انسحاب وزراء الثنائي الشيعي من جلسة الحكومة اللبنانية قبل مناقشة بند حصر السلاح
بعد الشروط التي وضعتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للانفتاح على الحكم الجديد في سوريا، يبدو أن دمشق تحاول استثمار ما في يديها من أوراق، وأبرزها الآن النفط والصفقات التجارية وخطط إعادة الإعمار.
ويرجّح خبراء أن تستجيب إدارة ترامب للتعامل بإيجابية مع عرض دمشق، معتبرين أن غياب الدعم من واشنطن وعدم إمكانية الوصول إلى النظام المالي الأمريكي، يعرّض سوريا لخطر أن تصبح دولة فاشلة، مما قد يُعيد ظهور الجماعات المتطرفة ويزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
إغراء ترامب
وكانت إدارة ترامب اشترطت على الرئيس السوري، أحمد الشرع، الحد من نشاط الفصائل الفلسطينية على الأراضي السورية، وإقصاء "الأجانب" من المناصب في الحكومة الجديدة، وإظهار "روح مدنية" محل النهج المتشدد، وإشراك الأقليات في الحكم، وحمايتها.
وبدأ أحمد الشرع، جهوداً كبيرة لتقديم صورة "مختلفة" له إلى الرئيس الأمريكي، إذ تعامل بإيجابية مع شروط إدارته، واعداً بإدارة حكومة شاملة، كما اعتقلت حكومته في الأسابيع الأخيرة مسلحين فلسطينيين، وأرسلت رسائل عبر وسطاء إلى إسرائيل تشير إلى رغبتها في تجنب الحرب.
والآن تعمل الحكومة السورية على "إغراء" إدارة ترامب، بالاستعداد لإبرام صفقات تتيح لشركات النفط والغاز الأمريكية ممارسة الأعمال التجارية في البلاد، وهو ما أكدته صحيفة "وول ستريت جورنال"، بأن الشرع يحاول لقاء ترامب لمشاركة رؤيته لإعادة الإعمار على غرار خطة مارشال، حيث ستفوز الشركات الأمريكية وغيرها من الشركات الغربية على المنافسة من الصين وقوى أخرى.
لقاء الشرع مع جوناثان باس
وقالت دارين خليفة، كبيرة المستشارين في مجموعة الأزمات الدولية، إن السوريين يحاولون، لأنهم يدركون أنه في غياب خطوات أمريكية ملموسة، لن يُشجع أي طرف آخر على الاستثمار، مع اقتراب الاقتصاد من الانهيار.
وسافر جوناثان باس، الناشط الجمهوري المؤيد لترامب والرئيس التنفيذي لشركة "أرجنت" للغاز الطبيعي المسال، وهي شركة غاز طبيعي مقرها لويزيانا، إلى دمشق الأسبوع الماضي، ليعرض على الشرع خطة لتطوير موارد الطاقة في البلاد مع شركات غربية وشركة نفط وطنية سورية جديدة مُدرجة في الولايات المتحدة.
واستجاب الرئيس السوري للفكرة بشكل إيجابي إذا أمكن تخفيف العقوبات بما يُمكّن من ذلك، وفقاً لباس ومعاذ مصطفى، رئيس مجموعة المناصرة "قوة مهام الطوارئ السورية"، الذي حضر الاجتماع أيضاً. وأرسلت الحكومة السورية وزير الطاقة للجلوس بجانب باس في رحلة عودته إلى إسطنبول.
شراكة متبادلة
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية السورية: "تسعى سوريا الحرة الجديدة إلى بناء علاقة استراتيجية قوية مع الولايات المتحدة، قائمة على المصالح والشراكة المتبادلة، بما في ذلك الطاقة والعلاقات الاقتصادية الأخرى". وأضاف "تأمل دمشق أن تصبح حليفاً مهماً ومؤثراً لواشنطن خلال المرحلة المقبلة من تاريخ سوريا".
ويحث باس الإدارة الأمريكية الآن على تطبيع العلاقات مع البلاد، وبعد اجتماع استمر 4 ساعات مع الشرع في القصر الرئاسي بدمشق، عبّر عن تفاؤله بوجود فرصة لـ "طرد الروس والإيرانيين والصينيين من البلاد إلى الأبد، إلى جانب هزيمة داعش بشكل دائم".
ووفق الرسائل الإيجابية من دمشق، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جيمس هيويت، أن الولايات المتحدة كانت واضحة منذ اليوم الأول بأن تصرفات السلطات المؤقتة في سوريا سوف تحدد الدعم الأمريكي المستقبلي أو تخفيف العقوبات المحتمل.
فيما يحذّر محللون من أن سوريا، في غياب الدعم الأمريكي وإمكانية الوصول إلى النظام المالي الأمريكي، معرضة لخطر أن تصبح دولة فاشلة، مما قد يُعيد ظهور الجماعات المتطرفة ويزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
النفط السوري
ويحتاج الشرع إلى ترامب لرفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، التي فُرض العديد منها في السنوات الأخيرة لعزل الرئيس السابق بشار الأسد.
في عام 2010، قبل الانتفاضة، صدّرت سوريا نفطاً بقيمة 4.2 مليار دولار، ورغم أنها لم تكن مُصدّراً رئيسياً للنفط على نطاق عالمي، إلا أنها تتمتع بميزة كونها المُنتج الرئيسي الوحيد للنفط في شرق البحر الأبيض المتوسط، وتتمتع بموقع استراتيجي قريب من أوروبا.
لكن منشآتها النفطية في حالة يرثى لها بعد سنوات من العقوبات والحرب، وتقع معظم موارد البلاد من النفط والغاز في شرق سوريا، حيث وافقت قوات "قسد" الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، على تسليم منشآت الطاقة تلك للحكومة الجديدة في صفقة لا تزال قيد التنفيذ.