logo
العالم

"مظلة الردع" هدف أوكراني في "معركة الضمانات" الأمنية مع روسيا

"مظلة الردع" هدف أوكراني في "معركة الضمانات" الأمنية مع روسيا
قمة ترامب وقادة أوروبا بشأن أوكرانياالمصدر: رويترز
30 أغسطس 2025، 4:27 ص

منذ أن انسحبت واشنطن من فكرة نشر قواتها في أوكرانيا، باتت معركة "ضمان الأمن" في صميم الصراع مع موسكو، ولم تعد المسألة مجرد تسليح أو دعم مالي، بل محاولة لابتكار "مظلة ردع" جديدة تقوم على التعهدات الأوروبية والغطاء الأمريكي غير المباشر.

وحسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الموقف مبكرًا، قائلًا إن بلاده لن تنشر قوات في أوكرانيا، مكتفيًا بدور داعم يتمثل في المظلة الجوية والتنسيق الاستخباراتي.

وعلى وقع هذا القرار بدأت العواصم الأوروبية في طرح خيارات متعددة، منها نشر قوات ردع دولية على الأراضي الأوكرانية، أو صياغة آلية دفاعية شبيهة بالمادة الخامسة لحلف الناتو، أو الاكتفاء بدعم تدريبي ولوجستي مع بناء قدرات أوكرانية مستقلة.

ووفقًا للمراقبين، تبقى المعضلة الكبرى في موقف موسكو، خاصة بعد أن أعلن الكرملين موفقه بوضوح ورفضه أي ضمانات أمنية تُفرض دون مشاركته، ملوحًا بالتصعيد إذا أقدمت أوروبا على نشر قواتها داخل أوكرانيا.

وأكد ديميتري بيسكوف، الناطق باسم الرئاسة الروسية، أن موسكو تعد أي ترتيبات دفاعية أحادية تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، وهو ما يضع الغرب أمام مفارقة صعبة، فالضمانات القوية تعني استفزاز روسيا، والضمانات الضعيفة تعني عجزًا عن ردعها.

أمر قائم

الدكتور نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، قال إن مشاركة الولايات المتحدة في الضمانات الأمنية أمر قائم، حتى وإن لم يكن بشكل مباشر من داخل أوكرانيا.

وأكد في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن الضمانات قد تتخذ شكل قوة جوية أو ترتيبات عسكرية في إحدى دول حلف الناتو المحيطة بأوكرانيا، معتبرًا أن هذه ليست مشكلة بحد ذاتها.

وأضاف رشوان أن حساسية العلاقة بين موسكو وواشنطن تجعل الوجود الأمريكي المباشر داخل أوكرانيا غير مطروح، لكن مشاركة أي من دول الناتو الأوروبية تعني بالضرورة وجود الولايات المتحدة، لا سيما في حال تم تطبيق المادة الخامسة من ميثاق الحلف.

وأشار إلى أن واشنطن متواجدة فعليًا في أوروبا عبر قواعد عسكرية في ألمانيا وبولندا، وبالتالي فهي ليست بعيدة عن مشهد الضمانات الأمنية، حتى وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة.

وتابع: "روسيا كانت قد أبدت رغبة في المشاركة في هذه الضمانات، بل عرضت إرسال قوات، وهو ما أثار السخرية في ظل سيطرتها على ما يقارب 20 إلى 22% من الأراضي الأوكرانية".

وأشار المحلل السياسي إلى أن غياب الولايات المتحدة المباشر لا يعني غيابها الفعلي، فمعظم الأسلحة التي ستُستخدم في حال إنشاء الترتيبات الأمنية داخل أوكرانيا ستكون أمريكية، كما أن واشنطن تقف عمليًا خلف حلفائها وتدعمهم بشكل كامل.

نتائج عكسية

ومن جانبه، قال الدكتور توفيق حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأمريكية، إن الضمانات الأمنية قد تكون كافية لردع روسيا حتى في حال عدم وجود قوات أمريكية داخل أوكرانيا.

وأكد الخبير في الشؤون الأمريكية في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن وجود قوات أمريكية في أوكرانيا أو حتى على الحدود الروسية سيؤدي إلى نتائج عكسية، وهو ما يُعد استفزازًا مباشرًا لموسكو، وقد يدفعها إلى التصعيد بشكل غير مقبول، خصوصًا مع اقتراب هذه القوات من العاصمة الروسية ومنظوماتها الصاروخية.

أخبار ذات علاقة

صاروخ أتاكمز

بين الردع والدبلوماسية.. هل يحدد "أتاكمز" الاستراتيجية الأمريكية في أوكرانيا؟

وأشار حميد إلى أن إدخال قوات أمريكية كان سيزيد التوتر ويعقّد المشهد، بينما غيابها يمنح فرصة أكبر لإيجاد تسوية قائمة على ضمانات دولية ملزمة، تحقق مصالح متوازنة لجميع الأطراف.

وأضاف أن روسيا تنظر إلى الأراضي التي تسيطر عليها، مثل القرم، باعتبارها مكسبًا استراتيجيًا واقتصاديًا، فيما ترى الولايات المتحدة في الأراضي الأوكرانية مصدرًا مهمًا للمعادن والموارد، ما يجعل الوصول إلى تفاهم دولي مشترك أكثر ترجيحًا.

وشدد على أن أي وجود عسكري أمريكي في أوكرانيا لن يكون سوى رمزي، ولن يغير موازين القوى على الأرض، لا سيما مع تفوق روسيا العددي في ميدان القتال، وأن غياب هذه القوات لا يقلل من مستوى الأمان، بل إن قوة الردع النووي المتبادلة بين واشنطن وموسكو كفيلة بمنع أي مواجهة مباشرة شاملة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC