستغلها معارضو الحكومة.
ويؤدي سوء تنظيم عمليات التجنيد والتدريب، لا سيما للمتمردين السابقين، إلى جانب نقص الموارد الكافية لتأمين الإمدادات ودفع الرواتب، إلى إضعاف الجيش وإضفاء طابع الميليشيات عليه.
وإدراكًا منها لهذه الثغرات، تعتمد الحكومة على إعادة التشكيل الجيوسياسي؛ فالمشاركة العسكرية لروسيا ورواندا توفر لها الحماية الاستراتيجية والفرصة للعب على المنافسة بين الشركاء الخارجيين لتعزيز موقفها.
وبين عامي 2021 و2022، دفعت علاقات البلاد الوثيقة مع "فاغنر" الروسية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تعليق بعض مساعداتهما في محاولة لكبح جماح هذا التحالف، دون جدوى.
أما اليوم، فقد تحسنت علاقات جمهورية إفريقيا الوسطى مع الغرب، مما سمح لبانغي بالاستفادة من الدعم العسكري الروسي والدعم المالي الغربي.