يشير خبيران إلى أن المصالح التركية والإسرائيلية تتصادم في سوريا، حيث تسعى أنقرة إلى وحدة البلاد واستقرارها، بينما تفضّل إسرائيل تقسيمها لإضعاف سلطة دمشق.
وأوضح الخبيران أن تركيا تعتبر أي تواجد إسرائيلي في جنوب سوريا تهديداً لأمنها القومي، فيما ترى إسرائيل الوجود العسكري التركي خطراً على مصالحها، وتأتي تحذيرات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من التقسيم في سياق مخاوف أنقرة من دعم تل أبيب للأكراد والنظام الفيدرالي، مما قد يزيد التوتر الداخلي التركي.
حول ذلك، أكد المتخصص بالشؤون التركية، محمود علوش أن هناك تعارضا صارخا بين المصالح التركية والإسرائيلية في سوريا، "تركيا تريد سوريا دولة مستقرة موحدة فيها حكومة قوية، قادرة على ممارسة سلطتها على أراضيها كافة، على عكس إسرائيل التي تريدها دولة مقسمة طائفية فيها حكومة ضعيفة غير قادرة على ممارسة سلطتها على أراضيها".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن هناك قلقا تركيا من محاولات إسرائيل فرض أمر واقع في جنوب سوريا تمهيداً لضم أجزاء من الأراضي السورية لإسرائيل في المرحلة المقبلة، وهذا الأمر أيضاً بالنسبة لتركيا يشكل تهديداً كبيراً، أما بالنسبة لإسرائيل فهي ترفض أن يكون هناك أي تواجد عسكري لتركيا أو قواعد لها في سوريا إذ تعتبر ذلك بمنزلة تهديد استراتيجي لها وتريد الحفاظ على ما تصفه بالأجواء المفتوحة من أجل التدخل بشكل مستمر.
وبين أن إسرائيل تنظر إلى العلاقات السورية-التركية على أنها يمكن أن تقوض هذه الأجواء المفتوحة، بالتالي هذا صدام واسع بين تركيا وإسرائيل، مضيفا أن "أنقرة تراهن الآن على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أجل إدارة هذا الصراع".
وأشار إلى أن التدخل الأمريكي أسهم إلى حد معين في تهدئة هذا الصراع ونقله إلى مسار تفاوضي بدأ بين البلدين في باكو قبل أشهر، وفق قوله.
وقال الخبير إن ما من تفاهمات كاملة بين الجانبين التركي والإسرائيلي، لكن هناك توافقا على منع التصعيد ومنع الاحتكاك العسكري المباشر، وهذا بحد ذاته يشكل خطوة جيدة في إدارة هذا الصراع، مبيّناً أن الولايات المتحدة تحاول أن توازن بين مصالح تركيا وإسرائيل في سوريا وهي تريد من البلدين أن يتعاونا في نهاية المطاف لأن هناك أرضية ومصالح مشتركة.
واختتم حديثه قائلاً: "رغم هذه التناقضات التي تجمع بين تركيا وإسرائيل في سوريا، يجب أن يحدث التعاون لمنع أي فراغات يمكن أن تستغلها إيران وحزب الله في سوريا، لكن رغم ذلك الهوة لا تزال متباعدة بين الطرفين والدور الأمريكي هو الحاسم في تحديد مسار هذا التصادم الذي يضغط على سوريا في هذه المرحلة الحساسة".
بينما رأى الحقوقي والمحلل السياسي، نضال حوري أن "تركيا تعتبر نفسها وصية على سوريا"، من خلال إحياء الدور القديم، ولها أتباع دعمتهم على مدار سنوات، وهذا الأمر أتاح لها التدخل في أدق التفاصيل في الوضع السوري، على عكس إسرائيل التي حددت مطالبها من سوريا، والإبقاء على الجغرافيا في حالة غير مستقرة تتيح لها التدخل متى ما أرادت، وفق قوله.
وأضاف لـ "إرم نيوز" أن تحذيرات هاكان فيدان يجب قراءتها فقط فيما يتعلق بمنع حدوث أي تقسيم أو نظام فيدرالي يستفيد منه الأكراد، ما قد يخلق صراعاً داخلياً تركياً مجدداً رغم الاتفاق مع حزب العمال الكردستاني، وهذا بحد ذاته مصدر قلق كبير خاصة لجهة دعم إسرائيل الواضح للأقليات ولقوات "قسد".
واعتبر أن سوريا هي "مركز الصراعات الإقليمية والدولية، وقد أرسلت إسرائيل عدة رسائل نارية وآخرها قصف المعدات التركية في قاعدة مطار التيفور وسط البلاد، بما يقطع الطريق على تركيا من أن تستفرد بسوريا، مستغلة الجهات الداعمة لها من قبل الفصائل الموجودة الآن في السلطة الجديدة"، على حد قوله.
بالنسبة لهذا الوضع، رأى الخبير أن تركيا تنطلق من عدة ملفات تستطيع من خلالها الضغط على الأمريكي لتمرير أجندتها في سوريا، في حين أن إسرائيل قالت كلمتها في السويداء وأصبحت مناصرة لقضايا الأقليات وفي هذا الوضع لن تهدأ سوريا حتى حسم هذه المسألة.