وجه الإعلام الإسرائيلي انتقادات وأوصافاً لاذعة وغير مسبوقة بحق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إثر سلسلة "المفاجآت" التي صَدم بها تل أبيب، من إعلانه اتفاقاً مع ميليشيا الحوثي لوقف الهجمات، إلى كبحه جماح القادة الإسرائيليين، الساعين نحو توجيه ضربات عسكرية حاسمة على المواقع النووية الإيرانية، مفضلاً مسار التفاوض.
وفي ملف غزة، ورغم "الحرية" التي منحها ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للمضي في خططه العسكرية التي دمّرت نحو 80% من القطاع، إلا أنه "جمّد" خطته لتفريغ غزة من سكانها، كما كان قد فاجأ تل أبيب قبل ذلك بفتح قناة تفاوض مع حركة حماس للإفراج عن رهائن إسرائيليين يحملون الجنسية الأمريكية.
هذه "المفاجآت" ألقت أصداء سلبية في الإعلام الإسرائيلي، الذي وجّه انتقادات غير مسبوقة لرئيس أمريكي، إذ وصفته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عبر أحد مقالات كتابها بأنه "حليف غير موثوق به ولا ولاء له إلا لنفسه".
بل رأت أن "سعي ترامب النرجسي للاعتراف الشخصي، الخالي من المبادئ الأساسية، يجعله شريكاً خطيراً لإسرائيل في كفاحها من أجل البقاء"، داعية إلى التفكير في بناء تحالفات أخرى موازية للعلاقة مع واشنطن.
وتابعت الصحيفة: "لهزيمة أعدائها، يجب على إسرائيل أن تنظر إلى ما وراء ترامب وأن تشكل تحالفاً استراتيجياً مع أوكرانيا، مستهدفة محور إيران وروسيا الذي يدعم الأنظمة وشبكات الإرهاب التي تهدد الدولة اليهودية".
ورأت "تايمز أوف إسرائيل" أنه من خلال دعم حرب أوكرانيا ضد روسيا، يمكن لتل أبيب توجيه ضربة حاسمة ضد طهران، وتفكيك "بنية الإرهاب التي تعرِّض مستقبلها للخطر".
واستذكرت الصحيفة عدة "شواهد على أن ترامب" ينظر إلى التحالفات كأدوات لتحقيق مكاسب شخصية"، منها المعاملة المسيئة التي وجهها للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في البيت الأبيض، وتردده في دعم حلفاء الناتو، وتعاملاته غير المنتظمة مع كندا وأوروبا، وكلها نماذج شكلت نهجه القائم على "الأنانية" في السياسة الخارجية، بحسب "تايمز أوف إسرائيل".
ويعتقد يوئيل جوزانسكي، الخبير بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، أن إدارة ترامب باتت تنأى بمصالحها عن مصالح إسرائيل في المنطقة، مشيراً إلى جهود البيت الأبيض في الأشهر الأخيرة للتفاوض على صفقة رهائن مع حماس ومحادثاته النووية مع طهران.
وتنقل صحيفة "وول ستريت جورنال" عن جوزانسكي قوله: "الأمر لا يقتصر على اليمن والحوثيين، بل يتعلق بالرهائن، فالولايات المتحدة تعمل بمفردها لتحرير الرهائن الأمريكيين، وفي مواجهة إيران، تتفاوض أحياناً دون مشاركة إسرائيل". ويضيف: "الولايات المتحدة تعمل على سيناريو مختلف في المنطقة. إنه لا يتضمن بالضرورة إسرائيل".