logo
العالم

يدعم السلام مع الأكراد.. أحزاب بارزة تدعو لإقرار دستور تركي جديد

عناصر من حزب العمال الكردستانيالمصدر: رويترز

يشهد النقاش السياسي الواسع الذي تخوض فيه الأحزاب التركية الكبرى، هذه الأيام، دعوات جريئة وغير مسبوقة حول إقرار قوانين وتشريعات جديدة تدعم عملية السلام الجارية بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.

وتصل تلك الدعوات عند أحزاب قومية، أنصارها من أكراد أو أتراك، البلاد، إلى حد سن دستور جديد بالكامل، يطال التغيير فيه حتى المواد الأربع الأولى من الدستور الحالي الذي يحدد هوية البلاد ولغتها وعَلمها ويمنع تغييرها.

أخبار ذات علاقة

مقاتلون من حزب العمال الكردستاني

عفو مشروط ينتظر مقاتلي "العمال الكردستاني" في تركيا.. هل يلقى استجابة؟

وتستهدف عملية السلام التي مرَّ أكثر من عام على انطلاقها، حل حزب العمال الكردستاني والمنظمات المسلحة المرتبطة به، وإلقاء مقاتليه للسلاح، بعد أكثر من 40 عامًا من الصراع الدامي الذي خلّف عشرات آلاف الضحايا العسكريين والمدنيين من الطرفين.

وعلى الجانب الآخر، تشمل عملية السلام إقرار قوانين وتشريعات وحتى دستور جديد يلبي تطلعات أكراد تركيا في العدالة والمساواة والاعتراف الدستوري، بجانب انخراط أعضاء حزب العمال الكردستاني الذين سيعودون لتركيا في الحياة السياسية.

مطالب كردية جريئة

ألقى الرئيس المشترك لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، "تونجر باكيرهان" خطابًا في البرلمان، الأسبوع الماضي، خلال نقاشات إقرار ميزانية العام المقبل، لكنه سرعان ما تحول حديثه من الاقتصاد للسياسة.

وقال باكيرهان الذي يحتل حزبه المرتبة الثالثة في البرلمان من حيث التمثيل، ويعد أكبر ممثل لأكراد تركيا: "لسنوات طويلة، صُنفت القضية الكردية في إطار الإرهاب، القضية الكردية تتعلق بالمساواة في المواطنة، والحقوق الديمقراطية، وسيادة القانون".

وأضاف باكيرهان في خطابه: "أن الاعتراف بحقوق الأكراد ممكن في ظل دولة موحدة. لقد تم التعامل مع القضية الكردية بعقلية العُقدة لسنوات؛ ما أدى إلى خيبة أمل. فلنعمل الآن على إرساء السلام بعقلية تركز على الحلول".

وتابع "لقد أُعلنت الجمهورية، لكنها ظلت ناقصة. يمكننا استكمال ذلك بإضافة القضية الكردية إلى شرعية الجمهورية. يمكننا استخدام لغة تتجاوز الهويات في الدستور. يمكننا ضمان التعليم باللغة الأم. يمكننا تعزيز الانسجام الاجتماعي بقوانين الاندماج الديمقراطي. يمكننا حل التوترات الطبقية بقانون سلام".

اندفاع تركي

قوبلت تلك الدعوة الجريئة التي تمثل جزءًا من تطلعات أكراد تركيا بتصفيق من قبل زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، الذي كان يستمع لخطاب باكيرهان، وبدا مؤيدًا له، في تأكيد جديد من الحزب المصنف بين أحزاب اليمين، على دعمه لعملية السلام.

وذهب النائب عن الحزب، فيتي يلدز، لأبعد من ذلك، عندما اعتبر أن مفهوم البقاء في تركيا متجذر بوضوح في المواد الأربع الأولى من دستور عام 1982 (الدستور الحالي)، قبل أن يقول إنَّ حصر مفهوم البقاء في الإجراءات العسكرية وحدها لا يُعد كافيًا.

وربط يلدز، وهو محامٍ بارز، في مقال على حسابه في "إكس"، بقاء الجمهورية والأمة التركية على حد قوله، بالتضامن الاجتماعي، والاستقرار الاقتصادي، والشرعية الديمقراطية، ودعا لعدم قصر مفهوم البقاء ذاك على القوة العسكرية والأمنية.

وقال يلدز إن نجاح مكافحة الإرهاب الذي يشكل تهديدًا لبقاء تركيا، لا يتحدد فقط بالقضاء على المنظمات الإرهابية، بل أيضًا بترسيخ الثقة القوية في العلاقات بين المواطنين والدولة.

وكان يلدز أحد ثلاثة نواب في البرلمان التركي، قابلوا الشهر الماضي، الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان في سجنه القابع فيه منذ 26 عامًا قرب "إسطنبول"، في خطوة تاريخية هدفت إلى دفع عملية السلام.

ولم يشارك حزب الشعب الجمهوري، وهو أكبر أحزاب المعارضة التركية، في الوفد البرلماني الذي قابل أوجلان، لكن زعيمه أوغور أوزيل يؤيد عملية السلام الجارية، وكشف في مقابلة تلفزيونية جديدة، عن دعم حزبه لتعلم الأكراد لغتهم الأم إلى جانب اللغة التركية في إطار مبدأ "المواطنة المتساوية".

عقد المواطنة المتساوية

قدمت عدة أحزاب تركية، بينها حزب العدالة والتنمية الحاكم، في الأيام القليلة الماضية، تقارير مطولة عن نظرتها واقتراحاتها لعملية السلام بعد أكثر من عام على نقاشات سياسية واسعة شاركت فيها منظمات تمثل ذوي ضحايا الصراع، وكذلك ضباط وجنود سابقون، ومحامون، ورجال أعمال، وخبراء حل نزاعات دولية.

ومن المقرر أن يُعد البرلمان إطارًا قانونيًّا يحدد فيه مصير ضباط وقادة حزب العمال الكردستاني الذين يمكنهم العودة لتركيا والانخراط في الحياة فيها، ومَن منهم تجب محاكمته، ومصير أوجلان، بالتزامن مع تشريعات تتعلق بتطلعات أكراد تركيا.

وقطع الطرفان مراحل في المفاوضات حتى الآن، فقد أعلن حزب العمال الكردستاني في خطوات متتابعة حل نفسه وألقت مجموعة مقاتلين سلاحها في مراسم رمزية قرب مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق، وأعلن الحزب سحب مقاتليه من الأراضي التركية ومن مناطق حدودية.

ولا يزال الخلاف قائمًا حول مصير قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، وتريد اندماجها في الجيش السوري، ويمثل ذلك الخلاف، العقبة الرئيسية في عملية السلام.

لكن حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، نظم الأسبوع الماضي في إسطنبول مؤتمرًا للسلام، شاركت فيه إلهام أحمد، القيادية البارزة في الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، والتي تنضوي "قسد" تحتها، عبر تقنية الفيديو بعد أن رفضت الحكومة التركية طلب المنظمين بحضورها الشخصي ووافقت على مشاركتها عن بعد.

وقال المؤتمر في ختام أعماله:" إن تركيا بحاجة إلى عقد اجتماعي ديمقراطي جديد يشمل جميع الشعوب والمعتقدات والهويات على أساس المواطنة المتساوية، وإصلاح النظام القانوني، وأن عقدًا اجتماعيًّا لا يستثني أي فئة من فئات المجتمع من شأنه أن يقضي تمامًا على أرضية العنف في تركيا، وفق البيان الختامي.

 

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC