تستعد دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، التي تنضوي تحت كونفدرالية الساحل الأفريقي، لإطلاق بنك مشترك برأس مال أولي بلغ 500 مليار فرنك أفريقي ما يُعادل نحو 890 مليون دولار، الأمر الذي أثار تساؤلات حول الدلالات والهدف من هذا المشروع.
وبحسب تقرير لمجلة "أفريكا ريبورت"، فإن هذا البنك يستهدف تعزيز السيادة المالية وتجاوز القيود الإقليمية المفروضة على هذه الدول، وذلك في وقت يسعى فيه حكامها إلى الخروج من دوّامة الأزمات المالية والاقتصادية التي تعاني منها بلدانهم جرّاء عقوبات إقليمية وغير ذلك.
وتحكم دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو مجالس عسكرية منبثقة عن انقلابات أطاحت بأنظمة كانت حليفة للغرب، وواجهت هذه المجالس عقوبات إقليمية فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي كانت تسعى لتكريس ضغوط من أجل استعادة الحكم المدني.
وذكرت "أفريكا ريبورت" أن "رأس مال البنك لم يُستكمل بعد، وهو الأمر الذي قد يدفع حكومات المنطقة إلى طلب دعم من دول أخرى مثل الصين أو روسيا، أو مؤسسات مالية وسياسية دولية مثل تكتل بريكس".
وعلقت المحللة السياسية المتخصصة في الشؤون الأفريقية، ميساء نواف عبد الخالق، على الأمر بالقول، إنّ "هذه خطوة مهمة، ومن الضروري لدول الساحل الأفريقي بصرف النظر عن من يحكمها – عسكريون أو غيرهم – القيام بمثل هذه المشاريع من أجل تحقيق السيادة المالية وتجاوز القيود الإقليمية".
وتابعت عبد الخالق في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن أي نظام في العالم يجب أن يتعاون مع الدول الإقليمية والدولية الأخرى، لأنه لا يمكن تحقيق التنمية والاستثمار دون هذا التعاون. وأضافت، أن خطوة دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر بإنشاء بنك مشترك، تُعد في المسار الصحيح، وقد تُعزز الثقة الدولية في هذه المنطقة الغنية بالموارد الطبيعية.
وشددت على أنّ "هذه الخطوة الجدية تأتي رغم المخاوف الأمنية الموجودة في ظل الهجمات المتزايدة على أمل أن تجد دعماً دولياً وأيضاً داخلياً، يتطلب الأمر تعزيز الأطر المؤسساتية والقانونية لتوفير بيئة ملائمة لعمل مثل هكذا بنوك أو مؤسسات مالية".
وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه حكومات الساحل الأفريقي تحدياً وجودياً مع تصاعد الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة على غرار جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" الموالية لتنظيم "القاعدة".
وقال الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إبراهيم كوليبالي، إنّ "فرص نجاح البنك في إنقاذ هذه الدول من أزماتها المالية وأيضاً تأمين استقلالية وسيادة مالية ضئيلة؛ لأنّ رأس ماله لا يرتقي إلى طموحات شعوب المنطقة ولا احتياجاتها المالية".
وأضاف كوليبالي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "أنظمة الساحل تسعى إلى تقديم بعض النجاحات في ظل التعثر الأمني، لكن الواقع يقول إن الأمور المالية والاقتصادية تسوء بشكل مستمرّ، في ظل تصاعد معدلات البطالة وغلاء الأسعار، ناهيك عن فقدان بعض المواد المهمة على غرار الوقود".
وختم كوليبالي حديثه بالقول، إن ديون دول المنطقة تتراكم، مما يضعها في مأزق حقيقي، ورأى أن مجرد إنشاء بنك مشترك لن يكون كافيًا لتجاوز هذا المأزق، بل يتطلب الأمر جهودًا مكثفة أخرى.