أثارت حرائق غامضة في إيران، وهجوم إلكتروني واسع شنته الأخيرة ضد تل أبيب، مخاوف من تصاعد "حرب خفية" بين تل أبيب وطهران، في مقدمة لعملية عسكرية إسرائيلية واسعة تستهدف توجيه ضربة قاضية للبرنامج النووي الإيراني.
يأتي ذلك، في وقت قال فيه وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن المفاوضات النووية لا تزال ممكنة، لكنها ستتطلب التغلب على المشاعر "المعادية للمفاوضات" المتزايدة في إيران.
وكان الحريق الذي اندلع بالقرب من مستشفى في مدينة مشهد في شمال شرقي إيران يوم الخميس، الأحدث في سلسلة من الحوادث المماثلة في جميع أنحاء إيران، والتي توالت بالتزامن مع هجوم إلكتروني إيراني واسع على إسرائيل.
حرائق غامضة
أبلغ عن حريق في مطار مشهد، في 14 يوليو، حيث تداول نشطاء صورا توضح حجمه وتصاعد أدخنة الدخان الكثيف منه، إلا أن مكتب العلاقات العامة في مطارات محافظة خراسان أعلن أن الحريق والدخان ناجمان عن حرق مُحكم للأعشاب الضارة على طول المدرجات، ولم يوقع أي إصابات، بحسب ما أوردته وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية.
وبعد هذا الحريق بخمسة أيام اندلع حريق آخر في أكبر مصفاة نفط إيرانية في عبادان، بمحافظة خوزستان، ما أسفر عن مقتل عامل وإصابة آخرين.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أن الحريق نجم عن تسرب في مضخة في المنشأة.
وأتت الحوادث بعد موجة حرائق وانفجارات مماثلة شهدتها الأسابيع الأخيرة مدن منها طهران وقم وعبادان.
ورغم أن السلطات الإيرانية قالت إن الحوادث سببها تسرب غاز أو أعطال في البنية التحتية، إلا أن عددا من المسؤولين الإيرانيين، بالإضافة إلى دبلوماسي أوروبي، قالوا لصحيفة "نيويورك تايمز" بأنهم يعتقدون أن العديد من هذه الحوادث كانت أعمال تخريب متعمدة، قد تكون إسرائيل وراءها.
هجوم سيبراني
بالتزامن مع حرائق إيران، قالت مجموعة قرصنة إيرانية إنها اخترقت شركة ماناميم القابضة للصناعات الغذائية.
وقالت لوكالة تسنيم الإيرانية، إن هذه الشركة تعد موردا رئيسيا للغذاء والدعم اللوجستي للجيش الإسرائيلي في غزة.
من جهتها، أكدت وكالة مهر الإيرانية، إن الجماعة المسؤولة هي "جبهة إسناد" الإلكترونية، التي أعلنت عن تأسيسها عقب الحرب مع إسرائيل في يونيو.
وكانت هذه الجهة، تبنت هجوما سيبرانيا استهدف استخبارات الحكومة الإسرائيلية.
ورأى تقرير لـ"المونيتور" أن هذه العملية تعكس، إلى جانب التكهنات المتعلقة بالحرائق والانفجارات في إيران، الحرب الخفية الهادئة التي طالما اشتعلت بين إسرائيل وإيران، والتي تصاعدت منذ حرب الـ12 يوما.
تصاعد الرفض الإيراني للتفاوض
تصاعدت الأصوات الرافضة للتفاوض مع الغرب في إيران، إذ يتبنى طيف واسع من المتشددين هذا الخطاب، ويتهم السياسيين الداعين للتفاوض بـ"الخيانة".
من جهته أقر عراقجي بوجود مساحة دبلوماسية، لكنه حذر من أنها تضيق.
وقال: "طريق التفاوض ضيق، لكنه ليس مستحيلا.. عليّ إقناع قياداتي بأنه إذا ما سلكنا طريق التفاوض، فإن الطرف الآخر سيأتي بعزم حقيقي على التوصل إلى اتفاق رابح للجميع".
في المقابل حذّر رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف، الخميس، خلال لقاء مع وفد عماني، من فخ التفاوض مع واشنطن، مشيرا إلى أن "مسؤولي ونخب الدول الإسلامية يجب ألا يتغاضوا عن خداع الولايات المتحدة وخداعها".
وأضاف قاليباف، ساخرا، "الجميع شهدوا على صدق الأميركيين: عقدت خمس جولات من المحادثات، وقبل الجولة السادسة مباشرة هاجموا إيران".
يأتي ذلك، في ظل مواصلة واشنطن ضغوطها على إيران، ويوم الأربعاء، أعلنت عن أكبر حزمة عقوبات تفرضها على إيران منذ عام 2018.
ونددت وزارة الخارجية الإيرانية، الخميس، بشدة بحزمة العقوبات الأمريكية الجديدة التي استهدفت عشرات الأفراد والكيانات المرتبطة بصناعة النفط والطاقة في إيران، معتبرةً أنها "تمثل عداءً سافراً للشعب الإيراني" و"خرقاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في بيان رسمي، إن "التحركات الأخيرة للولايات المتحدة ضد الأشخاص والمؤسسات المرتبطة بقطاع الطاقة الإيراني تؤكد نوايا واشنطن الخبيثة في تقويض التنمية الاقتصادية في البلاد، وإضعاف رفاه الشعب الإيراني"، مضيفاً أن "هذه الإجراءات تعكس استمرار السلوك الأحادي للولايات المتحدة، الذي يستخف بمبادئ القانون الدولي، وسيادة الدول، وحرية التجارة العالمية" وفق تعبيره.