logo
العالم

إيران تحت ضغط ترامب.. هل تغير روسيا "معادلة القوة"؟

إيران تحت ضغط ترامب.. هل تغير روسيا "معادلة القوة"؟
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيانالمصدر: غيتي إيمجز
04 أبريل 2025، 1:49 م

في وقت يهدد فيه البيت الأبيض بتصعيد الضغوط العسكرية على إيران في ظل برنامجها النووي، تتجه الأنظار مُجددًا إلى اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين موسكو وطهران في مطلع العام الجاري، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي بين البلدين.

وبينما يلوح خطر الهجوم الأمريكي على طهران في الأفق، تعزز روسيا من موقفها كحليف رئيسي لطهران، متخذة خطوة تكتيكية لتعميق تحالفها الاستراتيجي مع إيران، في تحدٍّ واضح للمخططات الأمريكية في المنطقة. 

وتصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، خلال الأيام الماضية، حيث هددت واشنطن بعمل عسكري ضد طهران بسبب برنامجها النووي، وردًّا على ذلك، أدانت روسيا هذه التهديدات، معتبرةً إياها غير قانونية وقد تؤدي إلى كارثة إقليمية لا رجعة فيها. 

ووجه الرئيس الأمريكي دوناد ترامب في مارس الماضي، رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، مقترحًا فيها إجراء مفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، مع تحديد مهلة مدتها شهران للتوصل إلى اتفاق. 

وأعقب هذه التصريحات، تهديد ترامب لإيران بأنها ستُقصف إذا لم تتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، قائلا: "إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف".

وردّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، متوعدًا بأن الكيان الصهيوني والأمريكيين سيتلقّون ضربة قاسية وقوية إذا أقدموا على أي عمل عدائي.

ومن جانبها، أدانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، التهديدات الأمريكية بالقيام بعمل عسكري ضد إيران، ووصفتها بأنها "غير مقبولة" وقد تؤدي إلى كارثة إقليمية لا رجعة فيها.

وتُبرز هذه التصريحات تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، مع تدخلات دبلوماسية من روسيا والصين في محاولة لتهدئة الوضع، ويبقى التساؤل الأبرز: ما مصير اتفاقيات استراتيجية تربط بين طهران وموسكو حال تعرُّض إيران لأي هجوم أمريكي محتمل؟

سيناريوهات محتملة 

وأكد الخبراء، أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل قد تلعبان دور الهجوم على إيران، وأن هذه الضربات قد تكون محدودة عبر تل أبيب، أو من خلال محاولة زعزعة الاستقرار داخل طهران، لتجنب التداعيات الاقتصادية الخطيرة للحرب الشاملة.

وأشار الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن روسيا من الممكن أن تدعم حليفتها طهران، دون تزويدها بأسلحة تهدد المصالح الأمريكية أو الإسرائيلية، لكنها ستقدم الدعم ضمن الإطار الاستراتيجي المشترك.

وقال آصف ملحم، مدير مركز JSM للأبحاث والدراسات، إن العلاقات بين إيران والدول العربية من جهة، وعلاقاتها مع روسيا والصين من جهة أخرى، إضافةً إلى ارتباطها بالصراع مع الولايات المتحدة وإسرائيل، تحكمها مجموعة من القيود والمحددات التي تحدد مسار التفاعلات الإقليمية والدولية.

وأكد ملحم، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هناك احتمالًا لاستنساخ السيناريو الأوكراني في المنطقة، حيث قد تكون الولايات المتحدة وإسرائيل في موقع الهجوم، بينما تقدم روسيا الدعم لإيران تحت مبدأ "الدفاع عن النفس".

منع التوسع الأمريكي 

وأضاف أن من مصلحة موسكو منع التوسع الأمريكي في المناطق القريبة منها، مثل القوقاز وإيران، باعتبارها مناطق نفوذ استراتيجي لها، كما هو الحال بالنسبة للصين.

وأشار الخبير في الشؤون الروسية، إلى أن العلاقات الاستراتيجية بين موسكو وطهران تتيح لروسيا إمكانية تزويد إيران بالأسلحة في إطار هذه الاتفاقيات، لكنها في الوقت ذاته، ستراعي مصالح الدول العربية، خاصة فيما يتعلق بمنشآت الطاقة، ولن تسمح لطهران بتنفيذ ضربات ضد هذه المنشآت.

وأوضح مدير مركز JSM للأبحاث والدراسات، أن روسيا لن تزود إيران بأسلحة قد تثير استفزاز الولايات المتحدة إلى درجة الاشتباك المباشر، أو تشكل تهديدًا استراتيجيًّا لإسرائيل، وهو ما يجعل موسكو قادرة على إدارة هذا الصراع ضمن هذه الضوابط؛ نظرًا لعلاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف.

استهداف البرنامج النووي 

وفيما يتعلق بردود الفعل المحتملة، قال آصف ملحم، إن الولايات المتحدة قد تعتمد على إسرائيل لتنفيذ ضربات محدودة ضد البرنامج النووي الإيراني، مما قد يؤدي إلى رد مماثل من طهران، الأمر الذي قد يُبقي التصعيد ضمن نطاق محدود. 

وتابع: "إذا قررت واشنطن تنفيذ هجوم شامل، فقد يتصاعد الصراع إلى حرب إقليمية كبرى، وإن كان سيظل محكومًا بقيود دولية، مثلما هو الحال في أوكرانيا".

واستطرد قائلا: "إن هناك سيناريو آخر قد تلجأ إليه الولايات المتحدة، وهو تفكيك إيران من الداخل عبر تأجيج الاضطرابات في المناطق التي تشهد نزعات معارضة للحكومة، خاصة في أذربيجان الشرقية والغربية".

وأشار ملحم، إلى أن خيار الحرب المباشرة سيكون مكلفًا اقتصاديًّا، وقد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، مما قد يُلحق ضررًا بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

وفي ختام تصريحاته، أكد مدير مركز JSM للأبحاث والدراسات، أن واشنطن تعمل على نشر منظومتي "باتريوت وثاد" في منطقة الخليج، وهو مؤشر على تحضير إسرائيل لضربة محتملة ضد إيران، لكن القلق الحقيقي يكمن في طبيعة الرد الإيراني.

تحالفات دولية 

من ناحيته، قال محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن التحالفات الاستراتيجية بين روسيا وإيران تأتي في إطار مواجهة النفوذ الأمريكي، خاصة بعد الحرب الأوكرانية، حيث تشكلَ تحالف جديد يضم روسيا، الصين، كوريا الشمالية، وإيران، لمواجهة حلف الناتو.

وأشار، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، إلى أن موسكو عملت على تعزيز نفوذها عبر توسيع تحالفاتها، من خلال تهديد المصالح الأمريكية في بحر الصين الجنوبي، مستفيدة من علاقتها القوية ببكين، وكذلك من تعاونها العسكري المتقدم مع كوريا الشمالية، حيث منحتها التكنولوجيا الفضائية لاستخدامها في تطوير الصواريخ الباليستية، ما زاد من الضغط على النفوذ الأمريكي.

وأضاف الأفندي، أن روسيا لن تكرر خطأ الماضي بعد انضمام دول حلف وارسو إلى الناتو؛ ولذلك لجأت إلى توقيع اتفاقيات ثنائية استراتيجية مع الدول الحليفة لها، لضمان مصالحها وعدم ترك المجال مفتوحًا أمام النفوذ الغربي.

وأوضح أن كوريا الشمالية باتت قوة عسكرية تهدد الولايات المتحدة بصواريخها الباليستية، بينما تحولت الصين إلى قوة اقتصادية وعسكرية هائلة، بفضل تعاونها مع روسيا، فيما تمكنت إيران من تطوير منظومتها الصاروخية واقتناء مقاتلات حديثة.

 

مصالح أمنية منافسة

ولفت الخبير في الشؤون الروسية، إلى احتمال أن تكون روسيا قد قدمت مساعدات سرية لإيران في تطوير برنامجها النووي، مما يضيف مزيدًا من التعقيد إلى الموقف الأمريكي، وأن هذا السيناريو قد يجبر واشنطن على إعادة النظر في استراتيجيتها تجاه إيران، خصوصًا إذا ثبت امتلاكها لقدرات نووية متقدمة.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة، سواء بقيادة بايدن أو ترامب مستقبلًا، قد تضطر إلى الاعتراف بالمصالح الأمنية للدول المنافسة، كروسيا والصين وإيران، بهدف تفادي تصعيد عسكري قد تكون عواقبه كارثية على الجميع.

أخبار ذات علاقة

منشأة نطنز النووية الإيرانية

أبرز المنشآت النووية الإيرانية المعرضة لخطر الاستهداف الأمريكي

 وقال الأفندي إن أي حرب محتملة بين إيران وأمريكا ستدفع روسيا إلى دعم طهران بالذخائر والأسلحة، وفقًا لاتفاقيات الدفاع المشترك بين البلدين، ما قد يؤدي إلى تعقيد المشهد الجيوسياسي في المنطقة بشكل غير مسبوق.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC