رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي

logo
العالم

الأمن الأوروبي على المحك.. كيف تعيد أمريكا نشر قواتها حول العالم؟

القوات الأمريكيةالمصدر: رويترز

قرَّرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف برامج الدعم الأمني الموجهة لأوروبا، بما في ذلك المبادرات التي كانت تهدف إلى تعزيز الجبهة الشرقية للقارة ضد أي تهديد روسي محتمل، في خطوة مفاجئة أثارت قلقًا واسعًا في العواصم الأوروبية، وأثارت استياء المشرعين الأمريكيين الذين يدعمون الناتو بقوة.

وبحسب "واشنطن بوست"، فإن القرار الذي يؤثر على مئات الملايين من الدولارات في صورة مساعدات عسكرية، وضع  حلفاء الناتو أمام سؤالٍ جوهري "هل ما زال بإمكانهم الاعتماد على واشنطن كحائط صدٍّ أول ضد موسكو؟".

أخبار ذات علاقة

قوات أمريكية في سوريا

إعادة جدولة.. الفوضى الأمنية في سوريا تعرقل انسحاب القوات الأمريكية

 وتكشف الصحيفة الأمريكية أن هذه الخطوة جاءت في وقت كانت فيه دول البلطيق — إستونيا ولاتفيا وليتوانيا — ترفع إنفاقها الدفاعي إلى مستويات غير مسبوقة، لكنها تظل بحاجة إلى دعم الولايات المتحدة لتعويض محدودية مواردها الاقتصادية؛ فهذه الدول الصغيرة، التي تلاصق روسيا جغرافيًا، لا ترى في المساعدة الأمريكية تمويلًا لبناء قدراتها العسكرية فحسب، بل هو رمز لالتزام واشنطن بالدفاع عن أمنها، ولردْع أي مغامرة روسية محتملة.

ولكن خلف هذه التطورات، يكمن بُعدٌ آخر لم يُسلَّط عليه الضوء بالقدر الكافي "واشنطن لم تتخذ قرارها من فراغ، بل ضمن إعادة أوسع لترتيب أولوياتها الاستراتيجية على مستوى العالم". 

وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في البنتاغون، مثل إليبريدج كولبي، أكدوا أن الولايات المتحدة لا تستطيع الاستمرار في الإنفاق بنفس المستوى على أمن أوروبا بينما تتصاعد التحديات العسكرية في المحيط الهادئ حيث تواصل الصين تعزيز قوتها العسكرية بوتيرة متسارعة.

أخبار ذات علاقة

قوات أمريكية في العراق

مع تصاعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. تأجيل انسحاب القوات الأمريكية من العراق

 وجاء في السياق أنه بالنسبة لترامب، وكذلك لفريقه، فإن المواجهة مع بكين واستثمار الموارد في حماية الحدود الأمريكية، يأتيان في مقدمة الأولويات، حتى لو كان الثمن تقليص الالتزامات التاريخية في أوروبا.

ولذلك برَّر البيت الأبيض هذا القرار بأنه "منسَّق مع الأوروبيين" ويتماشى مع أوامر ترامب التنفيذية لإعادة تقييم المساعدات الخارجية، مضيفًا في بيانٍ رسمي أن أوروبا باتت "تتحمَّل المزيد من المسؤولية عن دفاعها"، معتبرًا أن الخطوة لا تعني انسحابًا كاملاً بقدر ما تعكس تغييرًا في الأدوار.

لكن ورغم هذه التطمينات، كان وقع القرار ثقيلاً على الحلفاء؛ إذ وصف أحد المسؤولين الأوروبيين الأمر بقلق قائلاً: "الروس يهتمون فقط بالدولار الأمريكي، والجنود الأمريكيين، والعلم الأمريكي"، في إشارةٍ إلى أن أيّ تراجع أمريكي قد يُفهم في موسكو كإشارة ضعف.

وتكشف مصادر مطّلعة أن رد الفعل داخل الولايات المتحدة، لم يكُن أكثر وضوحًا؛ إذ يحظى كلٌّ من الناتو وأوكرانيا في الكونغرس بدعمٍ واسع من الحزبين، وعبّر المشرعون عن ارتباكهم، كما أن مساعدين برلمانيين أكدوا أنهم لم يتلقّوا أيَّ إحاطة كاملة من وزارة الدفاع بشأن حجم الأموال المتأثرة بالقرار وما إذا كان التمويل الموجَّه لأوكرانيا ضمنها، وهذا الغموض أثار مخاوف من أن تكون الإدارة بصدد إعادة برمجة الأموال دون رقابةٍ كافية من الكونغرس.

أخبار ذات علاقة

فولوديمير زيلينسكي وأورسولا فون دير لاين

تحفظ ألماني واندفاع بولندي.. أوروبا تقترب من الزحف البري نحو أوكرانيا

 من جهة أخرى، تبرز من بين البرامج التي طالتها القرارات، مبادرة الأمن البلطيقي، التي أُطلِقَت عام 2018، وسرعان ما تضاعف حجمها لتصبح أداة رئيسية لدعم البنية العسكرية والتدريب في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وهذه المبادرة لم تكُن مجرّد تمويل تقني، بل كانت بمثابة إشارة رمزية قوية من واشنطن بأنها تقف إلى جانب هذه الدول في مواجهة التهديد الروسي.

على صعيد متصل، يرى الخبراء أن إدارة ترامب فيما يتعلّق بالبعد العسكري أرسلت إشارات متناقضة؛ ففي يوليو، التقى وزير الدفاع بيت هيغسيث قادة دول البلطيق وأشاد بجهودهم في زيادة الإنفاق الدفاعي، لكنه في الوقت نفسه كان يراقب خطط مكتبه لإنهاء برامج الدعم، وبينما أكَّد ترامب أن القوات الأمريكية لن تُسحب من بولندا — الحليف القوي للبلطيق — أشار أيضًا إلى احتمال تقليص الوجود الأمريكي في أماكن أخرى بأوروبا.

ويُسلِّط مطّلعون الضوء على أن هذا التناقض يعكس الصراع الداخلي بين اتجاهين داخل واشنطن، الأول يرى أن أمن أوروبا لا يزال مرتبطًا ارتباطًا مباشرًا بالأمن القومي الأمريكي، بينما يؤكّد الثاني أن الموارد المحدودة يجب أن تُوجَّه إلى آسيا وأمن الداخل، وبالنسبة للأوروبيين، هذه الرسائل المربكة تجعل من الصعب التنبؤ بمسار السياسة الأمريكية المقبلة.

أخبار ذات علاقة

كارول ناوروكي وترامب

"ستار حديدي" ضد روسيا.. بولندا ركيزة استراتيجية لترامب في أوروبا

 أما في أروقة الكونغرس، فمن المرجّح أن هذه المخاوف تمتد إلى ما هو أبعد من أوروبا؛ فبعض المشرعين يخشون أن تكون الإدارة بصدد خلق سابقة تسمح للبنتاغون بإعادة توجيه الأموال دون رقابة تشريعية، وهو ما قد يفتح الباب أمام تآكل الثقة بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، وبالفعل، هناك حديث متزايد حول إدراج حماية هذه البرامج في مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني، سيُطرح قريبًا للتصويت الكامل في كلٍّ من المجلسَين؛ لضمان استمرارها حتى لو رغبَت الإدارة في تقليصها.

في النهاية، لا يبدو أن السؤال المطروح يتعلَّق بمصير المساعدات الأمنية لأوروبا فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى جوهر السياسة الخارجية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين؛ فهل تستطيع واشنطن أن تبقى القوة الضامنة لأمن أوروبا، بينما تواجِه في الوقت نفسه صعود الصين وتتصدى للتحديات الداخلية؟، قرار إدارة ترامب بوقف برامج الدعم لا يجيب عن هذا السؤال بقدر ما يفتح بابًا واسعًا للجدل، في بروكسل وواشنطن على حدٍّ سواء، حول مَن سيدفع الثمن إذا أعادت أمريكا تموضع قواتها عالميًا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC