يسعى الرئيس البولندي، كارول ناوروكي، إلى تعزيز مكانة بلاده كحليف رئيس للولايات المتحدة في عهد الرئيس، دونالد ترامب، مع تركيز واضح على مواجهة النفوذ الروسي في أوروبا.
وبعد أربعة أشهر فقط من لقائهما الأول، عاد ناوروكي إلى البيت الأبيض، ليس كمرشح سياسي، بل كرئيس لبولندا، حاملاً رؤية لعلاقة استراتيجية وثيقة قد تجعل وارسو محوراً أساسياً للسياسة الأمريكية في القارة الأوروبية.
وبحسب تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست"، فإن التحالف المتنامي يعكس طموح بولندا لتكون "ستاراً حديدياً" جديداً ضد روسيا، مستفيدة من دعم ترامب لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي وتوسيع التعاون الاقتصادي، لا سيما في قطاع الطاقة.
أثبتت بولندا، منذ بدء الحرب على أوكرانيا عام 2022، أنها قوة ديمقراطية ناضجة وقادرة على تحمل الضغوط الإقليمية، فقد قدّمت وارسو دعماً عسكرياً كبيراً لكييف، وضغطت على حلفائها الأوروبيين لتقديم المزيد من المساعدات، فيما فتحت أبوابها لاستقبال ملايين اللاجئين الأوكرانيين.
وعزّز هذا التضامن صورتها في واشنطن كحليف موثوق، يتمتع بالقدرة على مواجهة التحديات الأمنية الأوروبية الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية. وفي لقائه الأخير مع ترامب، أكد ناوروكي التزامه بدعم أوكرانيا، معبّراً عن عدم ثقته بالنظام الروسي، وهو موقف يتردد صداه في دول البلطيق ووسط أوروبا.
وكان أحد أبرز مخرجات اللقاء بين ترامب وناوروكي، هو التزام الولايات المتحدة بالحفاظ على وجودها العسكري في بولندا، مع إشارات إلى إمكانية زيادته.
ووفق "ناشيونال إنترست"، فإن هذا الهدف يعدّ محورياً في السياسة الخارجية البولندية منذ نهاية الحرب الباردة، حيث ترى وارسو أن القوات الأمريكية هي الرادع الأقوى ضد أي تهديد روسي محتمل.
كما يأتي هذا الالتزام في وقت يسود فيه عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا، مما يجعل بولندا مركزاً استراتيجياً لتعزيز الأمن في وسط وشرق القارة.
في مجال الطاقة، تسعى بولندا لتكون مركزاً لتوزيع الغاز الطبيعي المسال الأمريكي في أوروبا الوسطى والشرقية، عبر إحياء مبادرة البحار الثلاثة، وخلال ولايته الأولى، روّج ترامب للغاز الطبيعي المسال كبديل للروسي، وهو ما عززته زيادة صادرات الغاز إلى أوروبا بنسبة 141% بعد حرب 2022.
وتمثل الولايات المتحدة المورد الرئيس للغاز الطبيعي المسال للاتحاد الأوروبي بنسبة 55% من الواردات، بفضل اتفاقية تجارية حديثة، سيشتري الاتحاد الأوروبي موارد طاقة أمريكية بقيمة تفوق 250 مليار دولار سنوياً خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وبولندا، ببنيتها التحتية المتطورة، تطمح لتكون مركزاً لهذا التدفق، مما يعزز أمن الطاقة الأوروبي، ويحدّ من الاعتماد على روسيا.
وكان ترامب قد وصف العلاقة مع بولندا بأنها "مميزة للغاية"، مستحضراً نموذج الشراكة الأمريكية البريطانية، ووفق تقرير "ناشيونال إنترست"، فإن هذا التصريح ليس مجرد خطاب دبلوماسي، بل يعكس طموحاً لبناء تحالف وثيق يعزز مكانة بولندا كحليف نموذجي في الناتو.
ومع استثماراتها الدفاعية الكبيرة، تسير بولندا لامتلاك ثالث أكبر جيش في الحلف، مما يجعلها ركيزة أساسية في استراتيجية "السلام من خلال القوة" التي يتبناها ترامب، إذ عزّزت زيارة وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، إلى وارسو في فبراير الماضي هذا التوجه، مؤكدة التزام واشنطن بتعزيز التعاون الدفاعي.