logo
العالم

انفجار دلهي.. نُذر جولة تصعيد جديدة تخيم على الهند وباكستان

أفراد من الشرطة والأمن في موقع انفجار العاصمة الهنديةالمصدر: فرانس برس

في أعقاب الانفجار الدموي الذي هز العاصمة الهندية نيودلهي بالقرب من القلعة الحمراء في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، والذي أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة نحو 20 آخرين، تعيش الهند على وقع ترقب حذر.

وبحسب صحيفة "يوراسيان تايمز" فإن التحقيقات لا تزال جارية، لكن فرضية العمل الإرهابي تتصدر المشهد، وإذا تأكدت، فإن السؤال الذي يشغل العواصم الإقليمية هو: هل ترد نيودلهي بعملية "سيندور 2" ضد باكستان؟

تعود الذاكرة سريعًا إلى مايو/أيار الماضي، حين اندلعت مواجهة عسكرية محدودة بين البلدين استمرت أربعة أيام، وانتهت بإعلان وقف إطلاق نار مفاجئ في العاشر من الشهر نفسه. 

لكن تلك الهدنة لم تُنهِ التوتر، بل جمّدته مؤقتًا. فمنذ ذلك التاريخ، عادت المؤشرات العسكرية والسياسية لتُظهر أن الجارتين النوويتين تسيران نحو جولة جديدة من التصعيد.

أخبار ذات علاقة

قوات من الشرطة الهندية

مقتل 8 أشخاص في انفجار بنيودلهي (فيديو)

يبدو الانفجار الأخير، سواء كان عملاً إرهابيًا أم لا، مجرد شرارة إضافية على برميل بارود مشتعل أصلًا؛ فالتصريحات النارية من المسؤولين الهنود، والتحركات العسكرية الكثيفة على الأرض، تؤكد أن الهند باتت في حالة تعبئة دائمة، بينما ترد باكستان بخطوات مماثلة في سباق تسلح صامت ولكنه متسارع.

حشد عسكري غير مسبوق

منذ عملية "سيندور"، نفذت الهند أكثر من عشرين مناورة عسكرية مشتركة ومتعددة الأطراف، بواقع مناورة كل عشرة أيام تقريبًا. 

ويكفي هذا الرقم وحده ليعكس مستوى التأهب الهندي واستعداد القوات المسلحة لمواجهة جديدة. شاركت الهند في تدريبات ضخمة شملت مناورات "مخلب النمر" مع الولايات المتحدة، و"شاكتي" مع فرنسا، و"مالابار" ضمن تحالف الرباعية (QUAD)، وصولًا إلى مشاركتها لأول مرة في مناورة "أوشن سكاي" الجوية في إسبانيا، التي اختبرت خلالها تكتيكات القتال الجوي باستخدام طائرات "رافال" و"سو-30 إم كي آي".

ولم يكتفِ الجيش الهندي بالمناورات الخارجية، بل كثّف أيضًا تدريباته المحلية التي شملت تجارب على القتال في المرتفعات العالية والحرب السيبرانية وتكامل الدفاع الجوي، مثل "يوذ كوشال 3.0" في أروناتشال براديش، و"تريشول" في راجستان وغرب الهند.

إلى جانب المناورات، أجرت نيودلهي سلسلة اختبارات على منظومات أسلحة استراتيجية منذ مايو/أيار، شملت الصاروخ الباليستي النووي "أجني-5"، ونظام الدفاع الجوي المتكامل (IADWS) المزود بصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وأسلحة طاقة موجهة بالليزر، فضلًا عن تطوير طائرات مُسيّرة متقدمة للاستطلاع والهجوم. 

هذه الخطوات تؤشر إلى تحول نوعي في العقيدة الدفاعية الهندية نحو "الجاهزية الاستباقية"، التي تدمج القوات البرية والجوية والبحرية في إطار حرب هجينة متعددة المجالات.

أخبار ذات علاقة

شهباز شريف (يمين) والرئيس آصف علي زرداري (وسط) يُسلمان عصا المشير لعاصم منير

"حصانة مدى الحياة".. باكستان تمنح عاصم منير صلاحيات غير مسبوقة

ولم تكتفِ القيادة العسكرية بالتجهيز الميداني، بل وجّهت رسائل سياسية حادة؛ حيث حذّر وزير الدفاع الهندي راجناث سينغ باكستان من أن أي "مغامرة" في منطقة سير كريك ستقابل برد "سيغيّر التاريخ والجغرافيا". 

أما قائد الجيش الجنرال أوبيندرا ديفيدي، فذهب أبعد حين قال: "إذا أرادت باكستان الحفاظ على مكانها في التاريخ، فعليها وقف الإرهاب الذي ترعاه الدولة"؛ هذه التصريحات تعكس تحوّل الهند من خطاب الدفاع إلى خطاب الردع الهجومي الواضح.

باكستان تعزز ترسانتها وتعيد تنشيط شبكاتها

على الجانب الآخر من الحدود، تتحرك إسلام آباد بخطى موازية؛ فمنذ مايو/أيار، أجرت باكستان اختبارات على صاروخها الباليستي متوسط المدى "شاهين-3"، وصاروخ "فاتح-4" المجنح بمدى يتجاوز 400 كيلومتر، إضافة إلى تجارب غير معلنة على صاروخ فرط صوتي في إقليم بلوشستان. 

كما أصدرت تحذيرات متكررة بشأن تجارب صاروخية جديدة خلال أكتوبر ونوفمبر، ما يشير إلى سباق تسلح مستمر.

سياسيًا، عزز قائد الجيش الباكستاني الجنرال عاصم منير سلطاته عبر تعديلات دستورية منحت المؤسسة العسكرية نفوذًا مطلقًا، في إشارة إلى عسكرة متزايدة للمشهد الباكستاني. 

أما أمنيًا، فتم رصد عودة نشاط الجماعات المسلحة مثل "جيش محمد" التي أعلنت مؤخرًا تأسيس جناح نسائي باسم "جماعة المؤمنات" لتجنيد انتحاريات، ما يثير مخاوف من عودة موجة الإرهاب العابر للحدود.

أخبار ذات علاقة

غواصة من فئة "هانغور" التابعة للبحرية الباكستانية

الردع تحت الماء.. كيف تعيد غواصات "هانغور" تشكيل قدرات باكستان البحرية؟

الواقع أن باكستان تواجه أزمة مركّبة: ضغوط اقتصادية داخلية خانقة، وتراجع في الثقة الدولية، وتصاعد النزعة القومية في الهند التي تستثمر هذه اللحظة السياسية لتعزيز موقفها الإقليمي. 

وفي حال ثبوت تورط جماعة إرهابية باكستانية في انفجار دلهي، فإن الرد الهندي قد يكون غير مسبوق؛ فالهجوم، إذا تأكدت صلته بباكستان، سيكون الأول على الأراضي الهندية منذ أكثر من عقد، وهو ما يجعل أي تساهل سياسي من جانب مودي مستبعدًا تمامًا.

نحو سيناريو "سيندور 2"؟

تبدو المنطقة على حافة اختبار جديد للردع النووي بين نيودلهي وإسلام آباد؛ فكلا البلدين يرفع منسوب الجاهزية العسكرية، وكلاهما يرسل رسائل تهديد صريحة، في ظل غياب مسار دبلوماسي حقيقي. 

وفي حال تأكد الطابع الإرهابي لانفجار دلهي، فإن رد الهند قد لا يقتصر على ضربة محدودة، بل قد يتطور إلى حملة عسكرية موسعة تعيد رسم موازين القوى في جنوب آسيا.

إن عودة لغة "تغيير التاريخ والجغرافيا" إلى الخطاب الرسمي الهندي، تقابلها نزعة باكستانية متزايدة نحو عسكرة الداخل، تعني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من عدم اليقين. 

وبينما يحذر المراقبون من أن "سيندور 2" قد تكون مسألة وقت، يبقى السؤال الأخطر: هل يمكن احتواء جولة التصعيد المقبلة قبل أن تتجاوز الخطوط الحمراء النووية؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC