كشف تقرير حديث أن باكستان وبنغلاديش والصين بصدد تشكيل تكتل إقليمي جديد؛ ما يهدد بعزل الهند ويضعها في موقع الطرف الذي يسعى الآخرون لتجاوزه، وليس القوة الجامعة التي تقود المنطقة.
وبحسب "فورين بوليسي"، فإن التكتل المقترح، الذي عاد إلى السطح بعد اجتماع ثلاثي في يونيو في كونمينغ بالصين، يعد خطوة قد تهز التوازن الإقليمي بجنوب آسيا؛ إذ يمثل محاولة لتجاوز "سارك"، المنظمة الإقليمية التي تعرف بـ"رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي (SAARC)، التي تأسست في عام 1985 لتشجيع التعاون بين دول جنوب آسيا، إلَّا أن حالة الجمود التي أصابتها خلال العقد الأخير، بسبب التوترات المستمرة بين الهند وباكستان، وخلافات نيوديلهي مع جيرانها، بما في ذلك بنغلاديش والصين، فتحت ثغرات سياسية استغلتها أطراف أخرى.
ويرى الخبراء أن كلّاً من باكستان وبنغلاديش يظهران رغبة واضحة في تجاوز ذلك الإطار القديم، مع تعزيز التعاون الاقتصادي والاتصالات، وإعادة إحياء الروابط العسكرية بين إسلام أباد ودكا؛ فالهند، التي كان تكتل "سارك" يحمي نفوذها الإقليمي من الناحية النظرية، وجدت نفسها الآن أمام مشروع قد يقوض دورها، ويزيد عزلة نيودلهي بين جيرانها.
ويعتقد البعض أن المخاوف الهندية ليست مجرد شعور بالتهديد، بل تأتي في سياق تصعيد أمني متكرر؛ فالهجمات الإرهابية الأخيرة على الأراضي الهندية، المنسوبة إلى جماعات باكستانية، إلى جانب المواجهة العسكرية القصيرة في مايو، أظهرت محدودية قدرة الهند على فرض نفوذها الإقليمي في ظل تعاظم روابط جيرانها.
ويحذر مراقبون من أن التكتل المحتمل بين بنغلاديش وباكستان والصين يضع الهند أمام تحديات استراتيجية مزدوجة تتمثل في مواجهة قوة اقتصادية جديدة في محيطها، واحتمال نشوء محور أمني يعزز التعاون العسكري بين الدول الثلاث ضد مصالح نيودلهي، خصوصا أن الصين، التي لطالما سعَت لتوسيع بصمتها في جنوب آسيا، قد تجد في هذه المبادرة وسيلة لتحقيق هدفها دون مواجهة مباشرة مع الهند.
لكن على الرغم من أن فكرة قيام تكتل شامل لا تزال في مراحلها الأولية، إلَّا أن دلالتها السياسية واضحة: تآكل القدرة الهندية على قيادة المنطقة لم يعد مجرد نتيجة لفشل "سارك"، بل انعكاس لتراجع نفوذها الإقليمي، بينما يسعى الآخرون إلى إنشاء مسارات جديدة للتعاون بعيدا عن هيمنة نيودلهي.
ويرى الخبراء أن الهند اليوم أمام اختبار مزدوج: حماية مصالحها الإقليمية، وإعادة بناء الثقة مع الدول الأصغر في المنطقة، لضمان ألَّا تتحول المبادرات الجديدة إلى إطار يعزلها تمامًا؛ فقد يحد فشل نيوديلهي في تحقيق ذلك، من نفوذها في جنوب آسيا، مع تحرك محور بنغلاديش-الصين-باكستان ضد مصالحها كإنذار مبكر لتغير موازين القوى.