في ظل إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إنهاء الصراع الروسي الأوكراني، تتصدر الاتصالات بين الزعيمين الأمريكي والروسي المشهد، لا سيما في ظل عدم تنفيذ ترامب لوعده الانتخابي بإنهاء هذا الصراع خلال 24 ساعة من توليه منصبه في البيت الأبيض.
وخلال الساعات الماضية، جرت اتصالات هاتفية بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، كشف الرئيس الأمريكي عن بعض تفاصيلها، مشيرًا إلى أنه ناقش خلالها سبل إنهاء الحرب الأوكرانية، إلا أن الكرملين التزم الصمت حيال هذه التصريحات؛ ما زاد من الغموض حول طبيعة هذه المباحثات.
تساؤلات حول طبيعة الاتصالات
أثارت هذه الاتصالات العديد من التساؤلات بشأن المناورات السياسية الأمريكية المحتملة على الساحة الدولية، وما إذا كانت هناك "صفقات سرية" يتم الترتيب لها بين الطرفين.
ووفقًا لما أعلنه ترامب، فإن بوتين أبدى رغبة في الحد من الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب، لكنه فضّل عدم الخوض في تفاصيل هذه المباحثات علنًا.
وفي هذا السياق، يرى الخبراء أن ترامب يسعى إلى فتح قنوات دبلوماسية للسلام بين روسيا وأوكرانيا، إلا أن إنهاء الحرب لن يكون في الأفق القريب؛ نظرًا لتعقيد الوضع وغياب رؤية واضحة من الإدارة الأمريكية رغم وعود ترامب السابقة.
مسار المفاوضات.. بين التعقيد والترتيبات
بحسب المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، نبيل رشوان، فإن الفترة الحالية لم تشهد اتصالات مباشرة بين ترامب وبوتين، لكن التواصل يتم عبر القنوات الدبلوماسية، ومن المتوقع أن يتم الإعلان رسميًا عن تفاصيل الأجندة الدبلوماسية بين الطرفين فور التوصل إلى تفاهمات أولية، والتي قد تتضمن عقد لقاء مباشر بين الزعيمين.
وأوضح رشوان، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن أي تفاهمات بين موسكو وواشنطن بشأن الحرب الأوكرانية لن تتحقق بسرعة، إذ إن الأمر معقد ويتطلب ترتيبات لصفقة محتملة بين الطرفين.
كما أشار إلى أن ترامب، الذي يدير السياسة الخارجية من منظور اقتصادي بحت، قد يسعى للحصول على مكاسب اقتصادية من الطرفين، بما في ذلك المعادن النادرة التي تمتلكها كل من روسيا وأوكرانيا.
اتصالات سرية وتراجع التصعيد
من جانبه، يرى د. محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن عدم الإعلان الرسمي من قبل موسكو عن أي اتصال مباشر بين بوتين وترامب لا يعني عدم وجود تواصل، بل إن تراجع التصعيد الأوكراني منذ تولي ترامب الرئاسة يشير إلى أن اتصالات سرية قد جرت بالفعل.
وأشار الأفندي، في تصريحاته لـ"إرم نيوز"، إلى أن امتناع كييف عن استخدام الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى "أتاكمز" لضرب الأراضي الروسية قد يكون بقرار مباشر من ترامب، في إطار تفاهمات غير معلنة بين الطرفين.
كما أوضح أن السرية التي تحيط بهذه الاتصالات قد تكون مدفوعة باعتبارات سياسية، من بينها رغبة موسكو في الحفاظ على معنويات قواتها على جبهات القتال.
صفقة محتملة لإنهاء الحرب؟
يرى الخبراء أن إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية يتطلب صفقة شاملة بين بوتين وترامب، وهو ما قد يستغرق وقتًا للتحضير. وبحسب بعض التسريبات، فإن خطة ترامب للسلام قد تستغرق 100 يوم لتنفيذها.
وفي هذا السياق، يؤكد الأفندي أن مثل هذه الصفقة تحتاج إلى اتصالات سرية على مستويات متعددة، تشمل الرؤساء ووزارات الخارجية والأجهزة الأمنية، في ظل وجود أطراف دولية قد تسعى لعرقلة هذه المفاوضات.
ويشير المراقبون إلى أن موسكو لا تمانع إنهاء الصراع الأوكراني، لكنها تسعى إلى تسوية تحقق أمنها القومي بشكل كامل، وهو ما يتطلب ترتيبات معقدة لضمان استقرار روسيا وأوروبا على حد سواء.