تشهد الساحة السياسية في جمهورية الغابون، مع مرور عامين على الانقلاب في البلد الواقع غربي إفريقيا، جدلاً سياسياً حول ما أُنجز خلال هذه الفترة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
يأتي ذلك فيما تنتقد المعارضة باستمرار أداء السلطات الجديدة، وتعتبر أن الوضع "يزداد سوءاً" رغم ثروات البلاد.
وقال المتحدث باسم الحكومة في الغابون، لورانس ندونغ، إن "البلاد في طور البناء، ورياح الحرية تهب على الغابون، فخلال عامين، كانت النتائج إيجابية إلى حد كبير" وفق تقديره.
وأشار إلى أنّ "الجيش أعاد مصداقية منصب رئيس الجمهورية، ونظّم انتخابات رئاسية خالية من العنف، ومنح البلاد دستورًا تم إقراره عبر الاستفتاء".
وعرفت الغابون انقلاباً في آب / أغسطس من العام 2023، قاده الجنرال بريس أوليغي نغيما، الذي انتخب لاحقاً رئيساً بنسبة كاسحة.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الدولية، نزار مقني، إنه "بعد مرور سنتين على الانقلاب العسكري في الغابون (أغسطس 2023)، تبدو الصورة السياسية والاقتصادية مزدوجة بين خطوات إيجابية شكلية وتحديات عميقة ما زالت قائمة".
وأضاف مقني: "أعادت السلطة العسكرية صياغة المشهد عبر دستور جديد تم إقراره في نوفمبر / تشرين الثاني 2024، ويمنح الرئيس ولاية من سبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، ويلغي منصب رئيس الوزراء، ما يعزز مركزية القرار بيد الرئاسة".
وأردف لـ"إرم نيوز": "عادت البلاد إلى مؤسساتها الإقليمية والدولية بعد رفع تعليق عضويتها في المجموعة الاقتصادية لوسط إفريقيا، وإعادتها إلى الاتحاد الإفريقي والكومنولث، وكذلك نُظمت انتخابات رئاسية".
وأشار إلى أن "هذه الخطوات منحت النظام شرعية شكلية وأعادت انفتاحه خارجيًا، لكنها لم تنهِ التساؤلات حول مستقبل الديمقراطية وضمان الحقوق والحريات".
وتابع: "أما اقتصاديا، فتعتمد الغابون أساسًا على النفط والمنغنيز. ورغم الفخر الرسمي بتحسن إنتاج النفط بفضل مشاريع جديدة، فإن الاقتصاد يظل هشًا أمام التراجع الطبيعي للحقول والاعتماد المفرط على مصدر واحد لتحقيق الثروة".
وشدد على أنه "رغم ثراء الموارد الطبيعية، يعاني المجتمع الغابوني فجوة اجتماعية صارخة، تتسم ببطالة مرتفعة في أوساط الشباب تقترب من 40 %، وفقر يطال ثلث السكان، وهذه التناقضات تكشف أن الطفرة النفطية لا تعني بالضرورة إقلاعًا اقتصاديًا حقيقيًا، بل مجرد دفعة مؤقتة سرعان ما قد تتبخر إذا هبطت أسعار النفط أو تعطلت الاستثمارات".
وقال زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق في الغابون، آلان كلود بيلي باي نزيه، إن نتائج الانقلاب حتى الآن سلبية.
وأوضح نزيه، في منشور عبر صفحته بموقع "إكس"، أنه "بعد عامين من انقلابه، لا يزال النظام الذي ادّعى الإطاحة به قائمًا. لم يختفِ من المشهد سوى علي بونغو وعائلته. لم يُكتب للوعود باستعادة المؤسسات أن تُثمر، لذلك، كان هناك فشل على المستويات السياسية والمؤسسية والاقتصادية والاجتماعية" وفق تعبيره.
من جانبه، قال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، إن "الأزمات في الغابون ما زالت قائمة في الواقع، فرغم إطلاق صفقات مهمّة في مجال النفط، فإن نسب الفقر في تصاعد؛ ما يجعل إمكانية حدوث تفجر احتجاجات أمرًا واردًا في أية لحظة".
وتابع كايتا، في تصريح خاص لـ "إرم نيوز": "على الصعيد السياسي أيضاً ما زالت القطيعة تسود بين السلطة والمعارضة التي تنتقد بشدة ما يقوم به نغيما، وبالتالي، أعتقد أن الأزمة لم تنتهِ بعد إثر عامين من الانقلاب".