logo
العالم

كاليدونيا الجديدة.. باريس تراهن على المعتدلين لإنقاذ "اتفاقية المستقبل"

كاليدونيا الجديدة.. باريس تراهن على المعتدلين لإنقاذ "اتفاقية المستقبل"
تجمع حول تمثال يمثل اتفاقية السلام في كاليدونيا المصدر: غيتي إيمجز
20 أغسطس 2025، 1:35 م

تواجه باريس معضلة معقدة في كاليدونيا الجديدة، إذ تحاول الحكومة الفرنسية بقيادة وزير ما وراء البحار مانويل فالس، إنقاذ الموقف بالرهان على دعم الاستقلاليين المعتدلين، بعد إفشال جبهة التحرير الوطني الكاناك والاشتراكي للاتفاق الأخير حول مستقبل الإقليم. 

ووفقا لرؤية الباحث الفرنسي جان-ماري هوسيار، الخبير في شؤون ما وراء البحار بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، فإن القضية تتجاوز المفاوضات السياسية، لتكون صراعا تاريخيا حول السيادة والهوية.

الصراع.. هوية وسيادة

وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إن وزير ما وراء البحار، مانويل فالس، يقضي أربعة أيام في نوميا في محاولة للحفاظ على الاتفاق المتعلق بمستقبل كاليدونيا الجديدة، آملاً في إقناع جبهة التحرير الوطني الكاناك والاشتراكي (FLNKS) بتبني موقف أكثر "بنّاء".

وأضافت الصحيفة أن الحكومة الفرنسية ترى أنه "عندما يتخلى الخصوم عنك، لا بد من الاستناد إلى المتمردين"، في إشارة إلى إفشال الحركة الاستقلالية الرئيسية في 13 أغسطس/ آب لمشروع الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل شهر في بوجيفال (إيفلين)، والذي ينص على إنشاء "دولة" كاليدونية ضمن إطار الجمهورية الفرنسية.

وأثناء زيارته إلى نوميا ابتداءً من يوم الأربعاء، في محاولة لإنقاذ هذا التسوية، لا يزال الوزير فالس يأمل في أن يقوم FLNKS بتغيير موقفه.

وفي الوقت نفسه، يعتزم الوزير الاعتماد على الجناح المعتدل من الاستقلاليين، وقد ثمّن موقف الاتحاد الوطني من أجل الاستقلال (UNI) الذي ابتعد عن حلفائه التقليديين بدعمه للنص الموقّع في 12 يوليو/ يونيو، على غرار معسكر المؤيدين لبقاء الإقليم ضمن فرنسا. 

أخبار ذات علاقة

سكان محليون يلوحون بأعلام كاناكي في كاليدونيا الجديدة

يهدد مؤسسات الدولة.. صراع الهويات يتصاعد في كاليدونيا الجديدة

وقال مسؤول فرنسي: "استغرقنا عاما ونصف العام للتوصل إلى اتفاق، وإذا سقط اتفاق بوجيفال في الماء، سنضطر للبدء من جديد…".

وبدوره، أكد الدكتور جان-ماري هوسيار، باحث أول في المعهد  الفرنسي للعلاقات الدولية ومتخصص في شؤون ما وراء البحار، لـ"إرم نيوز"، أن "الوضع في كاليدونيا الجديدة يعكس بدقة التوترات المستمرة بين المركز الفرنسي ومستعمراته السابقة أو أقاليمه البعيدة".

وأضاف أن النزاع الحالي يتجاوز مجرد خلاف سياسي حول نص الاتفاق، ليشكل صراع هوية عميقا امتد لعقود بين الكاناك، السكان الأصليين الذين يرون في الاستقلال استعادة للسيادة والكرامة التاريخية، وجزء من المجتمع الكاليدوني المتمسك بارتباطه مع فرنسا لأسباب اقتصادية وأمنية.

وأشار هوسيار إلى أن الحكومة الفرنسية، من خلال مانويل فالس، تحاول الموازنة بين هدفين متناقضين: الحفاظ على وحدة الدولة الفرنسية في مواجهة النزعات الانفصالية، وفي الوقت نفسه تقديم صورة عن فرنسا كقوة ديمقراطية تحترم حق تقرير المصير.

ورأى هوسيار أن المفارقة تكمن في أن باريس تراهن الآن على المعتدلين داخل الحركة الاستقلالية نفسها، أي أنها تبحث عن توازن داخلي بين الاستقلاليين بدل المواجهة المباشرة مع التيار الراديكالي.

واعتبر أن هذا التوجه قد ينجح على المدى القصير، لكنه يحمل مخاطر بعيدة المدى، فإضعاف جناح (FLNKS) الراديكالي قد يؤدي إلى مزيد من الانقسام الداخلي، ويجعل جزءا من السكان يشعر بأن الدولة الفرنسية تستمع فقط للأصوات "المعتدلة" التي تقبل بالشروط الفرنسية، ما قد يزيد الاحتقان بدل تخفيفه.

وأشار إلى أنه "إذا سقط اتفاق بوجيفال، فإن العودة إلى نقطة الصفر قد تفتح الباب أمام موجة جديدة من الاضطرابات السياسية وربما الأمنية في كاليدونيا الجديدة، وهو سيناريو تخشاه باريس خاصة في ظل المنافسة الجيوسياسية المتزايدة في المحيط الهادئ، حيث تنشط الصين وأستراليا بقوة".

أخبار ذات علاقة

مسيرة للانفصاليين في  كاليدونيا الجديدة

"صفعة سياسية" لفرنسا.. جبهة تحرير كاليدونيا الجديدة ترفض "اتفاق بوجيفال"

وأكد الباحث الفرنسي أن "الحل الأمثل يكمن في بناء مسار شامل يدمج كل الأطراف، بمن فيهم الراديكاليون، ضمن عملية سياسية تدريجية واضحة المعالم، تحدد بجدول زمني شفاف نحو تعزيز الحكم الذاتي أو تنظيم استفتاء جديد يضع النقاط على الحروف". 

وأضاف: "بدون ذلك، ستظل كل اتفاقيات باريس عرضة للسقوط عند أول اختبار سياسي".

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC