إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة تقتل 13 فلسطينيا خلال الساعات الأخيرة
قالت إذاعة فرنسا الدولية (RFI) إن باريس باتت تواجه موقفًا محرجًا في أفريقيا، بعدما تصاعدت ظاهرة توظيف جنود فرنسيين سابقين ضمن شركات عسكرية خاصة تنشط في القارة، ما يتعارض مع رغبة البلاد في تقليص حضورها العسكري العلني هناك.
وذكرت الإذاعة في تحليل، أن فرنسا أعادت منذ أشهر، ترتيب أولوياتها العسكرية بعد الحرب في أوكرانيا، وأغلقت قواعدها التاريخية في غرب أفريقيا، بينها قواعد في تشاد وساحل العاج، في ظل توجه جديد يقوم على الانسحاب التدريجي من الخطوط الأمامية ومحاولة تقليص الظهور العلني للقوات الفرنسية لتجنّب حملات التضليل، خصوصًا تلك القادمة من موسكو وشركائها في مجموعة "فاغنر".
لكن هذا الانسحاب، بحسب الإذاعة، فتح الباب أمام شركات أمنية خاصة لملء الفراغ، إذ باتت هذه الشركات تعرض خدمات متعددة للدول الأفريقية، تشمل الحماية والتدريب والدعم اللوجستي، وتوظف في صفوفها عددًا كبيرًا من الجنود الفرنسيين السابقين، المعروفين بخبرتهم الطويلة في ساحات القارة.
وأشارت الإذاعة إلى أن الاهتمام بالجنود الفرنسيين السابقين في أفريقيا في ازدياد، إذ ينظر إليهم كخبراء في الشأن المحلي، ويتحدثون اللغة الفرنسية، ما يمنحهم أفضلية على نظرائهم في شركات أخرى.
ونقلت عن الكولونيل بير دو جونغ، المسؤول في شركة "Themiis" الناشطة في موريتانيا، قوله: "الفرنسيون لديهم سمعة ممتازة في أفريقيا، واللغة تلعب دورًا كبيرًا في ذلك".
وبحسب مصادر عسكرية غربية، فإن شركة "أمنتوم" الأمريكية تنشر حاليًا في بنين عددًا من الفرنسيين السابقين، من بينهم عناصر خدموا سابقًا في الفيلق الأجنبي ووزارة الجيوش الفرنسية، وذلك ضمن مشروع أمريكي لتعزيز قدرات الجيش البنيني في حماية الحدود مع بوركينا فاسو والنيجر، وهو ما نفته رسميا قيادة الجيش في بنين، وأكدت أنه لا يوجد أي تعاقد مع شركات عسكرية خاصة.
وذكرت الإذاعة أن هذه الظاهرة لا تقتصر على بنين، بل تمتد إلى عدة دول أفريقية أخرى، من بينها مالي وبوركينا فاسو وساحل العاج والكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى وغينيا والصومال.
وأوضحت أن هذه الشركات، التي تضم مؤسسات أمريكية وبريطانية كبرى، أصبحت بديلًا مفضلًا لعدد من الحكومات والشركات وحتى المنظمات الدولية، لما توفره من مرونة وتكلفة أقل مقارنة بالجيوش النظامية، إضافة إلى تقليل الضغط السياسي المرتبط بوجود قوات أجنبية علنية.
وفي باريس، بحسب الإذاعة، تتابع وزارة الجيوش والمخابرات العسكرية الفرنسية بقلق هذه الظاهرة، معتبرة أن نشاط هؤلاء الجنود قد يُساء فهمه ويُستخدم كذريعة لنشر شائعات حول "وجود عسكري فرنسي غير معلن"، ما يعيد إلى الأذهان صورًا من زمن "فرنسا أفريقيا" ويُغذّي نظريات المؤامرة حول تدخلات سرية، لا سيما في ظل التوترات السياسية والأمنية مع دول تحكمها أنظمة عسكرية في الساحل.
وقالت الإذاعة إن هناك "مفارقة" في كون الجيش الفرنسي يتراجع رسميًا، في الوقت الذي يتزايد فيه عدد الجنود الفرنسيين السابقين العاملين ضمن شركات أمنية خاصة في القارة، وهو ما يثير أسئلة داخل القيادة العسكرية حول ضرورة تنظيم هذا الوجود، خاصة أن القانون الفرنسي لا يجيز لشركات عسكرية خاصة استخدام القوة أو الأسلحة في النزاعات، بعكس ما هو معمول به في روسيا وتركيا والولايات المتحدة.
وحذر التحليل من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى عواقب دبلوماسية وأمنية غير محسوبة، خصوصًا مع ارتفاع منسوب الحساسية تجاه أي وجود أجنبي في أفريقيا، مشيرة إلى أن المرتزقة الفرنسيين في القطاع الخاص قد يصبحون قريبًا عنوانًا جديدًا للجدل، يعيد إشعال نار الحرب بين "فرنسا أفريقيا" من جديد.