ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
في الوقت الذي تشدد فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خناق العقوبات على النظام الإيراني، تتجه الأنظار إلى أداة جديدة قد تحدث فارقا في المعادلة الداخلية في إيران.
خيار يبدو ناعمًا في مظهره، لكنه قد يكون الأشد وقعًا في الداخل الإيراني، حيث يشتد القيد وتخنق الحريات، وتمنع وسائل التواصل التي قد تُشعل شرارة الحراك الشعبي.
واتفق خبراء على ذهاب إدارة ترامب إلى أداة جديدة للضغط على النظام الإيراني وتهديده من الداخل، عبر توفير تقنيات تقدم حرية استخدام الإنترنت للإيرانيين، مما يتيح تنظيم الحراك في الداخل، ويسمح للشارع بالتواصل، في ظل تقييد التفاعل بين أوساط سياسية ومجتمعية وشعبية.
في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أرجع خبراء سبب تجنب واشنطن المواجهة العسكرية المباشرة مع النظام الإيراني في بعض المواقف، إلى تفضيل بعض الأصوات في إدارة ترامب إبراز صورة دعم "الديمقراطية"، كما فعلت الولايات المتحدة في إسقاط بعض الأنظمة خلال فترة "الحرب الباردة"، وتفضل واشنطن عدم الظهور في دور المعتدي، مع الاستمرار في توجيه الدعم للداخل الإيراني الذي يعاني من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة.
وأعلن نائبان في الكونغرس الأمريكي، أحدهما من الحزب الجمهوري والآخر من الحزب الديمقراطي، عن تقديم مشروع قانون جديد يُلزم البيت الأبيض بتقديم "أقصى دعم" للمعارضة الإيرانية داخل البلاد وخارجها، تزامنًا مع سياسة "الضغط الأقصى" التي تتبعها واشنطن ضد النظام الإيراني.
ويأتي مشروع القانون، الذي طرح مؤخرا، في لحظة حساسة تتصاعد فيها التوترات مع طهران، وتتكثف فيها الدعوات داخل الكونغرس لاتخاذ موقف أكثر حسما، لا يكتفي بالعقوبات بل يمهد لتغيير جذري في الداخل الإيراني وإسقاط نظام خامنئي، بحسب ما أوردته "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" الأمريكية.
ويتمحور مشروع القانون بشكل كبير حول ضرورة أن يترافق الضغط الأقصى على النظام مع دعم أقصى للشعب، وهو ما يتمثل جانب كبير منه في حرية الإنترنت.
"حرية الإنترنت"
وقال الأكاديمي المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور نبيل الحيدري، إن النظام الإيراني يحاول محاربة الشارع من خلال منع الإنترنت حتى لا يتواصل الشعب مع بعضه ويتفاعل، لكن واشنطن ذاهبة للمساعدة بتقنيات توفر من خلالها حرية الإنترنت للإيرانيين، مما يجعلهم يتواصلون لا سيما في هذا التوقيت، مما يعتبر ضربة للسلطات ومساعدة للانتفاضة ضد النظام.
وأضاف الحيدري في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الشعب الإيراني الذي يعاني بالداخل، مستعد للانتفاضة والتحرك، في وقت يعاني فيه النظام من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية حرجة، لا سيما بعد مجيء ترامب وسقوط النظام السوري وضعف ميليشيا حزب الله وأذرعه في المنطقة.
ولفت الحيدري إلى أن توجيه الضربة العسكرية الأمريكية لإيران تحمل رأيين في إدارة ترامب، حيث يؤمن بها مستشارون للرئيس الأمريكي في ظل مهلة الشهرين بعد الرسالة التي قدمها للمرشد علي خامنئي، إما بالتنازل عن البرنامج النووي والاستجابة لاتفاق بشروط أمريكية صعبة أو توجيه الضربة العسكرية، لتتمسك إيران بالتفاوض غير المباشر سعيا وبحثا عن عامل الوقت الطويل للمماطلة في ظل "التقية السياسية" التي يتعامل بها المعنيون في طهران، بالرغبة في التفاوض ولكن تحت الطاولة.
أما البعض الآخر داخل إدارة الرئيس الأمريكي، بحسب الحيدري، فيعتقدون أنه إذا ذهبت إيران للتفاعل مع شروط ترامب فلا داعي للتوجه إلى الخيار العسكري في ظل مهلة الشهرين، وأن يكون التحرك ضد النظام من الداخل، وهو ما يتطلب عمليات تواصل تقوم على أدوات من بينها "حرية الإنترنت".
استراتيجية الإنهاك
فيما يؤكد الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور أحمد الياسري، أن واشنطن في هذا الإطار، تستخدم صورة "الديمقراطية" التي عملت بها في الحرب الباردة والتي أسقطت بها أنظمة تتعارض معها، مع عدم إظهارها في ثوب المعتدي، وأن يكون الضغط وإسقاط النظام من الداخل، ما دامت الظروف مؤهلة لذلك.
وبيّن الياسري في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الولايات المتحدة تنتهج أسلوب الإنهاك، وهو ما جرى في الحرب الباردة، وتكرر ما قامت به داخل الدول التي كانت تختلف معها، بالكشف عن أنها أنظمة شمولية وشعوبها تفتقد الديمقراطية في ظل استفادة واشنطن من القوى الداخلية، وهذا ما تستخدمه الولايات المتحدة حاليا في الملف الإيراني، لا سيما أن الصراع الداخلي في طهران لم يعد سهلا.
تحفّز شعبي
وأردف الياسري أن الواقع الإيراني يشهد تحفزا شعبيا في انتظار أي ضربة، وهو ما جعل المرشد الإيراني يتحدث في خطبة عيد الفطر بأنه لا يخشى هجوم أمريكا، لكن يخشى هجوم القوة الأمريكية في الداخل، وكأنه يستشعر أن هناك مجموعات ستستغل أي عملية استهداف للقيادات الإيرانية لتنقلب على النظام، وهذا مسلسل إنهاك أمريكي قائم ويتجدد من عقد إلى آخر بين واشنطن وطهران حتى تم الوصول إلى المشاهد الختامية.
وذكر الياسري أن إيران أمام خيارين، إما التنازل عن البرنامج النووي بشروط ترامب أو التنازل عن النظام، بعد أن كانت الأذرع التي تراجعت عاملا أساسيا لإطالة عمره.
وخلص إلى أن ترامب سيركز على القوى الناعمة الداخلية أكثر لتصعيد الضغط على النظام الإيراني، إما بالتعامل مع الشروط، أو الذهاب إلى التخلص من النظام بالداخل من خلالها.