logo
العالم

في بولندا.. لماذا يُقلق وصول رئيس مؤيد لترامب قصر الإليزيه؟

في بولندا.. لماذا يُقلق وصول رئيس مؤيد لترامب قصر الإليزيه؟
الرئيس البولندي كارول نافروتسكيالمصدر: رويترز
31 أغسطس 2025، 12:07 م

تولى المحافظ كارول نافروتسكي منصب الرئيس البولندي في السادس من آب/ أغسطس، وهو حدث يتابعه عن كثب قصر الإليزيه في فرنسا، خاصة بعد توقيع معاهدة نانسي في أيار/ مايو الماضي التي عززت التقارب بين باريس ووارسو.

في ساحة ستانيسلاف، سار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك على السجادة الحمراء، محاطين بالحرس الجمهوري، لتوقيع معاهدة صداقة تاريخية بين البلدين. 

أخبار ذات علاقة

زعماء أوروبا وزيلينسكي

بولندا: يجب على "تحالف الراغبين" زيادة الضغط على روسيا

وبحسب مجلة "لكسبريس" الفرنسية، فإن هذه المعادلة، لم تكن رمزية فقط، بل فتحت الطريق أمام تعزيز التعاون الثنائي، في وقت يبدو فيه الالتزام الأمريكي بأوروبا غير ثابت. 

ويأمل ماكرون في زيادة النفوذ الفرنسي في المنطقة الاستراتيجية، بينما يسعى توسك، العائد إلى السلطة في 2023 بعد ثماني سنوات من الحكم الوطني المحافظ، إلى تثبيت مكانة بولندا كقوة مؤثرة في أوروبا.

لكن فوز النافذ الوطني كارول نافروتسكي بالانتخابات الرئاسية البولندية، شكل صدمة لمعسكر توسك المؤيد لأوروبا، وبعد تنصيبه في السادس من أغسطس، بدأت التكهنات حول إمكانية حدوث صراع سياسي، شلل حكومي، أو حتى سقوط الحكومة المبكر.

على الصعيد الدولي، وبالرغم من صلاحياته المحدودة، قد يكون الرئيس البولندي شريكًا صعبًا. نافروتسكي، المنتقد للتكامل الأوروبي، ركز على تعزيز العلاقات الخاصة مع البيت الأبيض. 

ففي مايو الماضي، عندما كان مجرد مرشح، التقى بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المكتب البيضاوي، ثم أبدت كريستي نويم، وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية، إعجابها به خلال زيارة لبولندا، واصفة إياه بأنه "سيكون رئيسًا رائعًا".

في المقابل، بعث ماكرون التهاني لنافروتسكي، ودعاه إلى "بناء أوروبا تحترم دولة القانون"، في إشارة مباشرة إلى تآكل استقلال القضاء خلال ثماني سنوات من حكم حزب القانون والعدالة (PiS) المحافظ، الداعم الرئيسي لنافروتسكي. 

وقد اعتبر بعض نواب الحزب، مثل كاسبَر بلازنسكي، أن هذه التصريحات لم تساعد على خلق جو إيجابي، مقترحًا أن يركز قصر الإليزيه على التاريخ المشترك، خصوصًا وأن نافروتسكي مؤرخ في الأصل.

وتُعتبر مصالح فرنسا في بولندا كثيرة. فبموجب معاهدة نانسي، تجدد باريس التزامها بحماية وارسو في حال تعرضها لأي عدوان، ضمن إطار اتفاقيات الدفاع التابعة لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، لكنها تأمل أيضًا في الحصول على عقود دفاعية.

وتستهدف الصناعات الدفاعية الفرنسية السوق البولندية بشكل خاص، إذ إن بولندا تخصص 4.7% من ناتجها المحلي الإجمالي للنفقات العسكرية.

حتى الآن، ذهبت أكبر الصفقات إلى شركات أمريكية وكورية جنوبية، أحيانًا على حساب فرنسا. ففي 2016، ألغت الحكومة الوطنية المحافظة عقد شراء 50 مروحية من نوع كاراكال من شركة إيرباص لصالح منافسين أمريكيين. ومع ذلك، تم شراء قمرين صناعيين فرنسيين في ديسمبر 2022، خلال فترة تولي نافروتسكي منصب وزير الدولة في وزارة الدفاع، ما يثبت وجود فرص للشركات الفرنسية المستقبلية، مثل صفقات الطائرات المزوِّدة بالوقود والفرقاطات.

"بولندا أولاً"

يواصل نافروتسكي وحلفاؤه المؤيدون لترامب الإشادة بالرئيس الأمريكي، معتبرين أن سياساته الدفاعية كانت فعّالة، مثل فرض عقوبات على خط أنابيب نورد ستريم وزيادة عدد القوات الأمريكية في بولندا.

ويتوقع مراقبون أن يتبع نافروتسكي شعاره الانتخابي "بولندا أولاً" في جميع المجالات، بينما ستعتمد باريس على نفوذها في بروكسل للحد من تهديدات تتعلق بإصلاحات دولة القانون. كما قد يُطلب من فرنسا زيادة تواجدها العسكري على الجناح الشرقي للناتو، عبر تعزيز القوات في بولندا.

محور الطاقة النووية

يتعلق أحد الملاحق المهمة لمعاهدة نانسي بالتعاون في المجال النووي المدني. بعد تقليص الاعتماد على الغاز الروسي، عادت بولندا إلى برامج الطاقة النووية في 2020، وفي 2022 اختارت الحكومة البولندية بناء أول محطة نووية أمريكية، في خطوة جيوسياسية لتعزيز حضور واشنطن.

الاهتمام الآن منصب على اختيار شريك لبناء المحطة الثانية، المقرر الإعلان عنه منتصف 2027. تأمل شركة EDF الفرنسية في أن تختار بولندا التنويع، خصوصًا في مواجهة الضغوط الأمريكية، مع متابعة نافروتسكي الدقيقة للملف، خصوصًا فيما يتعلق بتواريخ التشغيل والتكلفة وجودة التكنولوجيا ومشاركة الشركات المحلية.

كما أن نافروتسكي قد يستخدم حق النقض للتأثير على قوانين الطاقة الخضراء، مثل مشاريع الرياح البرية، حيث تشارك شركات فرنسية. ومع ذلك، يتفق الخبراء على أن التعاون الفرنسي البولندي يبقى ممكنًا في مجالات الدفاع والطاقة والزراعة والبيوجاز والبنية التحتية، خاصة مع بقاء توسك في الحكومة. ويؤكد المحللون أن هذه الفترة تمثل فرصة ذهبية لتعزيز التعاون بين باريس ووارسو في القرن الحادي والعشرين.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC