logo
العالم

حزب العدالة والتنمية يخسر حليفا بارزا أسهم في فوز أردوغان

رئيس حزب "الرفاه من جديد" التركي فاتح أربكان

تتزايد المؤشرات في الساحة السياسية التركية على إجراء البلاد انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة قبل موعدها المقرر في عام 2028، لكن بتحالفات جديدة غير تلك التي جرت عام 2023، وفاز فيها بالرئاسة رجب طيب أردوغان.

إذ تريد أحزاب المعارضة، وبينها حزب "الرفاه من جديد" الذي تحالف مع أردوغان في انتخابات 2023 ثم عارض سياساته بعدها، إجراء انتخابات مبكرة بدافع الاستفادة من شعبيتها وتقدمها في استطلاعات الرأي، كما تقول.

أخبار ذات علاقة

إرسين تتار يتحدث إلى وسائل الإعلام

حليف أردوغان.. إرسين تتار يخسر انتخابات "شمال قبرص"

كما تتيح الانتخابات المبكرة للرئيس أردوغان الترشح لدورة انتخابية جديدة، إذ لا يستطيع خوضها في نهاية فترته الحالية الثانية وفق الدستور الجديد الذي تم إقراره عام 2017، ويحدد فترة الرئاسة بدورتين فقط.

غير أن أحدث خطاب لرئيس حزب "الرفاه من جديد"، فاتح أربكان، كشف عن صعوبة تحالفه مجددًا مع أردوغان بعد أن ساهم حزبه الإسلامي المحافظ والصاعد في كسب التحالف الحاكم مقعد الرئاسة عندما حصد أردوغان أكثر من 52% من إجمالي الأصوات، مقابل أقل من 48% لمنافسه كمال كليجدار أوغلو.

ووقف أربكان أمام حشدٍ كبيرٍ من أنصار حزبه في إسطنبول، يوم الأحد الماضي، مشيرًا إلى تلك الحقبة من التحالف، الذي قال إنه تم على أساس 30 بندًا تتعلق بالسياسة والاقتصاد في تركيا، ولم يُلتزم بها من قبل الحكومة.

الدعوة لانتخابات مبكرة

كشف أربكان في عدة خطابات بالأيام الماضية أن حزبه من المؤيدين بشدة لإجراء انتخابات مبكرة، بينما يبني تحالفات بعيدة عن الحزب الحاكم في هذه المرحلة من حياة حزبه الذي تأسس عام 2018، ويعيش أفضل فتراته منذ ثلاث سنوات.

وقال أربكان يوم الجمعة الماضي من مدينة إزمير: "أقول بصوت عالٍ إن هذه الحكومة لم يعد لديها ما تقدمه للأمة. أعظم خدمة يمكن أن تقدمها لهذه الأمة هي وضع صناديق الاقتراع أمام الشعب عام 2026، وإجراء انتخابات مبكرة".

وأضاف: "ما تم إنجازه على مدار العشرين عامًا الماضية واضح. بعد الانتقال إلى النظام الرئاسي وتولي جميع السلطات، إذا بقيتم في السلطة، فإن إجراءاتكم للسنوات الثلاث القادمة مذكورة بوضوح في البرنامج متوسط المدى. لا تعدون الشعب إلا بالديون والفوائد ورفع الأسعار والضرائب. لذا، حان وقت رحيلكم".

خلاف سياسي عميق

ينتمي حزب "الرفاه من جديد" إلى الجذور الإسلامية المحافظة التي انطلق منها حزب العدالة والتنمية عام 2001، والذي يواجه انتقادات بالتخلي عنها لصالح تحالفه مع حزب الحركة القومية منذ عام 2017، وتبني نهج اقتصادي يخدم رجال الأعمال على حساب الطبقة المتوسطة والفقيرة التي دعمته طوال ربع قرن.

وكشف أربكان في خطاب إسطنبول عن تفاصيل الخلاف العميق الذي لم يستجب أردوغان لحله، وقال موجهًا خطابه للحكومة: "نحن نحذركم لإنقاذ دنياكم وآخرتكم، لأننا نعلم أن الطريق الذي تسلكونه خاطئ".

وأشار أربكان إلى الدعم الذي قدمه حزبه لحكومة حزب العدالة والتنمية في عام 2023، مشيرًا إلى أنه اشترط بروتوكولًا من 30 مادة مقابل دعم الحزب الحاكم، وقال: "تذكروا هذه النقاط الثلاثين".

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

وتابع: "هل طلبنا منصبًا أو مقعدًا؟ هل طلبنا مناقصة؟ لا، كل ما طلبناه كان من أجل الوطن. طلبنا العدالة في التوزيع، والعدالة في الإدارة، والعدالة في القضاء. طلبنا الإنتاج والتنمية والازدهار. طلبنا الأخلاق والروحانية أولًا. قلنا: أنشئوا ميزانية متوازنة، واخدموا هذه الأمة النبيلة، لا جماعات الضغط ذات المصالح".

وأورد أربكان تفاصيل دقيقة عن الملف الاقتصادي وعمل الحكومة، منتقدًا إياها بالقول: "هذه الحكومة حاضرة عندما تأخذ من الشعب، وغائبة عندما تُعطي". قبل أن ينتقل إلى الملف السياسي وينتقد تعامل الحكومة مع حرب غزة، التي قال إنها "حاضرة في الحديث عن غزة، وغائبة عن الفعل لأجلها"، مشيرًا إلى استمرار "شحن النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل عبر خط أنابيب باكو-جيهان".

حزب صاعد

تمثل خسارة الحزب الحاكم لتحالفه مع حزب "الرفاه من جديد" مكسبًا كبيرًا لحزب الشعب الجمهوري المعارض، الذي يعوّل على الشعبية المتزايدة لأربكان وحزبه في تشكيل تحالف قوي في الانتخابات الرئاسية التي يعد من أبرز الداعين لها.

ورغم حداثة تشكيله، حصل حزب "الرفاه من جديد" في انتخابات 2023 الرئاسية والبرلمانية على 2.9% من الأصوات على مستوى البلاد، إلى جانب خمسة مقاعد في البرلمان.

وفي العام التالي، شارك بشكل مستقل في الانتخابات المحلية، وحلّ ثالثًا بعد تحالفي المعارضة والحكومة بحصوله على 6.2% من الأصوات، متقدمًا بشكل مفاجئ على حزب "الجيد" (القومي التركي). وقد فاز ببلديتين، هما "يوزغات" و"شانلي أورفا" على مستوى المحافظات التركية، كما فاز بعدة بلديات فرعية أخرى، وحلّ ثانيًا في مدن مهمة مثل "قونيا".

منافس الحزب الحاكم

يشكل حزب "الرفاه من جديد" تهديدًا سياسيًا لحزب العدالة والتنمية الحاكم بسبب طبيعة الناخبين الذين يستهدفهم في خطاباته وخططه وبرامجه الانتخابية، إذ يُصنف الحزبان ضمن التيار الإسلامي المحافظ.

وفي حين يواجه الحزب الحاكم تراجعًا في الشعبية انعكس في انتخابات 2024 المحلية، التي مني فيها بأكبر خسارة لحكم البلديات، لا سيما بلديات المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة لصالح حزب الشعب الجمهوري (العلماني)، فإن جزءًا من تلك الخسارة يعود إلى ذهاب أصوات ناخبيه إلى الحزب المحافظ البديل، كما يُنظر إلى "الرفاه من جديد" في تركيا.

ويعقد حزب "الرفاه من جديد" هذه الأيام مؤتمرات فرعية في المدن تمهيدًا لمؤتمر عام في أنقرة الشهر المقبل، يحمل معه الكثير من الطموحات التي عبّر عنها أربكان بالقول: "سنزيد عدد أعضائنا من 652 ألفًا إلى هدفنا المتمثل في مليون عضو. لا يناسبنا أن نكون الحزب الثالث. سنكون الحزب الأول. إن شاء الله، سنصل إلى السلطة".

سيناريوهات الفترة المقبلة

تدور توقعات السياسيين الأتراك حول موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة بين ربيع العام المقبل 2026 وحتى العام الذي يليه 2027، فيما يطالب زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، بتنظيم تلك الانتخابات الشهر المقبل.

وفي المقابل، تقول الحكومة ورئيسها أردوغان في عدة مناسبات إنها متمسكة بالموعد المقرر في 2028، لكن رئيس حزب السعادة (الإسلامي المحافظ)، محمود أريكان، قال الأسبوع الماضي في تصريحات لافتة: "يبدو أن الانتخابات ستُجرى عام 2027. أعتقد أن العديد من التوازنات السياسية ستتغير بحلول عام 2027".

ولا يُتوقع أن يتصدر حزب "الرفاه من جديد" تلك الانتخابات بسبب طبيعته الإسلامية المحافظة مقارنة بالنهج الاقتصادي الليبرالي الذي يتبناه الحزب الحاكم، والذي يلقى تأييدًا في تركيا، بينما يخوض برنامج إصلاح وتقشف أسهم في تراجع معدلات التضخم بالفعل.

لكن الحزب الذي يشكل امتدادًا لمبادئ السياسي التركي الراحل نجم الدين أربكان، الذي ترعرع أردوغان سياسيًا على يديه قبل أن ينشق ويؤسس حزب العدالة والتنمية، بات لاعبًا مهمًا في الحياة السياسية التركية، بعيدًا عن التحالف مع الحزب الحاكم، وقريبًا من طبقة المحافظين المتوسطة والفقيرة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC