كان لافتا تعمد زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني عدم التطرق إلى التوغل الإسرائيلي الحاصل في منطقة الجولان ودخولها لمنطقة القنيطرة، وذلك خلال الكلمة التي ألقاها في المسجد الأموي في دمشق أمام حشد كبير من عناصر الهيئة ومدنيين.
وقال محللون إن هذا التصرف من قبل الجولاني عائد لعدة أسباب، منها عدم قدرته على نشر عناصره في منطقة الجولان خوفا من الاشتباك مع الجيش الإسرائيلي وهو أمر ستكون له تبعات خطيرة جدا.
كما أنه بحسب المحللين يقوم بتلميع صورته أمام المجتمع الدولي كمعارض سوري بعيدا عن الإرهاب.
وقال المحلل السياسي والصحافي محمد العبدالله إن أحمد الشرع المعروف بأبو محمد الجولاني بدأ منذ فترة بتلميع صورته أمام المجتمع الدولي.
وأضاف العبدالله أن "الأمر ظهر فعليا من خلال إطلالاته الإعلامية ومظهره وطريقة كلامه، واعتماده خطابا معتدلا بعيدا عن الخطاب المعتمد من قبل الجماعات الراديكالية المتشددة، ونجح بنسبة كبيرة لإيصاله صورة بأنه قائد معارض بعيدا عن تنظيم القاعدة الذي شهد بداياته، كما نجح في تصوير هيئة تحرير الشام بأنها الذراع العسكرية للمعارضة السورية".
وأردف لـ "إرم نيوز" أن الجولاني تعمد دون أدني شك تجنب الكلام عن التوغل الإسرائيلي في منطقة الجولان الحدودية خلال كلمته التي ألقاها في المسجد الأموي في دمشق أمام حشد كبير من مقاتلي الهيئة ومدنيين، ولوحظ أيضا أن أحدا من الحاضرين لم يتطرق للأمر أيضا ولم يسأل الجولاني عن موقفه، وهذا ما يؤكد عدم رغبته الدخول في متاهة الصراع مع إسرائيل ليس فقط عسكريا بل حتى سياسيا.
والسبب حسب المحلل السياسي والصحافي هو أن "الجولاني يتحضر لمرحلة القيادة السياسية كرئيس للجمهورية أو على الأقل رئيسا للحكومة وبالتالي فإنه لن يقوم بأي تحرك يحرق أوراقه السياسية في الوقت الحالي للحفاظ على الصورة التي يتم تشكيلها له، خاصة وأن مواجهة إسرائيل تعني بكل تأكيد مواجهة الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية الداعمة لإسرائيل، والنتيجة ستكون خسارة كبيرة تطيح بكل ما تحقق في الوقت الحالي".
من جهته، يرى المحامي السوري بشير البسام أن الجولاني أدار ظهره للجولان متعمدًا كونه يصب اهتمامه في الوقت الحالي على ملف العقوبات ولوائح الإرهاب.
وأضاف البسام: "الجولاني شخصيا مدرج على قوائم الإرهاب والأمر نفسه بالنسبة لهيئة تحرير الشام، وبعد إسقاط النظام السوري ظهرت تصريحات أميركية وبريطانية تشير إلى إمكانية رفع الجولاني وهيئته من قوائم الإرهاب، وهو ما يريده الجولاني بشدة حتى يستطيع الانتقال إلى المرحلة السياسية وقيادة سوريا خلال المرحلة المقبلة، وأي احتكاك مع الجانب الإسرائيلي في الوقت الحالي سيطيح بكل الجهود المبذولة".
وأشار إلى أنه "يهدف أيضا رفع العقوبات المفروضة على سوريا ووقف العمل بقانون قيصر، وهو ما سينعش الاقتصاد السوري، ويسمح بتدفق أموال الاستثمارات والمساعدات وأموال إعادة الإعمار، مما يظهره كمنقذ لاقتصاد ومستقبل الشعب السوري، وهو ما سيعينه على الوصول إلى السلطة من بابها الواسع".
وأردف: "لن يقوم بأي خطوة في الوقت الحالي أي خلال الفترة الانتقالية ومرحلة إعادة صياغة الدستور وإجراء الانتخابات النيابية؛ لأنها تعتبر مرحلة حرق الأسماء لدقتها وتشابك الملفات فيها، وبالتالي "سنرى الجولاني بعيدا عن الملفات الحساسة معتمدا الخطاب الهادئ المعتدل إلى حين حصوله على مبتغاه".