ذهبت السنغال إلى التعاون المباشر مع "كونفدرالية الساحل"، التي أنشأتها مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وذلك بعيدًا عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، التي تعرضت لانتقادات شديدة بسبب عجزها عن مكافحة جيوب التطرف في المناطق الحدودية.
ورفعت الحكومة السنغالية من حجم اتصالاتها الدبلوماسية والعسكرية مع الدول الثلاث، المنسحبة من "إيكواس"، ما أدى للتوصل إلى اتفاقيات أمنية ملموسة، في نهج يتطلع للحفاظ على علاقات قوية رغم التوترات الإقليمية.
وأجرى رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، زيارة رسمية هذا الأسبوع إلى بوركينا فاسو استغرقت يومين، والتقى بنظيره ريمتالبا جان إيمانويل ويدراوغو وكذلك الرئيس إبراهيم تراوري.
وأعلن سونكو مع التلفزيون الوطني في واغادوغو خلال الزيارة، أن الانسحاب النهائي للقواعد العسكرية الأجنبية في السنغال سيكون بحلول شهر تموز/يوليو المُقبل.
وأوضح أن "استرجاع السيادة بدأ منذ وصول النظام الحالي إلى السلطة"، منتقدًا بعض قرارات "إيكواس" السابقة، كما أشار بشكل خاص إلى العقوبات المفروضة على مالي والتهديدات بالتدخل العسكري في النيجر.
وأكد سونكو "أن دولة مثل السنغال لا ينبغي لها أبدا أن تقبل الحظر المفروض على باماكو".
ورجح أن يكون السبب في انتشار الهجمات المسلحة على نطاق واسع هو عدم وجود رد مناسب بعدما أظهرت "إيكواس" عجزها. لا سيما أن قوة التدخل الاحتياطية، التي أنشأتها "إيكواس" لا تزال مُعلّقة حتى الآن.
وقال سونكو إنه "عند حدوث أزمة سياسية، تتفاعل المجموعة بسرعة كبيرة، وعندما نواجه تهديدًا أمنيًا خطيرًا، كالإرهاب، نشهد جمودًا".
كما زار وزير القوات المسلحة السنغالي الجنرال بيرام ديوب، عاصمة مالي باماكو، مؤخرًا، حيثُ التقى برئيس المرحلة الانتقالية المالية، الجنرال أسيمي غويتا، وتركزت مناقشتهم على أمن الحدود، في ظل القلق من تزايد العنف في غرب مالي، على بعد أقل من 300 كيلومتر من السنغال.
وكانت الدبلوماسية السنغالية نشطة أيضًا في النيجر، فقد التقى الجنرال ديوب بالرئيس عبد الرحمن تشياني في العاصمة نيامي، وركزت مناقشاتهم على الدفاع والأمن والتجارة والنقل ويريدان تعزيز تبادل المعلومات الأمنية.
ومن شأن هذا التحرك الدبلوماسي أن يُسهم في وضع السنغال كلاعب محوري في المنطقة، إذ ترفض قطع العلاقات مع تفضيل اتخاذ إجراءات ملموسة على اتخاذ مواقف أيديولوجية.
ويخشى مراقبون، وخاصة في المجتمع المدني وبين أوساط المعارضة السنغالية، من أن تؤدي هذه المبادرات إلى التشجيع على الاستيلاء على السلطة بالقوة في دول أفريقية.
وأشار الخبير السياسي يورو ديا إلى أن هذا قد يكون خطأ استراتيجيا، قائلًا إن "الاستقرار لا يأتي إلا من خلال احترام الديمقراطية"، كما دعا السنغال إلى الإصرار على العودة إلى الحكم الشرعي في المنطقة بأكملها.