أعلن وزير الداخلية في الغابون، الأحد الماضي، النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التي أظهرت فوز الجنرال بريس أوليغي أنغيما، قائد الانقلاب الذي حدث في أغسطس 2023، بحصوله على 90.35% من الأصوات؛ وهو فارق مريح يتيح له إحكام قبضته في البلاد، ما يثير تساؤلات بشأن هذه الخطوة التي تمثل تحديًا كبيرًا، إذ يتطلب الأمر إصلاحات عميقة وإعادة بناء الثقة مع الشعب، بحسب خبراء.
كما ذكرت وزارة الداخلية أن نسبة المشاركة بلغت 70.40%، وهي أعلى بكثير من 56.65% التي سجلت في الانتخابات السابقة التي شهدت فوز الرئيس المعزول علي بونغو أونديمبا بولاية ثالثة، لكن المعارضة اعتبرت العملية مزورة مما أسهم في الانقلاب الذي أعقب إعلان النتائج.
تأتي هذه النتيجة لتعزيز هيمنة أنغيما على السلطة بعد 19 شهرًا من الإطاحة بأسرة بونغو التي حكمت البلاد لأكثر من نصف قرن. وواجه أنغيما في الانتخابات ستة مرشحين آخرين، وكان أكبر منافسيه آلان كلود بيلي باي نزي الذي شغل سابقًا منصب رئيس الحكومة في عهد بونغو.
أفاد الكاتب والباحث الأكاديمي خالد عبدالرحمن لـ" إرم نيوز"، بأن طموحات الجنرال بريس أوليغي أنغيما تمحورت حول تنفيذ وعوده بإصلاح الإدارة والدفع نحو التنمية في الغابون بعد فوزه الساحق في الانتخابات الرئاسية.
وذكر أن هذه الطموحات تمثل جزءًا أساسيًا من مخططه لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلد الذي يعاني تداعيات الفساد المستشري.
وأشار عبدالرحمن إلى أن نجاح أنغيما في الوفاء بتلك الوعود يعتمد بشكل كبير على قدرته على فك الارتباط مع الإدارات والشخصيات التي كانت جزءًا من النظام السابق، وأسهمت في انتشار الفساد وتبديد الثروة الوطنية. هذه الخطوة تمثل تحديًا كبيرًا؛ إذ يتطلب الأمر إصلاحات عميقة وإعادة بناء الثقة مع الشعب.
وقال الباحث إن أهمية تنفيذ مطالب الشعب تعد جوهرية لتحقيق التطوير المستدام في الغابون؛ فالتعهدات التي أطلقها أنغيما مثل دعوته للعمل الجاد بعد الانتخابات تُظهر إصراره على إعادة بناء البلاد.
وأضاف عبدالرحمن: ومع ذلك، سيتوجب عليه مواجهة العديد من الإكراهات بما في ذلك تلبية توقعات المواطنين والتغلب على العقبات التي يمكن أن تعرقل جهود الإصلاح.
ومن جهتها، أفادت الباحثة والأكاديمية منه صالح، في حديث لـ" إرم نيوز"، بأن مواطني الغابون يتطلعون إلى أن تشكل الانتخابات الأخيرة نقطة تحول نحو تحقيق التغيير المنشود؛ إذ يأمل الشعب أن تتحقق القطيعة مع الممارسات التي كانت سائدة خلال العقود الخمسة التي حكمت فيها عائلة بونغو البلاد واتسمت بالفساد.
واعتبرت أن هذه الانتخابات تمثل فرصة حقيقية لتحسين وضع الغابون في سياقها الإقليمي، إذ يمكن لأنغيما العمل على تعزيز العلاقات مع دول الجوار وبناء شراكات استراتيجية لتحقيق الاستقرار وتعزيز التنمية الاقتصادية مما يساعد الغابون على لعب دور بارز في المنطقة.
وأشارت صالح إلى أهمية معالجة قضايا الجريمة وتفعيل سيادة القانون كجزء من عملية الإصلاح، وأن تحسين الوضع الأمني في الغابون ليس فقط ضروريًا لدعم الاستقرار الداخلي بل أيضًا لضمان جذب المستثمرين وتحسين العلاقات الدولية؛ إذ إن تحسين البيئة الأمنية سيعزز القدرة التنافسية للغابون في المنطقة ويدعم جهودها نحو التنمية المستدامة.
