logo
العالم

2025.. عام السلام بين تركيا والأكراد بعد نصف قرن من الصراع

خلال كلمة لحزب العمال الكردستاني قبيل التخلي عن أسلحتهم ك...المصدر: أ ف ب

شهد العام 2025 الذي قارب على نهايته، أحداثًا سياسية مفصلية في تركيا، ترتبط بمسار تاريخي للسلام ينهي الصراع المسلح بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، ويعتمد بشكل رئيس على تلبية تطلعات أكراد تركيا في الاعتراف الدستوري بوجودهم.

ومرَّ ذلك المسار بمحطات مفصلية خلال العام 2025، بعد نحو نصف قرن من بدء ملامح صراع مسلح، عندما تشكلت نواة حزب العمال الكردستاني في نهاية سبعينيات القرن الماضي، قبل أن يشن مقاتلون تابعون له، أولى هجماتهم في تركيا عام 1984.

وتمثل دعوة الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان، في الـ27 من شباط/فبراير 2025، أبرز محطات مسار السلام المستمر حتى الآن، عندما أطلق نداءً شهيرًا لقادة ومقاتلي حزبه. 

أخبار ذات علاقة

عناصر من حزب العمال الكردستاني

يدعم السلام مع الأكراد.. أحزاب بارزة تدعو لإقرار دستور تركي جديد

وحملت دعوة أوجلان عنوان "نداء من أجل السلام والمجتمع الديمقراطي"، دعا فيه من سجنه القابع فيه منذ عام 1999، حزب العمال الكردستاني إلى حل نفسه ونزع أسلحته والتحول إلى العمل السياسي في إطار قانون ديمقراطي يجري العمل عليه من قبل أنقرة.

وأطلق أوجلان بيانه الشهير ذاك بحضور نواب أكراد في البرلمان التركي، يمثلون حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، والذي ينظر له على أنه امتداد لحزب الشعوب الديمقراطي المنحل، وكلا الحزبين، يحظيان بدعم وتأييد عدد كبير من أكراد تركيا.

ومثل حضور ذاك الوفد البرلماني إلى جزيرة "إيمرالي" ولقاؤه بأوجلان في سجنه، خطوة مفصلية مهمة في مسار السلام بجانب نداء أوجلان الذي لبّى فيه دعوة رئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت بهتشلي، والتي أطلقها يوم الـ22 من تشرين الأول/أكتوبر 2024 من داخل البرلمان. 

أخبار ذات علاقة

من اجتماع لجنة السلام في تركيا

بعد لقاء غامض مع أوجلان.. اجتماع مرتقب في أنقرة يحدد مصير السلام مع الأكراد

وعقب دعوة أوجلان، عقد حزب العمال الكردستاني مؤتمرًا داخليًّا في معقله بجبل قنديل على الحدود العراقية الإيرانية القريبة من حدود تركيا الجنوبية، ليعلن في الـ12 من مايو/أيار، حل نفسه، والبدء بنزع سلاحه.

وفي الـ11 من يوليو/تموز الماضي، ألقت مجموعة تضم 30 مقاتلًا من حزب العمال الكردستاني، أسلحتهم في مراسم رمزية أقيمت عند سفح جبل قنديل بمحافظة السليمانية في شمال العراق، وجرى فيها إحراق أسلحة فردية خفيفة.

ومثل مقطع الفيديو الذي وثق تلك العملية الرمزية، حدثًا تاريخيًّا بعد عقود من الصراع المسلح الذي خلّف عشرات آلاف الضحايا من المدنيين والمقاتلين على حدٍّ سواء، وتسبب في موجات نزوح للمدنيين من مناطق العمليات المسلحة في جنوب شرق تركيا منذ ثمانينيات القرن الماضي.

وفي الـ5 من أغسطس/آب الماضي، شكل البرلمان التركي، لجنة مؤلفة من 11 حزبًا بالبرلمان، بهدف إعداد إطار قانوني يحدد مصير قادة ومقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين سيلقون أسلحتهم، ومَن منهم يستطيع العودة لتركيا والانخراط في الحياة السياسية والاجتماعية فيها. 

أخبار ذات علاقة

أحد اجتماعات لجنة السلام بين تركيا و"العمال الكردستاني"

يحدد مصير القادة والمقاتلين.. أسبوع حاسم في عملية السلام بين أنقرة والأكراد

كما يتضمن ذلك الإطار الذي سيقدم في صيغة اقتراح للبرلمان، تشريعات وقوانين تلبي تطلعات أكراد تركيا في قضايا الاعتراف الدستوري بهم واستخدام اللغة الكردية في التعليم والفضاء العام.

وعملت تلك اللجنة على عقد نحو 20 جلسة نقاش واستماع، ضمت 134 فردًا ومنظمة من المجتمع المدني، يمثلون ذوي ضحايا الصراع، وضباطًا وجنودًا سابقين، وخبراء حل نزاعات دولية، ومحامين، ورجال أعمال، وتعمل الآن على إعداد تقرير لتقديمه للبرلمان في غضون أسابيع قليلة.

وتركت إحدى تلك الجلسات النقاشية في أغسطس/آب الماضي، ردود فعل واسعة، عكست حساسية عملية السلام الجارية وتعقيداتها، عندما اشتكت امرأة كردية تمثل منظمة مدنية، من عدم قدرتها على التعبير عما تريد قوله باللغة التركية، وأن بإمكانها التوضيح بلغتها الأم الكردية.

وعرض نواب أكراد في الجلسة يومها، الترجمة الفورية لِما ستقوله المرأة، لكن رئيس اللجنة ورئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، طلب منها الحديث بالتركية لتدوين خطابها في محضر الاجتماع، رغم إلقائها جزءًا من كلمتها التي دعت فيها للسلام، بلغتها الأم.

وبينما كانت اللجنة البرلمانية تعقد جلسات النقاش تلك، كشف حزب العمال الكردستاني في الـ26 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن خطوة تاريخية في الصراع، وأعلن سحب جميع مسلحيه من الأراضي التركية إلى معاقله الجبلية في شمال العراق.

ووثّق الحزب تلك الخطوة أيضًا بفعالية مصورة، حيث ظهرت مجموعة مقاتلين حاملين للسلاح، عادوا من داخل الأراضي التركية، بينما ألقى ممثلون للحزب كلمتين باللغتين، الكردية والتركية. 

أخبار ذات علاقة

اجتماعات لجنة السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني

تركيا بين السلاح والسياسة.. اختبار جديد لعملية السلام مع الأكراد

وفي الـ17 من تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم، كشف حزب العمال الكردستاني، عن خطوة أخرى، وأعلن عن سحب مقاتليه من مواقع في منطقة "زاب" الحدودية الإستراتيجية بشمال العراق، تجنبًا لأي اشتباكات محتملة مع القوات التركية والتأثير في عملية السلام.

وفي الشهر ذاته، زار وفد من لجنة السلام البرلمانية، عبدالله أوجلان في سجنه، واستمع لتصوراته حول عملية السلام الجارية والخطوات الواجب اتخاذها للتغلب على العقبات التي تعيق استمرار العملية.

وجرى ذلك اللقاء يوم الـ24 من تشرين الثاني/نوفمبر، وشارك فيه ثلاثة نواب يمثلون حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحليفه حزب الحركة القومية، بجانب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، فيما امتنعت باقي الأحزاب عن إرسال ممثلين عنها، بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري الذي يعد أكبر ممثل للمعارضة التركية.

وشكلت تلك الخطوة محطة مفصلية في عملية السلام، وجاءت بعد نقاشات واسعة وتردد من قبل أنقرة التي لا تزال تصف أوجلان بـ "الإرهابي"، وتصنف حزبه "منظمة إرهابية".

كما جاءت تلك الخطوة بعد مطالب متكررة من قادة حزب العمال الكردستاني الذين هددوا بالتوقف عن اتخاذ أي خطوة جديدة في مسار السلام، ما لم يمنح زعيمهم أوجلان دورًا أكبر في مفاوضات السلام وتلتقيه لجنة من البرلمان.

وتشهد تركيا حاليًّا نقاشات سياسية واسعة حول الإطار القانوني الذي سيُقدم للبرلمان، وسط تباين في وجهات نظر الأحزاب السياسية حول قضايا رئيسية، وبينها مصير مقاتلي حزب العمال الكردستاني وإمكانية سجنهم أو العفو عنهم، وحدود استخدام اللغة التركية في التعليم والفضاء العام.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC