تحولت الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء كينيا إلى أعمال عنف دامية، بعدما اشتبك آلاف المتظاهرين مع قوات الشرطة، في ظل اتهامات من السلطات بـ"محاولة انقلاب"، مقابل انتقادات لاذعة لتعامل الرئيس ويليام روتو مع المظاهرات، والذي وُصف بـ"القمعي" ويفتقر للشعبية.
وكشفت اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان (جهة حكومية) اليوم السبت، أن حصيلة ضحايا الاحتجاجات ارتفعت إلى 19 قتيلاً، مع تسجيل 15 حالة اختفاء، وذلك عقب خروج الآلاف إلى شوارع العاصمة نيروبي وعدة مدن أخرى، في مسيرات تكريمية لضحايا احتجاجات يونيو ويوليو 2023 ضد قانون الميزانية، والتي بلغت ذروتها باقتحام البرلمان في 25 يونيو/حزيران 2024.
ورغم انطلاق الاحتجاجات بشكل سلمي، سرعان ما تحولت التظاهرات إلى مواجهات عنيفة مع قوات الأمن.
واتهم وزير الداخلية، كيبشومبا موركومين، منظمي الاحتجاجات بـ"تدبير انقلاب للإطاحة بالحكومة"، قائلاً إن ما جرى ليس تعبيرًا سلميًا عن الرأي بل "خطة منسقة لتغيير النظام بشكل غير دستوري".
وفي مؤتمر صحفي عقب جولة ميدانية في نيروبي لتفقد الأضرار، قال موركومين إن المتظاهرين حاولوا "السيطرة على رموز السيادة والديمقراطية في البلاد، ممثلة بالبرلمان والقصر الرئاسي"، معتبرًا أن الشرطة "أحبطت بنجاح محاولة انقلابية منظمة، ممولة، ومحرض عليها سياسياً" وفق تعبيره.
وأضاف الوزير أن منظمي الاحتجاجات استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي "لنشر الفوضى والتحريض على التمرد"، مؤكدًا أن ما حدث "لم يكن احتجاجًا بل أعمال عنف تهدد استقرار البلاد".
ويرى مراقبون أن هذه الفوضى تعكس خيبة أمل عميقة لدى شريحة الشباب المتعلم والعاطل عن العمل، في ظل تفشي الفساد ووعود غير محققة من الرئيس روتو، الذي انتُخب عام 2022 وتراجعت شعبيته سريعًا.
وعلى الرغم من عدم فرض ضرائب مباشرة جديدة في ميزانية 2025، يرى كثيرون أن هذه الخطوة محاولة لتهدئة الشارع، دون معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، مثل البطالة، عنف الشرطة، والإفلات من العقاب.
وسُجل في عام 2024 اختطاف أكثر من 80 شخصًا على خلفية الاحتجاجات، ولا يزال عدد منهم في عداد المفقودين.
وفي تظاهرة بتاريخ 17 يونيو/حزيران في نيروبي، أفادت تقارير محلية بأن "عصابات مسلحة" تعمل بالتنسيق مع الشرطة هاجمت المتظاهرين، كما وثّق مقطع فيديو إطلاق شرطي النار من مسافة قريبة على بائع أعزل، ما أثار موجة غضب شعبية.
ونعت صحيفة "ديلي نيشن" المحلية الأحداث بعبارة "الألم والموت والحزن اجتاحت البلاد من جديد"، خاصة بعد وفاة ألبرت أوجوانج (31 عامًا)، وهو معلم تم توقيفه في وقت سابق هذا الشهر بسبب انتقاده الشرطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي افتتاحيتها، دعت ديلي نيشن الرئيس روتو إلى "وقف الانحدار نحو الفوضى"، مؤكدة أن إدانة أعمال التخريب لا تبرر "الاستخدام المفرط للقوة ضد مواطنين يمارسون حقهم الدستوري في التعبير".
من جهتها، أعربت إليزابيث ثروسيل، المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن "قلق عميق" إزاء التقارير التي تحدثت عن "سقوط قتلى وجرحى من المتظاهرين والشرطة" خلال احتجاجات الأربعاء.
وفي السياق نفسه، أثارت تصريحات موركومين الأخيرة، والتي وجه فيها الشرطة بإطلاق النار على أي شخص يحاول اقتحام مراكز الأمن، جدلاً واسعًا.
واعتُبرت تلك التصريحات "ضوءًا أخضر لاستخدام القوة المميتة"، ما زاد المخاوف من عمليات قتل خارج نطاق القانون، بحسب صحيفة سواحيلية المحلية.