لوكاشنكو: صاروخ أوريشنيك الروسي الفرط صوتي نُشر في بيلاروس
تستعد جمهورية الكونغو، التي يبلغ عدد سكانها نحو ستة ملايين نسمة، للدخول في مرحلة جديدة من إدارة قطاع الطاقة لديها، بعد عقود من الاختلالات الهيكلية؛ فعلى الرغم من كونها منتجاً رئيسياً للنفط الخام، لم تمتلك البلاد لأكثر من أربعين عاماً سوى مصفاة واحدة فقط.
ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل مصفاة جديدة بنتها الصين قرب مدينة بوانت نوار الساحلية بحلول نهاية ديسمبر الجاري، في خطوة قد تقلل اعتماد الكونغو على استيراد الوقود المكرر مرتفع الكلفة، بحسب مجلة "الإكونوميست".
غير أن هذه الخطوة، على أهميتها، لا تحل معضلة أساسية تتمثل في نقل الوقود إلى العاصمة برازافيل، التي تقع على بعد نحو 500 كيلومتر في الداخل، حيث لا يزال الإمداد يعتمد على طرق برية طويلة ووعرة.
ومن هنا، تطرح الحكومة حلاً يتمثل في إنشاء خط أنابيب جديد، وهو مشروع تتولى روسيا تنفيذه بموجب اتفاق مع عائلة ساسو نغيسو الحاكمة، التي يتولى كبيرها دينيس ساسو نغيسو الرئاسة منذ عام 1979، مع انقطاع قصير.
تؤكد السلطات الكونغولية أن أعمال بناء خط الأنابيب ستنطلق خلال أسابيع قليلة، وأن المشروع سيسهم في إنهاء النقص المزمن في الوقود وتحقيق فوائد اقتصادية مباشرة للشركات والمواطنين.
إلا أن تفاصيل الاتفاق تثير تساؤلات واسعة، إذ ستستحوذ شركة روسية على 90% من أسهم المشروع، مع ضمان رسوم ثابتة عن كل برميل يتم نقله لمدة 25 عاماً.
وفي هذا السياق، قال ديمتري إسلاموف، نائب وزير الطاقة الروسي، إن المشروع سيوفر "قناة توزيع للمنتجات البترولية مقاومة للعقوبات"، وسيسهم في ترسيخ موقع روسيا كشريك "استراتيجي" في أمن الطاقة الإقليمي.
تعزز هذه التصريحات، بحسب مراقبين، الانطباع بأن المشروع يخدم المصالح الروسية بالدرجة الأولى، في ظل سعي موسكو لإيجاد مسارات بديلة لتسويق منتجاتها النفطية بعيداً عن القيود الغربية.
يثير هذا الطرح قلق نشطاء المجتمع المدني في الكونغو، الذين يخشون أن يُستخدم خط الأنابيب لغسل عائدات النفط الروسي المنقول عبر ما يُعرف بـ"أسطول الظل"، الذي تعتمد عليه موسكو للالتفاف على العقوبات المفروضة منذ غزو أوكرانيا عام 2022.
وفي بلد يعاني من مستويات مرتفعة من الفساد، يرى ناشطون أن أي مكاسب محلية محتملة قد تذهب إلى نخبة ضيقة مرتبطة بالسلطة.
يقول أندريا نغومبيت، وهو ناشط كونغولي مؤيد للديمقراطية، إن عامة المواطنين لن يجنوا سوى القليل من هذا المشروع، رغم الثروة النفطية الكبيرة التي تمتلكها البلاد.
وتزداد الشكوك مع سجل روسيا المتعثر في تنفيذ مشاريع الطاقة في أفريقيا، إذ انسحبت شركة "آر تي غلوبال ريسورسز" الحكومية عام 2016 من مشروع مصفاة نفط في أوغندا بقيمة 4 مليارات دولار، كما لم تحقق اتفاقات مماثلة في نيجيريا، أو مشروع الطاقة النووية الذي وعدت به شركة "روساتوم" منذ عام 2009.
إلى جانب ذلك، يشكك خبراء في قدرة روسيا على تمويل المشروع في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة بسبب الحرب في أوكرانيا.
ويشير إدوارد فيرونا، الرئيس السابق لمنتدى استشارات البترول في موسكو، إلى أن بناء خط أنابيب في منطقة نائية من أفريقيا قد يكون عبئاً مالياً يصعب على روسيا تحمله حالياً.
وتتفاقم المخاوف مع بدء إجراءات إفلاس في نوفمبر الماضي ضد شركة ZNGS Prometey LLC، المتعاقدة على بناء وتشغيل الخط، بسبب ضرائب غير مدفوعة.
ورغم أن الشركة لا تخضع حالياً للعقوبات الغربية، فإن تقارير إعلامية روسية في المنفى تشير إلى صلات سابقة بين المشروع وبنك التنمية الأجنبي الروسي الخاضع للعقوبات، والذي وقّع أول مذكرة تفاهم بشأن الخط عام 2019.
في المحصلة، يرى محللون أن الأثر الأبرز للمشروع حتى الآن يتمثل في تحسين صورة روسيا كلاعب فاعل في "الجنوب العالمي"، أكثر من كونه مشروعاً تنموياً حقيقياً يعود بالنفع على المواطنين الكونغوليين، الذين ما زالوا محرومين من الاستفادة العادلة من ثروات بلادهم النفطية.