قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الرئيس الصيني شي جين بينغ يعمل على بناء حصن اقتصادي لحماية بلاده من الضغوط الأمريكية المتزايدة، في ظل تصاعد التوترات مع واشنطن.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي يشدد فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيوده على بكين، تسعى الصين، رغم التكلفة الباهظة، إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، وتقليل اعتمادها على المنتجات والتقنيات الأجنبية، ضمن استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز مناعة الاقتصاد الصيني ضد الضغوط الغربية.
وذكرت الصحيفة أن بكين ضخت مئات المليارات من الدولارات في الصناعات المتطورة، مثل السيارات الكهربائية، الذكاء الاصطناعي، أشباه الموصلات، والصناعات التحويلية، وحثت قادة الأعمال على مواءمة أولوياتهم مع توجهات الحكومة.
وقد أثمرت هذه الجهود عن تقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية في مجالات مثل الروبوتات، الأجهزة الطبية، والألواح الشمسية، كما أظهرت شركات مثل ديب سيك في الذكاء الاصطناعي قدرة تنافسية عالمية، ما أثار مخاوف من تفوق الصين على الغرب في بعض المجالات.
وأوضحت الصحيفة، أنه رغم النجاحات، فإن سياسة الاكتفاء الذاتي الصناعي مكلفة، حيث تشير دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) إلى أن الإنفاق الصيني السنوي على هذه السياسة بلغ 250 مليار دولار بحلول عام 2019، مع إهدار مبالغ ضخمة على مشاريع فاشلة، لا سيما في أشباه الموصلات المتقدمة.
كما أن تدفق الاستثمارات الصناعية أدى إلى تصدير كميات هائلة من السلع الصينية بأسعار مخفضة إلى الأسواق الخارجية، ما أدى إلى تصاعد التوترات التجارية مع الغرب.
وفي مواجهة ذلك، تسعى الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى الحد من تدفق الرقائق المتقدمة إلى الصين، ومن المتوقع أن يصبح التفوق الصناعي الصيني نقطة اشتعال جديدة في الصراع الاقتصادي، خصوصًا مع استمرار ترامب في تشديد الضغط على بكين.
وفي ظل تراجع قطاع العقارات وضعف الطلب العالمي، يرى بعض الاقتصاديين أن الصين بحاجة إلى تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لتحفيز الاستهلاك المحلي، بدلاً من الاستمرار في الإنفاق الضخم على القاعدة الصناعية وتراكم ديون جديدة دون ضمان عوائد مستقبلية.
ومع ذلك، تؤمن بكين بأن توجيه الموارد إلى التصنيع والتكنولوجيا المتقدمة يعزز الأمن القومي عبر تقليل الاعتماد على الغرب، حتى وإن أدى ذلك إلى تفاقم التوترات التجارية أو تفاقم بعض المشكلات الاقتصادية الداخلية؛ وبالنسبة للقادة الصينيين، بحسب الصحيفة، فإن المخاطر تستحق العناء، وفق تعبيرها.