أثارت التقارير التي نُشرت هذا الأسبوع، والتي تُفيد بأن روسيا تُمارس ضغوطًا على إيران لقبول اتفاق يحرمها من حق تخصيب اليورانيوم لأي غرض، نفيًا "معتادًا" من موسكو، بحسب وصف صحيفة "التايمز" البريطانية.
ووصف الكرملين تلك التقارير بأنها محاولة لتشويه علاقة موسكو مع حلفائها.
ويُحافظ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على توازن دقيق بين تحالفه مع إيران وتجنب المزيد من الصراع في الشرق الأوسط، وبصفته حليفًا قديمًا لإيران، لطالما تمسّك الكرملين بحق طهران في تطوير الطاقة النووية، مع إقراره بضرورة الحد من سعيها للحصول على قنبلة نووية.
ومع ذلك، قد يخفي نفي موسكو نهجًا "أكثر دهاء مما تُريد الاعتراف به"، وفق الصحيفة البريطانية التي تستند إلى مصادر كشفت أن بوتين أبلغ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والمسؤولين الإيرانيين أنه يؤيد فكرة الاتفاق النووي الذي لا يسمح فيه لإيران بتخصيب اليورانيوم.
وشجعت موسكو الإيرانيين على الموافقة على شرط "عدم التخصيب"، وفقاً لأربعة مسؤولين، ثلاثة أوروبيين وإسرائيلي واحد، مطلعين على الأمر.
وأفاد مصدران لوكالة أكسيوس أن الروس أطلعوا الحكومة الإسرائيلية أيضاً على موقف بوتين من تخصيب اليورانيوم الإيراني. وقال مسؤول إسرائيلي كبير: "نعلم أن هذا ما قاله بوتين للإيرانيين".
حتى الآن، يبدو أن الإيرانيين رفضوا عرض بوتين، لكن هذه المزاعم تشير إلى أن استراتيجية الكرملين تجاه أي اتفاق نووي أكثر تعقيداً مما يُظهره.
وتربط روسيا وإيران علاقة طويلة الأمد، وقد تعاونت قواتهما لسنوات في سوريا دعماً للرئيس بشار الأسد، قبل انهيار نظامه في ديسمبر/كانون الأول.
وتعززت العلاقات بعد الحرب مع أوكرانيا عام 2022، حين انضمت روسيا إلى إيران كواحدة من أكثر الدول خضوعاً للعقوبات في العالم. وصدّرت إيران آلاف طائرات "شاهد" المسيرة إلى موسكو لاستخدامها في هجماتها على المدن الأوكرانية، على الرغم من أن الاعتماد عليها تضاءل منذ ذلك الحين بعد أن زادت روسيا إنتاج طائراتها الهجومية المسيرة.
ويهدف تحدي الكرملين للغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية على إيران الشهر الماضي، وسعي ترامب للتوصل إلى اتفاق نووي، إلى تحقيق التوازن بين عدة مصالح متنافسة.
لكن الكرملين تجنّب تقديم ضمانات أمنية صريحة لإيران عندما اتفقا على شراكة استراتيجية في يناير/كانون الثاني. وبعد أن شنّت إسرائيل ضرباتها، خيّبت روسيا آمال طهران بتقديم دعم لفظي فقط.
ويعتقد خبراء أن موسكو ربما كانت تدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق خشية تفكك إيران في حال تجدد الهجوم، مما قد يهدد المصالح الاقتصادية الروسية.
وكانت روسيا أكبر مستثمر أجنبي في إيران العام الماضي، ويشارك خبراؤها بعمق في محطة بوشهر للطاقة النووية جنوب إيران، التي بنتها وكالة الطاقة الذرية الروسية، روساتوم. كما تلقى علماء نوويون إيرانيون تدريبًا في روسيا.
وهناك خطط لمد خط أنابيب للغاز الطبيعي من روسيا إلى إيران عبر أذربيجان، ومشروع، وإن كان متعثرًا، لموسكو للمساعدة في بناء مركز غاز لتصدير الإمدادات إلى دول ثالثة.
وتقول نيكيتا سماجين، الخبيرة في الشؤون الإيرانية والسياسة الروسية في الشرق الأوسط، في تحليل حديث لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "المشكلة الرئيسة التي تواجهها روسيا في الظروف الحالية هي التهديد الذي تتعرض له جميع المشاريع في إيران التي تستثمر فيها بنشاط منذ عام 2022".
وإذا أصبحت إيران غير مستقرة بشكل دائم نتيجة للهجمات الحالية، فإن مركز الغاز وغيره من المشاريع الأكثر واقعية ستذهب أدراج الرياح، إلى جانب الاستثمارات التي بُذلت بالفعل.