توصلت جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا إلى اتفاق أمني مشترك يهدف إلى نزع فتيل التوترات بين البلدين، في خطوة بارزة نحو تهدئة واحدة من أعقد الأزمات الإقليمية في منطقة البحيرات الكبرى.
ووفقا لتقرير مجلة "جون أفريك" الفرنسية، فإن الوثيقة التي تمت الموافقة عليها في اجتماع لوزراء الخارجية في رواندا يوم 25 نوفمبر، تمثل خريطة طريق شاملة تتناول معالجة تهديد قوات الدفاع الديمقراطية لتحرير رواندا.
هذا بالإضافة إلى وضع خطة مفصلة لسحب القوات الرواندية المتواجدة داخل الأراضي الكونغولية، موضحة أن الاتفاق يأتي في إطار الوساطة التي يقودها الرئيس الأنغولي جواو لورينسو منذ عام 2022، ويعكس التزامًا متجددًا من الطرفين لتجنب التصعيد.
وأكد التقرير أن الوثيقة التي تحمل اسم مفهوم العمليات للخطة الموحدة لتحييد قوات FDLR وسحب القوات الرواندية، تمثل نتاج مفاوضات شاقة امتدت لعدة أشهر، وتهدف إلى تحقيق عدة أهداف رئيسة، أبرزها استعادة الثقة بين الطرفين، وخلق بيئة آمنة لإعادة تنشيط الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، والقضاء على الخطاب العدائي بين البلدين.
وأشار تقرير المجلة الفرنسية أن الاتفاق الذي وقع عليه مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى من الدولتين إلى جانب أنغولا، ينص على مراحل محددة تُنفذ خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
وفي المرحلة الأولى، المقررة خلال أول 15 يومًا، تركز الأطراف على تقييم مستوى التهديد الذي تشكله قوات FDLR وتحديد مواقعها ومعداتها، وجمع معلومات استخبارية دقيقة، وفي هذه الفترة، تلتزم رواندا بتقديم تفاصيل حول "إجراءاتها الدفاعية" وإنهاء عملياتها عبر الحدود.
فيما ستشهد المرحلة الثانية، المخصصة لتحييد قوات FDLR تنفيذ عمليات موجهة ضد هذه الجماعة المسلحة بالتعاون مع الأطراف المعنية، يليها تقييم مشترك لمدى تحقيق أهداف الخطة.
كما تشمل هذه المرحلة سحب القوات الرواندية، مع إخضاع هذا الانسحاب لإجراءات مراقبة دقيقة.
وتهدف المرحلة الثالثة والأخيرة إلى تحقيق الاستقرار طويل الأمد، من خلال نزع سلاح المقاتلين السابقين لقوات FDLR وإعادة دمجهم اجتماعيًا، وتطبيع العلاقات الثنائية بين كينشاسا وكيغالي.
وسيتم إنشاء آلية مراقبة تحت قيادة أنغولا لضمان التزام الأطراف كافة ببنود الاتفاق.
وبين التقرير أنه رغم الطموحات الكبيرة التي يحملها هذا الاتفاق، فإن تنفيذه يواجه تحديات معقدة، ولا سيما أن الوثيقة تشير إلى مخاطر محتملة، من بينها تعرض المجتمعات المحلية لأعمال انتقامية من قبل قوات FDLR واستمرار غياب الثقة بين الطرفين، ونقص الإرادة السياسية اللازمة لدعم تنفيذ الخطة.
كما يرتبط نجاح الاتفاق بمدى التزام الطرفين بالجدول الزمني المحدد وبالآليات الرقابية التي تهدف إلى تعزيز الشفافية.
وبدورهم، يرى المراقبون أن الاتفاق يمثل خطوة إيجابية نحو تهدئة الأوضاع في شرق الكونغو واستعادة سلطة الدولة، ولاسيما في ظل الالتزام الدولي والإقليمي بتسوية النزاع.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الموقع يضع إطارًا واضحًا لتحركات أمنية وسياسية قد تسهم في تحقيق سلام واستقرار طويل الأمد في منطقة تعاني من نزاعات متكررة.
ومع ذلك، يبقى التحدي الرئيس هو ترجمة هذا الاتفاق إلى نتائج ملموسة على الأرض، بما يضمن استعادة الأمان للمجتمعات المتضررة ويهيئ بيئة مواتية للتنمية.
وخلص التقرير بالقول إن الأيام القادمة ستكون الاختبار الحقيقي لهذا الاتفاق ومدى استدامته في مواجهة تعقيدات الواقع الميداني.