مع اقتراب انتهاء عام 2025، لم يعد الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين مجرد خلافات تجارية أو نزاع سياسي، بل تحوّل إلى حرب تكنولوجية واسعة النطاق للسيطرة على المستقبل الرقمي والاقتصادي والعسكري. ويتجسد هذا الصراع في منافسة حول الذكاء الاصطناعي، أشباه الموصلات والرقائق، البيانات، والتقنيات المتقدمة ذات الاستخدامات المدنية والعسكرية معًا.
الذكاء الاصطناعي جبهة أساسية
في مطلع 2025، أثار تقدم الشركات الصينية في الذكاء الاصطناعي تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على موقعها القيادي في هذا المجال، في ظل ظهور نماذج قوية مثل "ديب سيك آر 1" و"كوين 2.5 ماكس". أما في منتصف عام 2025 أظهرت تقارير أن الصين تتعاظم في منافسة الولايات المتحدة على سوق الذكاء الاصطناعي الذي تقدر قيمته بنحو 4.8 تريليون دولار، مع إطلاق نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة ومنافسة لتلك الأمريكية، مما يعزز فرص بكين في كسر الهيمنة التقليدية الأمريكية في هذا القطاع الحيوي.
حرب الرقائق
ظل مجال أشباه الموصلات من أهم ساحات المنافسة في 2025. ففي تشرين الأول الماضي شهد العالم تصعيدًا في التوترات في هذا القطاع، حين أعلنت الولايات المتحدة منع شركة إنفيديا من بيع شرائحها المتقدمة "Blackwell" للصين، في خطوة تهدف لكبح تطور الذكاء الاصطناعي الصيني.
وهذا القرار أجبر الصين على ضخ 70 مليار دولار في صناعتها المحلية لأشباه الموصلات، محاولةً ردع الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية وتعزيز إنتاجها الذاتي. وهذه التحركات تؤكد أن حرب الرقائق أصبحت محورًا استراتيجيًا في الصراع، ويُنظر إليها باعتبارها مفتاح الهيمنة التقنية المستقبلية.
توترات تجارية ومفاوضات
لم تقتصر الحرب التكنولوجية على الذكاء الاصطناعي والرقائق فقط، بل امتدت إلى التجارة والرسوم الجمركية. ففي 10 أكتوبر الماضي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية الهدنة التجارية الهشة مع الصين، مما أدى إلى تجدد التوترات التجارية بين البلدين. كما تبادلت الدولتان المفاوضات على هامش اجتماعات دول آسيا في أواخر تشرين الأول الماضي، مع استمرار النقاشات حول الرسوم الجمركية والقيود التكنولوجية.
تداعيات جيوسياسية وأمنية
يتجاوز هذا الصراع الأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية ليصل إلى البعد السياسي والأمني. فقد شكل السباق التكنولوجي أحد عناصر توتر العلاقات بين بكين وواشنطن، في وقت تشهد فيه مسألة تايوان وتعزيز الوجود العسكري في المحيط الهادئ توترات إضافية بين البلدين.
كما ساهم هذا التنافس في تعزيز التكامل بين التكنولوجيا والسياسات الدفاعية، ما جعل من الذكاء الاصطناعي والرقائق مكونات هامة في الخطط الاستراتيجية للولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه دفع الصين إلى الإسراع في تطوير قدراتها التكنولوجية بغض النظر عن العقوبات الخارجية.
منافسة مستمرة
مع نهاية عام 2025، تبدو الحرب التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين أكثر تطورًا وتعقيدًا. فبينما تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على تفوقها في مجالات استراتيجية مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والرقائق، تتقدم الصين بخطط ضخمة للاستقلال التكنولوجي وتطوير صناعاتها الأساسية. ومن المرجح أن تستمر هذه المنافسة في العقد القادم حتى 2030، مع تأثيرات عميقة على النظام التكنولوجي والاقتصادي العالمي.