تساءل موقع "دويتشه فيله" الألماني، عما إذا كانت التحالفات العسكرية الجديدة التي تشكلت في شرق البلقان بين كرواتيا وألبانيا وكوسوفو من جهة، وصربيا والمجر من جهة مقابلة تهدد الوضع الأمني في المنطقة.
وقال الموقع، إن وسائل الإعلام الصربية جميعها، سواءً كانت صحفًا أو محطات تلفزيونية أو مواقع إلكترونية، قد أشادت بالتحالف العسكري بين المجر وصربيا الموقّع في بلغراد في وقت سابق من هذا الشهر.
وبعد ذلك بوقت قصير، أعلنت جمهورية صربسكا، الجزء الذي يُديره الصرب من البوسنة، عن نيتها الانضمام إلى "التحالف العسكري الجديد".
"استفزاز فادح"
وصوّرت وسائل الإعلام الصربية، التي تخضع لرقابة حكومية صارمة، حسب الموقع، هذا "التحالف العسكري" الجديد على أنه رد على التحالف العسكري الأخير بين شركاء الناتو، كرواتيا وألبانيا وكوسوفو. ولا يزال استقلال كوسوفو غير معترف به من قبل بلغراد بعد عقود.
وصرحت وزارة الخارجية الصربية قائلةً: "من المقلق للغاية أن هذا التحالف العسكري شُكّل دون استشارة بلغراد". وكان الاتفاق يهدف إلى عزل صربيا وإنشاء "هياكل شبه عسكرية" في كوسوفو، وكان "استفزازًا فادحًا"، على حدّ قولها.
ووفق الموقع الألماني، فإن جوهر الاتفاق بين كرواتيا وألبانيا وكوسوفو، الذي وُقّع في مارس/ آذار، ينص على التعاون في إطار المفهوم الاستراتيجي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي.
ويشمل ذلك مستوى أعلى من التعاون بين الصناعات الدفاعية وتدريب الجنود وضباط القيادة. كما يُخطط لإجراء تدريبات عسكرية مشتركة. وينصبّ التركيز في إطار التكامل الأوروبي الأطلسي على الدفاع ضد الهجمات الإلكترونية الأجنبية وحملات التضليل.
وتشعر صربيا بالتهديد من هذا، على الرغم من تأكيد رئيس الوزراء الكرواتي أندريه بلينكوفيتش بأن "مذكرة التعاون هذه ليست عدائية بطبيعتها". ومع ذلك، يُؤجّج الاتفاق الثلاثي التنافسات والعداوات الوطنية التي استمرت لعقود بين صربيا وكرواتيا.
وقال وزير الدفاع الكرواتي إيفان أنوسيتش: "انتهت الأوقات التي كانت فيها كرواتيا مضطرة إلى سؤال بلغراد عما يُسمح لها بفعله، وكيف كان عليها التصرف".
على ماذا اتفقت بلغراد وبودابست؟
في غضون ذلك، وحسب الموقع، تبيّن أن "التحالف العسكري التاريخي" بين بلغراد وبودابست ليس إلاّ ذريعةً سياسيةً من قِبَل وسائل الإعلام الصربية. وصرح الخبير العسكري الصربي ألكسندر راديتش لوسائل إعلام مختلفة قائلاً: "لا وجود لأيّ بوادر تحالف عسكري، فالاتفاق المُعلن عنه ببذخ لا يتضمن سوى مشاريع تعاون عسكري محددة بموجب اتفاقية إطارية اعتباراً من عام 2023.
حتى الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش تراجع عن موقفه منذ ذلك الحين. وقال: "الهدف هو تحالف عسكري"، موضحاً أن المسار نحو ذلك قد حُدّد الآن.
هل هناك خطر نشوب حرب؟
ومع ذلك، حتى دون الأخذ في الاعتبار هذا التعاون العسكري الجديد - مهما بدا غامضاً - شهدت منطقة غرب البلقان حشداً كبيراً للأسلحة خلال السنوات الماضية. فقد اشترت كرواتيا، التي أعادت مؤخراً الخدمة العسكرية، طائرات "رافال" مقاتلة من فرنسا، وتتفاوض حالياً على تسليم دبابات "ليوبارد".
من جانبها، أبرمت صربيا عقدًا مع باريس لشراء طائرات مقاتلة متعددة المهام، وتشتري أنظمة أسلحة من روسيا والصين. ورغم ذلك، يرى المراقبون أن الحرب غير مرجحة في المستقبل القريب.
ففي أوائل أبريل/ نيسان، صرّح الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، بأنه ليس من الضروري إدراج الوضع في المنطقة على جدول أعمال اجتماع وزراء خارجية الناتو في بروكسل. وكان سلفه، ينس ستولتنبرغ، قد صرّح سابقًا بعدم وجود تهديد عسكري مباشر.
وقال فوك فوكاسانوفيتش، المحلل في "مركز بلغراد للسياسة الأمنية"، إن "خطر اندلاع حرب حقيقية ضئيل". فعلى الرغم من التسلح، لا تملك الدول موارد كافية لمثل هذا الصراع، والأهم من ذلك، أن النخب المحلية ستخشى على مواقعها في السلطة في حالة نشوب حرب.
حضور قوي لحلف الناتو
ويتمتع حلف الناتو بتمثيلٍ قويٍّ في المنطقة. فباستثناء كوسوفو، جميع الدول المجاورة لصربيا والبوسنة والهرسك أعضاء في الحلف. كما أن الولايات المتحدة تدير قاعدةً عسكريةً كبيرةً في كوسوفو، وهي معسكر." بوندستيل".
ويجري حاليًا توسيع القاعدة الجوية الرومانية "ميهايل كوغالنيشينو" بالقرب من كونستانزا بتكلفةٍ لا تقل عن 2.5 مليار يورو، لاستيعاب 10 آلاف جندي. ووُضعت خطةٌ منذ فترةٍ طويلةٍ لإنشاء قاعدةٍ بحريةٍ كبيرةٍ في ميناء دوريس على الساحل الألباني للبحر الأدرياتيكي. ولكن على الرغم من ذلك، حسب "دويتشه فيلي" فإن صربيا لن تقبل أبدا باستقلال كوسوفو.