أثارت خطوة امتناع فرنسا عن منح مواطني دول كونفدرالية الساحل (مالي، النيجر، بوركينا فاسو) تأشيرات لدخول البلاد أزمة جديدة بين باريس وهذه الدول.
وكشفت الحكومة المالية عن تعرض مواطنيها لمشاكل في محاولاتهم للحصول على تأشيرات للدخول إلى فرنسا، ما دفعها إلى تهديد بالرد بالمثل على الفرنسيين الراغبين في دخول باماكو.
تأتي هذه الأزمة في أعقاب قرار دول كونفدرالية الساحل اعتماد جواز سفر موحد، وهو جزء من إجراءات أوسع تهدف إلى توحيد الجهود بين هذه الدول.
وقالت الحكومة المالية إن الرفض الفرنسي جاء "بسبب أن إجراءات التحقق من جوازات السفر عبر نظام الخدمة الإلكترونية الأفريقية لا تزال جارية".
في يناير/ كانون الثاني، كشف الرئيس المالي الانتقالي، أسيمي غويتا، الذي يشغل أيضًا منصب الرئيس الدوري لكونفدرالية الساحل الأفريقي، عن إصدار جواز سفر موحد لأعضاء الكونفدرالية.
بعد سلسلة من الانقلابات في السنوات الأخيرة، توترت العلاقات بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر من جهة وفرنسا من جهة أخرى، حيث قامت هذه الدول بطرد القوات الفرنسية من أراضيها، كما طردت بعض بعثات فرنسا الدبلوماسية، مما شكل نهاية لنفوذ باريس التاريخي في المنطقة.
ويرى المحلل السياسي المالي قاسم كايتا في قراءة للتطورات بين دول الساحل وباريس، أن "هذه المشكلة تعكس بوضوح وصول العلاقات بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر وفرنسا إلى طريق مسدودة، وهي فصل جديد من فصول أزمة متشابكة تدخل فيها العديد من المعطيات الدبلوماسية والثقافية والاقتصادية والعسكرية".
وقال كايتا لـ"إرم نيوز"، إن "المشكلة تكمن في أن فرنسا لم توضح علنًا بعد أسباب رفضها منح تأشيرات لمواطني مالي وغيرهم، مما ترك الباب مفتوحًا أمام التفسيرات المختلفة، وهو ما يزيد تصعيد دول المنطقة. وقد شاهدنا الحكومة المالية تهدد بالرد بالمثل على هذه الخطوة".
وشدد على أن "غياب أي قناة حوار أو تواصل بين فرنسا ودول الساحل يمكن أن يعمق الأزمة بشكل أكبر، خاصة في ظل بعض الأحداث التي قد تبدو هامشية، ولكنها تجد صدى كبيرًا في أفريقيا، مثل تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون الأخيرة التي طالب فيها الأفارقة بشكر بلاده".
ويأتي هذا التطور بعد أسابيع من مغادرة مالي والنيجر وبوركينا فاسو المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي تتهمها هذه الدول بالتحيز لصالح فرنسا وخدمة مصالحها.
ومن جانبه، يعتقد المحلل السياسي النيجري محمد أوال أن "التشدد الفرنسي في منح تأشيرات لمواطني دول كونفدرالية الساحل يأتي كرد فعل على تنامي النفوذ الروسي في المنطقة، وهو رد غير متكافئ في الواقع، إذ لا تمتلك هذه الدول أوراق ضغط يمكن أن تستخدمها ضد باريس لحل هذه المشكلة".
وقال أوال لـ"إرم نيوز"، إن "فرنسا فقدت نفوذها في الساحل الأفريقي بسبب تحالف الأنظمة الجديدة مع روسيا، وهي الآن تحاول الرد على ذلك باستخدام العديد من الأدوات، وأهمها التمويلات والتأشيرات. لذلك، أتوقع أن تتصاعد المعركة بين الطرفين في الفترة المقبلة".