أكد خبراء ومحللون سياسيون، أنه في ظل تصاعد الضغوط السياسية والعسكرية، تسعى أوكرانيا إلى الحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، لإنهاء الحرب مع روسيا، فيما تواصل موسكو رفض أي شروط مسبقة للمفاوضات.
وبين الدعوات الأمريكية لإنهاء الصراع بين موسكو وكييف، والضغوط الأوكرانية على الدول الأوروبية لتوفير الضمانات الأمنية بعدم التخلّي عنها، بدأت تظهر مفارقات واضحة في الساحة السياسية، خاصة بعد تعثر تنفيذ دونالد ترامب لوعده الانتخابي المتعلق بحل الصراع بين الطرفين خلال 24 ساعة من توليه منصب الرئاسة في البيت الأبيض.
وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الأيام الأولى لتنصيب ترامب، موافقته على التفاوض مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، إلا أنه عاد مرة أخرى ليضع شروطًا جديدة للتفاوض مع الرئيس الروسي.
ووفقًا لزيلينسكي، فإن بلاده مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا بشأن إنهاء الحرب بشرط ضمانات أمريكية وأوروبية، قائلاً: "إذا حصلتُ على تفاهم بأن أمريكا ودول أوروبا لن تتخلّى عنا، وستدعمنا، وتقدم لنا ضمانات أمنية، سأكون مستعدًا لأي صيغة للمحادثات".
وفي تصريح سابق، أعلن بوتين أن نظيره الأوكراني لا يرغب في الجلوس على طاولة التفاوض، وإذا شارك في المفاوضات، سيكون ذلك غير شرعي بسبب انتهاء ولايته خلال الأحكام العرفية المفروضة.
وقال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، كارزان حميد، إن الرئيس الأوكراني رفض جميع مبادرات السلام التي تقدمت بها الدول الأوروبية، وفرض شروطًا جديدة للبدء في المفاوضات مع روسيا، رغم أنه أعلن في عدة تصريحات إعلامية موافقته على الجلوس للتفاوض.
وأوضح حميد في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الرئيس الأمريكي كان أمامه العديد من الفرص لوقف خسائر قواته، وتحسين وضعه الاستراتيجي، لكنه وحلفاءه الغربيين، خاصة الأوروبيين، كانوا يعتقدون أنهم قادرون على تحقيق النصر على روسيا مع مرور الوقت.
وتابع: "الآن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعاد الجميع إلى نقطة الصفر بسبب عدم تنفيذ وعده الانتخابي، ومحاولاته إجبار زيلينسكي على التفاوض المشروط مع بوتين، وهو ما ظهر واضحاً في محاولاته لمساومة كييف على ثرواتها الطبيعية من أجل حمايته أثناء المفاوضات، ودعم موقفه السياسي والعسكري الضعيف".
وأضاف أن أوكرانيا، بموقعها الاستراتيجي، قد تعود إلى موسكو في المستقبل بعد عقد من الزمن.
من جهته، قال الخبير في الشؤون الروسية د. نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو، إن تصريحات زيلينسكي عن الضغط على ترامب وأوروبا على روسيا ليست مفاجأة، مشيرًا إلى أن بوتين يتمسك بالمناطق التي سيطرت عليها روسيا في شرق وشمال أوكرانيا.
وأضاف بوش أن هناك إصرارًا روسيًا على إنهاء الحرب وليس مجرد تجميد الصراع، وأن رفض هذه الفكرة يعود إلى رغبة موسكو في منع أوكرانيا من إعادة بناء جيشها.
وأشار إلى أن الوضع الميداني يظل في صالح روسيا التي تمكنت من تحرير أكثر من 75% من أراضي كورسك الروسية التي دخلتها القوات الأوكرانية.
وأكد بوش أن روسيا تملك أوراق ضغط كبيرة بفضل سيطرتها على زمام المعركة، وستستخدمها في حال جلوسها على طاولة المفاوضات.
وأضاف أن موسكو وضعت شروطًا للتفاوض، بما في ذلك أن تكون أوكرانيا منزوعة السلاح وحيادية، وألا تنضم لحلف الناتو، أو تمتلك أسلحة نووية.
وأوضح أن هذه الشروط كانت موجودة حتى قبل بداية العملية العسكرية، وأن روسيا لن تتنازل عنها.
وأشار بوش إلى أن الضغوط الغربية، مثل إرسال طائرات ميراج 2000 الفرنسية، لن تؤثر على الموقف الروسي، لأن روسيا لن تتراجع عن شروطها، كما أن أي مفاوضات مع أوكرانيا لن تكون شرعية ما لم يتم إلغاء قرار حظر التفاوض الذي وقع عليه زيلينسكي.