أثار اعتراف فرنسا بجواز سفر دول تحالف كونفدرالية الساحل تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستقود إلى ترميم العلاقات المتدهورة بين باريس وباماكو وواغادوغو ونيامي، لا سيما أنها تأتي في سياق توتر مستمر بين الطرفين.
وسيعوّض هذا الجواز نظيره السابق الذي كان يحمل توقيع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، التكتل الإقليمي الذي انسحبت منه مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وكانت فرنسا قد رفضت سابقًا ختم هذا الجواز، ما أثار استنكاراً من السلطات المالية التي أكدت أن مواطنيها مُنعوا من دخول الأراضي الفرنسية والاتحاد الأوروبي.
ويأتي هذا التطور بعد أسابيع قليلة من احتجاج رسمي من باماكو على منع دخول مواطنيها إلى فرنسا، وتهديدها باتخاذ إجراءات مماثلة تجاه المواطنين الفرنسيين.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد الحاج عثمان، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إن "الخطوة الفرنسية بروتوكولية في الأساس، ولا تحمل بالضرورة مؤشرات على مهادنة أو تغيير حقيقي في الموقف، خاصة أن باريس لا تزال تتخذ مواقف حادة تجاه دول الساحل، كما ظهر مؤخراً في تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون الذي انتقد بشدة المجالس العسكرية الحاكمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر".
وأضاف الحاج عثمان: "المشكلة أن فرنسا لم تدرك بعد أن دول الساحل الإفريقي قد لفظتها، وهي اليوم تسعى إلى شراكات تحترم سيادتها. والضغوط التي مارستها دول مثل مالي والنيجر كانت السبب الحقيقي وراء هذه الخطوة، لا رغبة صادقة من باريس في إصلاح العلاقات".
وشدد على أن "ترميم العلاقات لا يمكن أن يتم إلا عبر خطوات ملموسة تعكس احترام فرنسا لسيادة هذه الدول، وليس من خلال إجراءات شكلية كتلك التي رأيناها".
وكان الرئيس المالي آسيمي غويتا قد أعلن في يناير/كانون الثاني الماضي عن إطلاق جواز سفر موحد لدول الساحل، التي تشمل مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
ويرى المحلل السياسي محمد إدريس، أن "هذه التطورات تمثل مؤشراً مهماً نحو تهدئة محتملة في العلاقات، لكنها لا ترقى إلى مصالحة حقيقية، لأن التوتر الدبلوماسي ظل سائداً طوال الفترة الماضية، ولغة التهديد والتصعيد كانت الطاغية".
وأوضح إدريس لـ إرم نيوز: "الحديث عن إصلاح شامل للعلاقات سابق لأوانه، لأن الطرفين لا يبدو أنهما على استعداد حقيقي لذلك، ولا تزال دول الساحل ترى أن فرنسا تنتهك سيادتها ولا تحترم إرادتها السياسية".
وأضاف: "من الواضح أن فرنسا ترغب في ترميم علاقاتها مع هذه الدول، نظراً لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية، لكنها لا تزال مطالبة بإثبات مصداقيتها في هذا المسار، وهو ما تترقبه العواصم الإفريقية بحذر".