نتنياهو يعلن رسميا المصادقة على اتفاق الغاز مع مصر
مع اقتراب موعد الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي بدورته السادسة، دخلت مفاوضات اختيار الرئاسات الثلاث مرحلة أكثر حساسية، وسط ضغط المهل الدستورية من جهة، وتشابك الحسابات السياسية بين المكونات من جهة أخرى، في مشهد يعكس أن المصادقة على نتائج الانتخابات لم تُنهِ التعقيد، بل نقلته من مرحلة الطعون إلى مرحلة الصفقات.
وقالت مصادر سياسية عراقية مطلعة لـ"إرم نيوز"، إن ما يجري حاليا لا يشبه بدايات الدورات السابقة، إذ تسود قناعة عامة لدى أغلب القوى بأن أي تعطيل مبكر سيُفسَّر داخليا وخارجيا كفشل مبكر للنظام السياسي، وهو ما دفع إلى تسريع التفاهمات، ولو كانت مؤقتة أو هشة.
المواعيد تضغط والبدائل محدودة
وفق المسارات الدستورية، من المقرر أن يعقد مجلس النواب جلسته الأولى خلال الأيام القليلة المقبلة، برئاسة أكبر الأعضاء سناً، لاختيار رئيس المجلس ونائبيه، وهو الاستحقاق الذي تسعى أغلب القوى إلى حسمه سريعا لتفادي انطباع الشلل منذ الجلسة الأولى.
وبعد اكتمال تشكيل هيئة رئاسة البرلمان، تبدأ المهلة الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، وهي المرحلة التي تُعد الأكثر تعقيدا، نظرا لارتباطها بشرط نصاب الثلثين، وما يتيحه ذلك من إمكانية استخدام "الثلث المعطل" في حال فشل التوافقات السياسية.
مصادر متابعة للمفاوضات تشير إلى أن القوى الرئيسية باتت تدرك أن أي تعطيل طويل في انتخاب رئيس الجمهورية سيُدخل البلاد في أزمة مفتوحة، خاصةً أن هذا الاستحقاق بات مرتبطا عمليا بملف رئاسة الوزراء، وليس إجراء مستقلا كما كان يُروّج سابقا.
البيت السني.. حسم مؤجل
على صعيد رئاسة مجلس النواب، لا تزال الساحة السنية تشهد حراكا مكثفا داخل "المجلس السياسي الوطني"، وسط تضاؤل عدد المرشحين إلى اسمين رئيسيين؛ رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، ورئيس تحالف العزم مثنى السامرائي.
وتؤكد مصادر من داخل المجلس أن كفة السامرائي باتت الأرجح في هذه المرحلة، ليس فقط بسبب التفاهمات داخل المكون السني، بل نتيجة إشارات غير معلنة وصلت من أطراف شيعية وكردية تعارض عودة الحلبوسي إلى رئاسة البرلمان، خشية إعادة إنتاج أزمات الدورة السابقة.
وبحسب هذه المصادر، يجري التداول بخيارات "تدوير الزوايا"، من بينها تمرير السامرائي لرئاسة المجلس، مقابل منح تحالف الحلبوسي حصة وازنة في الحكومة المقبلة، قد تشمل وزارة سيادية، في محاولة لاحتواء الاعتراضات ومنع انتقال الخلاف إلى داخل الجلسة الأولى.
لكن هذه السيناريوهات لا تزال مرهونة بقدرة القوى السنية على تمرير قرار موحد، إذ تكشف المصادر من أن أي انقسام علني قد يُستثمر من بقية الأطراف لفرض خيارات بديلة أو إطالة أمد التفاوض.
العقدة الكردية.. بين التوافق والمغامرة
وفقا للمصادر، لا يقل الملف الكردي تعقيدا، إذ لا تزال الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني قائمة حول منصب رئاسة الجمهورية، رغم إدراك الطرفين لحساسية المرحلة.
وتشير مصادر سياسية إلى أن الاتحاد الوطني يتمسك بالأعراف السابقة التي منحت المنصب له، فيما يرى الحزب الديمقراطي أن نتائج الانتخابات تمنحه حق المنافسة الجدية، وهو ما يفتح الباب أمام سيناريو ترشيح شخصين والدخول في سباق تصويت داخل البرلمان.
غير أن هذا الخيار، بحسب المصادر، ينطوي على مخاطر عالية، أبرزها فقدان النصاب القانوني، والدخول في جلسات مؤجلة ومتكررة، كما حصل في العام 2021، وهو سيناريو تحاول أطراف عديدة تجنبه.
وتضيف المصادر أن اتصالات مكثفة جرت خلال الأيام الماضية لمحاولة التوصل إلى مرشح توافقي واحد، أو على الأقل اتفاق سياسي يضمن حضور الجلسة وعدم كسر النصاب، في مقابل تفاهمات أوسع تتعلق بالحكومة المقبلة.
الإطار التنسيقي.. رئاسة الوزراء أولا
في موازاة ذلك، يتحرك الإطار التنسيقي بحذر في ملف رئاسة الوزراء، وسط قناعة داخلية بأن هذا المنصب هو "مفتاح التوازنات" في المرحلة المقبلة.
مصادر قريبة من اجتماعات الإطار تؤكد أن النقاشات الأخيرة اتجهت نحو تقليص عدد المرشحين، مع بقاء رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ضمن دائرة المنافسة، إلى جانب اسمين آخرين، أحدهما يتم تداوله في الكواليس من دون إعلان رسمي، بانتظار نضوج تفاهمات أوسع.
وتوضح المصادر أن الإطار عاد وتراجع عن شروطه الصارمة السابقة، وفتح الباب أمام أغلب قواه لتقديم مرشحيها، في خطوة فسرها مراقبون بأنها محاولة لمنع انقسام داخلي مبكر، وليس تعبيرا عن توافق حقيقي حتى الآن.
الصفقة الكبرى.. الرئاسات في سلة واحدة
ما يجمع عليه متابعون للمشهد السياسي العراقي، أن اختيار الرئاسات الثلاث لن يتم بمعزل عن بعضه، بل ضمن "سلة تفاهمات واحدة"، يجري فيها الربط بين رئاسة البرلمان، ورئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، مع توزيع متوازن للحقائب الوزارية لاحقا.
وترى مصادر سياسية من أن هذه التفاهمات، رغم قرب إنجازها، تبقى هشة وقابلة للاهتزاز في أي لحظة، خاصةً إذا ما قررت إحدى القوى استخدام المهل الدستورية كورقة ضغط إضافية.
