دخلت الشركات الغربية والأجنبية في معارك قضائية ومالية مع دول الساحل الإفريقي الثلاث، التي تقودها مجالس عسكرية منبثقة عن انقلابات، وهي مالي والنيجر وبوركينا فاسو، في ظل مساعٍ تبذلها هذه الدول من أجل استعادة السيطرة على ثرواتها المحلية، على غرار الليثيوم واليورانيوم.
ولجأت شركة "أورانو" الفرنسية إلى مقاضاة السلطات الانتقالية في النيجر، وذلك بعد إغلاق مكاتبها في البلاد، ومصادرة معداتها، واعتقال موظفيها.
تشهد العلاقات بين شركة "أورانو" ونيامي، التي يحكمها مجلس عسكري بقيادة الجنرال عبد الرحمن تياني، توترًا مستمرًا منذ أسابيع.
وفي مالي، أغلقت السلطات الانتقالية بقيادة آسيمي غويتا مكاتب شركة "باريك غولد" الكندية المتخصصة في تعدين الذهب في البلاد، وتستعد لشراكات جديدة بعيدًا عن الشراكات الغربية التقليدية من أجل تشغيل المناجم.
وانهار النفوذ الغربي في الساحل الأفريقي إثر موجة من الانقلابات عرفتها المنطقة، فيما أقامت دولها تحالفات جديدة مع دول مثل روسيا وتركيا، في ظل حاجتها إلى تعزيز منظوماتها الأمنية والعسكرية.
وعلق الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إبراهيم كوليبالي، بأن "هذه المعارك بين الشركات الغربية تدشن مرحلة جديدة من استغلال الثروات والمعادن في دول الساحل الأفريقي، حيث تسعى حكومات هذه الدول إلى رد الجميل لروسيا وتركيا التي تدعمها عسكريًا وأمنيًا من خلال منحها صفقات مهمة في مجال التعدين واستغلال اليورانيوم".
وأضاف كوليبالي، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، أن "السلطات الانتقالية في مالي، على سبيل المثال، بدأت في اتخاذ إجراءات من أجل تشغيل منجم لولو غونكوتو، وسط نزاع مع شركة باريك غولد الكندية، حيث ترفض الشركات الغربية بشكل كبير التنازل عن تشغيل المناجم أو المواقع التي تعاقدت بشأنها مع السلطات الانتقالية في الساحل الأفريقي".
ومنذ وصولها إلى السلطة، حاولت السلطات الانتقالية في دول الساحل الأفريقي القطع مع الشراكات التقليدية من خلال سحب تراخيص شركات غربية أو التخفيض من حصتها، في خطوة فجرت توترًا بين هذه الشركات والحكومات.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد الحاج عثمان، إن "القرارات التي اتخذتها حكومات مالي والنيجر وبوركينا فاسو هي بلا شك قرارات مهمة لأنها تعكس رغبة المجالس العسكرية في القطع نهائيًا مع الهيمنة الغربية على الثروات المحلية، فالنيجر من بين أكبر 10 دول منتجة لليورانيوم في العالم، ومع ذلك لا يستفيد شعبها منه".
وتابع الحاج عثمان لـ"إرم نيوز" قائلاً: "ما لا تفهمه الشركات الغربية هو أن للدول المعنية الحق في إيقاف أي شكل من أشكال التعاون أو الاستثمار بعد تقييم تلك الاستثمارات، لذلك أعتقد أن دول المنطقة ماضية نحو التحرر من أشكال الاستغلال التي أقامتها الشركات والدول الغربية".