تقارير صينية: سفينتان حربيتان من كندا وأستراليا تعبران مضيق تايوان

logo
العالم

يتجاوز الخصومة التقليدية.. الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى أين يقود المنطقة؟

يتجاوز الخصومة التقليدية.. الصراع الإيراني الإسرائيلي إلى أين يقود المنطقة؟
مقاتلة إسرائيلية المصدر: منصة إكس
15 يونيو 2025، 2:08 م

إدريس أحميد

تعيش منطقة الشرق الأوسط على وقع توتر متصاعد بين إيران وإسرائيل، يتجاوز التهديدات والضربات المحدودة إلى احتمال نشوب صراع إقليمي مفتوح. صراع يحمل في طياته أبعاداً إستراتيجية تتجاوز الخصومة التقليدية، ويضع مستقبل المنطقة على مفترق طرق حاسم.

الصراع المفتوح يثير العديد من الأسئلة حول اتجاه التطورات ومآلات الصراع، وإمكانية توسعه، بل وحجم الأطراف الدولية والإقليمية المنخرطة فيه، علنًا أو ضمنًا.

ومنذ عقود، يتجذّر العداء بين إسرائيل وإيران، لكن ما يجري اليوم هو صراع وجودي مفتوح، حيث تسعى إيران لفرض توازن ردع إقليمي من خلال برنامجها النووي وترسانة صواريخها الباليستية وطائراتها المسيّرة، بينما تعتبر إسرائيل ذلك تهديداً وجودياً لا يمكن التسامح معه.

ومع تصاعد الضربات المتبادلة، وعمليات الاغتيال داخل إيران، وهجمات سيبرانية متكررة، بات واضحاً أن المنطقة تقترب من مرحلة الانفجار الكبير، خاصة في ظل تآكل أدوات الاحتواء الإقليمي والدولي.

النووي الإيراني.. بين التأخير والتشتيت

تأخرت إيران في استكمال مشروعها النووي رغم مضي سنوات على بدء تخصيب اليورانيوم، ويُعزى ذلك إلى عدة أسباب متداخلة، مثل: العقوبات الاقتصادية الخانقة، ومفاوضات مربكة وطويلة ضمن الاتفاق النووي، واختراقات أمنية نوعية، تمثلت في اغتيالات وعمليات تخريب داخل المنشآت النووية، إضافة إلى التحديات الداخلية والخلافات مع دول الجوار.

ويذهب محللون إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل عملتا على تشتيت إيران بين ملفات إقليمية، مثل (اليمن، وسوريا، ولبنان، والعراق)، وملف المفاوضات النووية، بهدف منعها من الوصول إلى عتبة السلاح النووي.

بين الصمود والمناورة

رغم الضغوط الكبيرة، تحتفظ إيران بشبكة حلفاء إقليميين، أبرزهم حزب الله في لبنان، الذي تأثر بفعل الأزمات الاقتصادية والسياسية، ثم جماعة الحوثي في اليمن، التي تواجه صعوبات عسكرية واقتصادية، إلى جانب فصائل موالية في العراق، تتعرض لضغوط مباشرة من الولايات المتحدة.

لكن هذه التحالفات لم تعد بنفس القوة والتأثير السابق، ما يضع إيران أمام خيارين معقدين: إما المواجهة المباشرة مع احتمال التصعيد الشامل، أو المناورة وترك مساحة للتفاوض لوقف الحرب المحتملة.

مواقف القوى الإقليمية والدولية

تتأرجح مواقف القوى الإقليمية والدولية من الصراع الإسرائيلي الإيراني، لكن في الأساس يبرز دعم واشنطن لتل أبيب، إذ تعد الولايات المتحدة الشريك الإستراتيجي لإسرائيل، فقد عقد البنتاغون اجتماعات طارئة مع الجانب الإسرائيلي لتقييم التدخل المحتمل.

أخبار ذات علاقة

غارات إسرائيلية على مستودعات نفط في طهران

منذ بدء "الأسد الصاعد".. إسرائيل هاجمت 890 هدفاً إيرانياً

أما تركيا، فتحاول اللعب على خط الوساطة بين الأطراف، إذ تخشى من توسع الحرب قرب حدودها، خاصة مع علاقتها المعقدة بإيران والناتو، كما تدعم في المقابل خفض التصعيد وتفضل حلولاً سياسية للصراع.

باكستان بدورها، والتي تحتفظ بعلاقات أمنية وتنسيقية مع إيران، لن تدخل في صراع مباشر، فسياستها مرهونة بحسابات إقليمية ودولية معقدة، خاصة مع دول الخليج والغرب.

وبينما تعد روسيا شريكاً عسكرياً وتقنياً لإيران، خاصة في مجال الطائرات المسيّرة، وترى في الصراع الحالي فرصة إستراتيجية لاستنزاف الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أنها لن تتدخل عسكرياً، وقد تدعم دبلوماسياً وإعلامياً،وقدّمت بالفعل عرضاً للوساطة.

من جهتها، فإن الصين، وهي الشريك الاقتصادي الأبرز لإيران، ترفض التصعيد، وتدعو للاستقرار، خشية تأثيره على مصالحها في الطاقة والطريق التجاري. لكن بكين يمكن أن تلعب دوراً سياسياً في تشكيل توازن دولي جديد يحد من الهيمنة الغربية.

أخبار ذات علاقة

الوفد التفاوضي الإيراني في صورة أرشيفية

بعد إسقاطها ورقة المفاوضات.. هل قررت إيران شنّ "حرب استنزاف" على إسرائيل؟

أوروبياً، تبدو المواقف موحّدة في دعمها لإسرائيل، وإن كانت على خلاف مع إسرائيل في حربها على غزة، وتوقيع عقوبات على وزراء الحكومة الإسرائيلية، وسعيها للاعتراف بالدول الفلسطينية.

دعت الدول الأوروبية للتهدئة فور اندلاع الصراع العسكري بين تل أبيب وطهران، وطالبت بالعودة للاتفاق النووي خشية من موجات هجرة، وارتفاع أسعار الطاقة، واضطراب استقرار المنطقة.

وأعلنت فرنسا بأنها ستقف إلى جانب إسرائيل في حربها، كذلك بريطانيا التي لا شك في دعمها لإسرائيل، والتي حرّكت قطعاً بحرية إلى المنطقة، لذلك لن تتأخر دول الناتو في دعم إسرائيل، إذ عبّرت برلين عدمها لتل أبيب في الدفاع عن نفسها. وهذا يُظهر أنه رغم الانقسام الأوروبي في عدة ملفات، إلا أن هناك توافقاً على دعم إسرائيل في حال استمرار الحرب. 

مشروع إسرائيل التوسعي 

بعيداً عن الخطاب الدفاعي، يرى مراقبون أن إسرائيل لا تسعى فقط إلى ردع إيران، بل لتثبيت واقع إقليمي جديد، يخدم مشروعها التوسعي عبر إضعاف الدول المحيطة وتفتيت وحدتها، ونزع السلاح النوعي عن أي قوة إقليمية، وإبقاء الهيمنة الأمريكية على أمن المنطقة.

ولذلك، فإن أي انتصار لإيران، أو حتى صمودها، يُعد ضربة لهذه الإستراتيجية، وقد يدفع إسرائيل نحو المزيد من التصعيد.

تُظهر التطورات المتسارعة أن الشرق الأوسط لا يزال ساحة مفتوحة لصراعات النفوذ الدولي، نظراً لموقعه الإستراتيجي، وثرواته، وممراته الحيوية، وارتباطه بمصالح قوى كبرى. وفي ظل عالم يعاني من الإرهاب والتشدد، وغياب توازن دولي رادع، تبقى المنطقة عرضة لموجات متتالية من التصعيد، وعدم الاستقرار.

كما تبقى إسرائيل من أبرز مصادر التوتر الإقليمي والدولي، بمشروعها القائم على التفوق والهيمنة ورفض الآخر، وهو ما يهدد الأمن الجماعي في المنطقة والعالم.

وبين مشاريع الهيمنة والممانعة، والصراعات بالوكالة، والتدخلات المتعددة، تقف المنطقة اليوم أمام خيارين: إما انفجار شامل يعيد خلط الأوراق ويدفع نحو تحالفات دولية جديدة، أو فرصة لفرض تسوية شاملة، توازن بين المصالح، وتفتح باب السلام والاستقرار.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC