أكد ساسة ومختصون في الشأن الأمريكي، أن القضاء في الولايات المتحدة يتحصن بالدستور لوقف محاولات الرئيس دونالد ترامب إبطال مفعول القوانين الخاصة بوجود وحقوق المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ترامب يحاول الضغط على القضاء من خلال تحركات سياسية لإرباك قرارات المحاكم في ملف الهجرة، ولكن في النهاية لن يتمكن من فرض إجراءات رغما عن القضاء، في ظل وجود قوانين محمية من مؤسسات الدولة.
وكان ترامب قد وجه مؤخرا انتقادات حادة إلى المحكمة العليا للولايات المتحدة، بالقول إن القضاة يمنعونه من تنفيذ وعوده الانتخابية بعد أن نقضوا قرارات إدارته في قضية ترحيل مهاجرين.
وأضاف في منشور على منصته "تروث سوشيال": "أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكما يقضي بعدم جواز إجبار أسوأ القتلة وتجار المخدرات وأعضاء العصابات، وحتى المختلين عقليا، ممن دخلوا بلادنا بطريقة غير شرعية، على الخروج دون المرور بعملية قانونية طويلة ومعقدة ومكلفة، قد تستغرق سنوات طويلة لكل شخص، وتسمح لهؤلاء بارتكاب جرائم عديدة قبل أن يصلوا إلى قاعة المحكمة".
الغنيمة الأسهل
ويقول السياسي وعضو الحزب الديمقراطي، الدكتور نعمان أبو عيسى، إن الدستور الأمريكي يحمي شؤون الهجرة كالحق في حصول من وُلد من أبوين مهاجرين غير شرعيين بالولايات المتحدة على الجنسية الأمريكية، وقرارات المحكمة العليا والمحاكم الأخرى ستدافع عن الدستور، إذ إن ذلك هو عملها الأول ومن هناك تأخذ الحصانة في حماية أحكامها وقراراتها.
وبيّن أبو عيسى في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن ترامب يعمل على الصدام مع الحكومة التنفيذية من جهة، والمحاكم من جهة أخرى لأسباب سياسية وشعبية، في وقت يدرك فيه أن هناك جانبا من الشارع الأمريكي غير راض عن المحاكم وأيضا عن "الدولة العميقة" وسيكون للمواجهة في هذا الصدد مع القضاء أثر في إظهاره على أنه يبذل كل الجهد لتغيير ما كانت عليه أمريكا، وفق تعبيره.
تغيير القوانين
ولفت أبو عيسى إلى أن ترامب مدين في فوزه بالانتخابات الماضية إلى موقفه الصارم في ملف الهجرة غير الشرعية ووجود المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة والعمل على إخراجهم ومنعهم من دخول البلاد.
وبحسب أبو عيسى، فإن المهاجرين يشكلون الضغط على الطبقة البيضاء التي كانت لها السلطة في الماضي وخسرت الآن بعض مقاليد التحكم، في ظل ما يحصل عليه أصحاب الأصول المهاجرة من دور أكبر في المجتمع، ويحاول ترامب التركيز على المهاجرين غير الشرعيين كـ"غنيمة" أسهل للانقضاض عليهم وإخراجهم من الولايات المتحدة لتقليل وجودهم في الفترة المقبلة، وفق تقديره.
وأضاف أن ترامب يحاول تغيير القوانين، وهي لصالح المهاجرين، ومنها قانون الولادة في الولايات المتحدة الذي يُعطي الحق لمن يولد حتى لو كان أهله من المهاجرين غير الشرعيين الحصول على الجنسية في وقت رفضت المحكمة أي تعديل بخصوص ذلك.
الصدام مع القضاء
ويرى الباحث في الشأن الأمريكي أحمد ياسين، أن ترامب يحاول الرهان على أوساط سياسية وقطاعات مجتمعية بارزة يعتمد عليها في مواجهة أي عائق حتى لو كان القضاء، لخوض معركته مع الهجرة غير الشرعية.
وأضاف ياسين في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه على الرغم من توافق جانب كبير من الأمريكيين مع ترامب في هذا المسعى، بيد أنهم يرفضون أن يكون ذلك عبر المساس بالقضاء.
ويوضح ياسين أن أي خطة سيعمل عليها ترامب في مواجهة القضاء خارج الأطر الدستورية ستكون لها آثار على مؤسسات الدولة الأمريكية، وهو ما يدركه مقربون منه وجمهوريون لهم ثقل كبير، ويفهمون جيدا خطورة أن يكون هناك صدام مع القضاء سواء على المستوى السياسي وما يحمل ذلك من انعكاسات سلبية على الأمن المجتمعي.
قوانين محمية
وذكر ياسين أن ترامب يحاول الضغط على القضاء من خلال تحركات سياسية، وهذا يحقق إرباكا وقد يؤثر على قرارات تخرج من سلطة المحاكم، ولكن في النهاية لن تكون له القدرة، مع تعدد جولات المواجهة، على فرض إجراءات رغما عن القضاء في ظل وجود قوانين محمية من مؤسسات الدولة.
وأشار ياسين إلى أن الديمقراطيين يرحبون بهذه المعركة؛ لأنها تقود ترامب والجمهوريين إلى مواجهات، حتى لو كان هناك قطاع مهم يرفض سياساته، ولكنهم يرغبون في أن يصل إلى صدامات على مستويات عدة مع السلطة القضائية والكونغرس والأهم الشارع في هذا التوقيت المهم الذي يتم الإعداد فيه لانتخابات التجديد النصفي.