logo
العالم

بأكثر من 110 آلاف جندي.. روسيا تحشد لـ"المعركة الكبرى" في بوكروفسك

بأكثر من 110 آلاف جندي.. روسيا تحشد لـ"المعركة الكبرى" في بوكروفسك
قوات روسيةالمصدر: منصة إكس
02 يوليو 2025، 11:28 ص

يرى خبراء أن محاولة روسيا السيطرة على بوكروفسك الأوكرانية ستفتح الطريق نحو كراماتورسك وسلافيانسك، بما يعزز توسيع النفوذ العسكري والإداري على كامل الإقليم، ويغيّر توازنات السيطرة الميدانية في الحرب، وهو ما يفسّر حجم الحشد العسكري الضخم الذي يُقدّر بأكثر من 110 آلاف جندي.

وبعيدًا عن المدن الكبرى وصخب العواصم، تتجه الأنظار إلى مدينة "بوكروفسك" الأوكرانية التي تحوّلت بمرور الوقت إلى لغز عسكري معقّد، بات يختبر قدرة موسكو على فرض إرادتها بالقوة.

وتستعد القوات الروسية لخوض واحدة من أكبر المعارك منذ بدء الحرب، بعد أن حشدت أكثر من 110 آلاف جندي على أطراف "بوكروفسك"، في مؤشر على أن الكرملين يعتبرها مفتاحًا لإحكام قبضته على شرق أوكرانيا بأسره.

وبحسب تصريحات قائد القوات الأوكرانية، أوليكساندر سيرسكي، فإن المنطقة المحيطة ببوكروفسك باتت "النقطة الأكثر سخونة" على طول خط المواجهة البالغ نحو 1200 كيلومتر.

ومع أن المدينة لا تُعدّ مركزًا حضريًا كبيرًا، فإن موقعها على خطوط إمداد رئيسية وسكك حديد يربطها بمراكز عسكرية أخرى مثل كراماتورسك وسلوفيانسك وكوستيانتينيفكا، جعلها هدفًا ذا أولوية لموسكو، التي تكرّر تأكيد نيتها السيطرة على كامل أراضي دونيتسك ولوغانسك.

أخبار ذات علاقة

مدينة بوكروفسك

روسيا تحشد 110 آلاف جندي لمعركة بوكروفسك

وأشار تقرير لشبكة «سي إن إن» إلى أن القوات الروسية حاولت، على مدار نحو عام، شنّ هجمات متتالية على بوكروفسك، لكنها اصطدمت بدفاعات أوكرانية صلبة نجحت في إحباط خطط الهجوم المباشر.

وذكر معهد دراسة الحرب الأمريكي أن كييف دمجت الطائرات المسيّرة ضمن تكتيكاتها الدفاعية بشكل مكثف، الأمر الذي ساهم في إجبار موسكو على تعديل استراتيجيتها.

في المقابل، لم تتمكن روسيا من تكثيف وجودها العسكري سريعًا في محيط المدينة، بسبب انشغالها باحتواء التوغّل المفاجئ للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك الجنوبية.

ووفقًا لتصريحات سيرسكي، فإن هذه العملية الأوكرانية استنزفت قرابة 63 ألف جندي روسي، و7 آلاف جندي كوري شمالي؛ ما أتاح فرصة لإعادة تجميع القوات الأوكرانية وتخفيف الضغط على دفاعات بوكروفسك.

ورغم إعلان روسيا في سبتمبر/أيلول 2024 أن المدينة ستسقط قريبًا، فإن واقع الميدان ظلّ مغايرًا ومحلّ تساؤل: هل تراهن موسكو على حسم معركة "بوكروفسك" لإنهاء فرص الدبلوماسية؟

الأهمية الاستراتيجية لبوكروفسك

وأكد خبراء أن مدينة بوكروفسك تُمثّل عقدة مواصلات رئيسية في إقليم دونيتسك، وتشكل مركزًا لوجستيًا حيويًا يربط جبهات القتال في الشرق بالمدن الكبرى في الغرب.

وأضاف الخبراء في تصريحات لـ«إرم نيوز» أن السيطرة الروسية عليها ستفتح الطريق نحو كراماتورسك وسلافيانسك، بما يعزز توسيع النفوذ العسكري والإداري على كامل الإقليم، ويغيّر توازنات السيطرة الميدانية في الحرب، وهو ما يفسّر حجم الحشد العسكري الضخم الذي يُقدَّر بأكثر من 110 آلاف جندي.

وأشار الخبراء إلى أن هذا التحشيد لا يعني بالضرورة إغلاق باب الدبلوماسية بالكامل، مؤكدين أن موسكو تستخدم التصعيد الميداني كأداة ضغط تفاوضي لإعادة تشكيل شروط التفاوض.

وأوضح الخبراء أن تاريخ المفاوضات السابقة يُظهر أن أوكرانيا تستغل فترات التهدئة لإعادة التسلّح، وهو ما دفع روسيا هذه المرة إلى التعامل بجدّية أكبر وزيادة الضغط العسكري والسياسي، مع التمسّك بإمكانية الحل السلمي بشرط وجود إرادة حقيقية لإنهاء النزاع.

أخبار ذات علاقة

"المعركة النهائية" لاقتحام بوكروفسك.. متى يفعلها بوتين؟

"المعركة النهائية" لاقتحام بوكروفسك.. متى يفعلها بوتين؟ (تحليل عسكري)

بوكروفسك والعقدة الأوكرانية 

ويقول ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن فهم الأهمية الاستراتيجية لمدينة «بوكروفسك» يتطلب أولًا النظر إلى موقعها ودورها ضمن البنية الدفاعية الأوكرانية وخطوط الإمداد، مؤكدًا أن المدينة تُعدّ عقدة مواصلات رئيسية تربط جبهات القتال في الشرق بالمدن الكبرى في الغرب.

وأكد بريجع في تصريح لـ«إرم نيوز» أن «بوكروفسك» تقع في إقليم دونيتسك، وتشكّل مركزًا لوجستيًا مهمًا للنقل والسكك الحديدية وخطوط الإمداد العسكري والمدني، مشددًا على أن السيطرة عليها تفتح أمام القوات الروسية الطريق نحو مدينتي كراماتورسك وسلافيانسك، ما يعني توسيع نطاق السيطرة الإدارية والعسكرية على كامل الإقليم.

وأوضح أن الحشد العسكري الروسي، الذي يُقدَّر بأكثر من 110 آلاف جندي، يشير إلى أن موسكو لا تنظر إلى المعركة بوصفها هجومًا تكتيكيًا محدودًا، بل باعتبارها عملية استراتيجية أوسع تهدف إلى تغيير ميزان القوى في الجبهة الشرقية بأسرها.

وأضاف مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية أن هذا الحشد يبعث برسالة واضحة، مفادها أن روسيا تعتبر الخيار العسكري هو المفضل في الوقت الراهن، وتسعى من خلاله إلى تحقيق انتصارات ميدانية ملموسة تفرض وقائع جديدة على أي طاولة تفاوض مستقبلية.

أخبار ذات علاقة

الجيش البولندي

بولندا تتهيأ للأسوأ.. هل اقتربت ساعة الصدام المباشر مع روسيا؟

غياب فرص الدبلوماسية 

وأشار المحلل الروسي إلى أن التصعيد العسكري لا يعني بالضرورة غياب فرص الدبلوماسية بالكامل، بل على العكس، فإن التاريخ العسكري والسياسي الروسي يُظهر أن موسكو توظّف التصعيد الميداني كأداة ضغط تفاوضي.

وأشار إلى أن تراجع مستويات الثقة بين الأطراف، وازدياد الهجمات المتبادلة والتصريحات العدائية، يجعلان من الصعب توقّع مفاوضات جادة في المدى القريب.

وأضاف أن كلما ارتفع الثمن البشري والمادي للحرب، زادت احتمالية الانفتاح على مسارات التسوية، ولكن بعد استنفاد أدوات القوة على الأرض.

وقال ديميتري بريجع إن ما يجري في «بوكروفسك» يُمثّل حلقة من حلقات الصراع الجيوسياسي طويل الأمد بين روسيا والغرب، على هوية أوكرانيا وموقعها في النظام الدولي.

تغيرات في مسار الحرب 

من جانبه، قال د. ميرزاد حاجم، أستاذ العلوم السياسية بموسكو، إن مدينة «بوكروفسك» تُعدّ نقطة استراتيجية محورية، مشيرًا إلى أن تحريرها سيمثّل إعلانًا فعليًا لتحرير كامل أراضي «جمهورية دونيتسك الشعبية»، وهو الهدف الذي تسعى روسيا لتحقيقه منذ سنوات، في إطار ما وصفه بـ«تحرير الجمهورية من ظلم السلطة الحاكمة في كييف».

وأوضح حاجم، في تصريح لـ«إرم نيوز»، أن الأهمية الاستراتيجية لـ«بوكروفسك» تكمُن في كونها من أبرز النقاط المفصلية في المعركة الجارية، معتبرًا أن تطوراتها ستؤثر بشكل حاسم على مسار الحرب.

وأكد أن ما يُروَّج له بشأن تضاؤل فرص الحلول الدبلوماسية «غير دقيق»، موضحًا أن «السلطة الأوكرانية تراوغ وتلعب على عامل الوقت»، خاصة وأن «اتفاقيات مينسك 1 و2، ومفاوضات إسطنبول، كلها أمثلة على تلك المراوغة، حيث كانت كييف تستغل فترات التهدئة لإعادة التسلّح والاستعداد لجولات قتال جديدة، ما يدل على أنها لا ترغب فعليًا في إنهاء النزاع».

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن روسيا، على عكس المراحل السابقة، «تتعامل هذه المرة بحزم وجدية»، مؤكّدًا أن كل محاولة من أوكرانيا لكسب الوقت تقابلها موسكو بزيادة الضغط العسكري والسياسي، وأن «كل الخيارات التي راهن عليها الغرب، بما في ذلك العقوبات، لم تُجدِ نفعًا في إضعاف الموقف الروسي».

أخبار ذات علاقة

آثار هجوم صاروخي روسي على سومي بأوكرانيا

خبراء: التحول الروسي في قواعد الاشتباك بحرب أوكرانيا "رسالة ردع إلى الغرب"

وشدّد حاجم على أن «فرص الدبلوماسية لا تزال قائمة، لكنها تحتاج إلى إرادة حقيقية لإنهاء ما وصفه بالمهزلة التي تُدار من قبل السلطة في كييف، بدعم من أطراف تستفيد من استمرار الحرب، خاصة من تجّار السلاح وصناعة الأزمات».

وأكد د. ميرزاد حاجم أن الجانب الروسي قدّم أكثر من مرة مبادرات استراتيجية طويلة الأمد، بينما تواصل أوكرانيا اللعب على ورقة الإعلام والبروباغندا والمماطلة، وهو ما يعكس بحسب تعبيره عدم الجدية في السعي نحو حلّ سلمي.

وتابع أستاذ العلوم السياسية في موسكو: «قد يأتي يوم تُضطر فيه السلطة الحاكمة في كييف إلى الاستسلام والدخول في مفاوضات من دون شروط، بعدما تفقد أوراق الضغط، وتتراجع قدرتها على المناورة».

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC