أكد خبراء أن هناك أزمة ضخمة بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية بسبب رؤية الرئيس الأمريكي لتسوية النزاع الروسي الأوكراني، إذ يسعى دونالد ترامب إلى حل الأزمة بما يخدم مصالحه، مما يثير القلق في أوروبا بشأن الأمن على المدى الطويل.
وخلال مؤتمر "ميونيخ" للأمن، تركزت الأنظار، على تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، والتي أثارت موجة من الانتقادات في الأوساط الأوروبية، حيث حملت كلمته رسائل ضمنية بشأن سياسة واشنطن تجاه الأزمة الأوكرانية، ما دفع المستشار الألماني أولاف شولتس إلى انتقاد الموقف الأمريكي بشدة.
ورغم أن الوضع في أوكرانيا كان محور اهتمام مؤتمر ميونيخ، خصوصًا في ظل التوترات الناجمة عن النهج الأمريكي تجاه الصراع الروسي الأوكراني، فقد تجنب فانس التطرق بشكل مباشر للأزمة الأوكرانية في خطابه.
وأثار فانس في كلمته النقاش غير المباشر حول النأي عن حزب البديل من أجل ألمانيا، قائلاً: "ليس هناك مجال لجدران حماية".
ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، نال خطاب فانس انتقادات من بعض الحضور بسبب تجاهله الوضع في أوكرانيا، رغم تصاعد التوترات الأوروبية بسبب سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه روسيا وسعيه لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون إشراك الأوروبيين.
ووجه شولتس، انتقادات حادة لتصريحات نائب الرئيس الأمريكي، والتي دعم فيها حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، رافضًا أي تدخل في الحملة الانتخابية الألمانية.
وشدد المستشار الألماني، المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، على أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" يقلل من فداحة النازية وجرائمها الوحشية، مؤكدًا أنه لا يمكن قبول تدخلات غريبة في الديمقراطية الألمانية، خاصة في الانتخابات وتشكيل الرأي العام.
وقال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجية للدراسات، إن تصريحات المستشار الألماني تبرز التوتر القائم بين أوروبا والولايات المتحدة حول تسوية الأزمة الأوكرانية.
واعتبر أن الأوروبيين دفعوا الثمن الأكبر من الحرب الروسية الأوكرانية، في حين أن ترامب يسعى إلى حل الأزمة على حساب أوكرانيا، مع رفضه إدخالها في حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي.
وأشار كابان إلى أن أوروبا لم تقتصر فقط على توفير الأموال لوقف التقدم الروسي، بل إن ترامب يبدو مصممًا على قطع الروابط بين أوكرانيا وأوروبا، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة تشهد فجوة عميقة، مع تزايد الضغوط الأمريكية على حلفائها الأوروبيين لكسب المزيد من المال والاستثمارات.
وأوضح كابان أن الردود الأوروبية على التحركات الأمريكية كانت حازمة، ما قد يدفع ترامب إلى إعادة النظر في خطته بما يضمن أمن أوروبا.
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأوروبية، كارزان حميد، أن ملامح خطة ترامب لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا بدأت تتضح، مع إقصاء الأوروبيين عن أي دور في المفاوضات.
وأوضح حميد، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن أوروبا في وضع صعب، حيث لا تملك الإمكانيات العسكرية أو الاستراتيجية لتكون طرفًا فاعلًا في عملية التسوية، معتمدين في الغالب على الدعم الأمريكي.
وأضاف أن تصريحات المستشار الألماني لا تعدو كونها رسائل إعلامية، في حين أن واشنطن تتجه لفرض سياسة الأمر الواقع على الأوروبيين.
وقال حميد: "تبدو الرسالة واضحة؛ الأوروبيون ليس لديهم القوة الكافية لمواجهة الأزمات الدولية وحدهم. هم في حاجة إلى دعم أمريكا، لكن ذلك يأتي على حساب مصالحهم الاستراتيجية".
وأكد أن الرئيس الأمريكي يتجاهل دور أوروبا في التسوية، بل ويضغط عليها لتقبل حل يتماشى مع رؤيته.