كشفت مصادر ميدانية في السويداء، أن مقاتلي الفصائل الدرزية أسروا خلال المعارك الدائرة في المدينة وريفها، أعضاء من تنظيم "داعش"، تسللوا إلى المدينة مع العشائر القادمة من منطقة الجزيرة السورية، بعد إعلان النفير العام.
وقال مصدران مطلعان على التحقيقات التي تجريها الفصائل مع بعض الأسرى الذين تم القبض عليهم خلال المعارك الدائرة منذ أسبوع، إن هذه التحقيقات أثبتت أن من بين الأسرى عناصر سابقين في تنظيم "داعش"، حيث تم تصوير أحدهم خلال التحقيق معه، واتضح أنه كان يعمل في جهاز الحسبة (شرطة داعش)، وأنه تسلل إلى السويداء بغطاء قوات العشائر.
أحد المصدرين قال إنه سيجري عرض هؤلاء على القضاء، باعتبار أن الجسم القضائي ما زال فاعلًا في السويداء، ولم يتوقف عن العمل، على أن تكون التحقيقات موثقة ليتم إرسال تفاصيلها إلى التحالف الدولي المسؤول عن مكافحة "داعش".
وقال المصدران إنه من المعروف أن خلايا ومقاتلي "داعش" ينتشرون بشكل أساسي في مناطق غرب الفرات، محملين الحكومة مسؤولية تسللهم بعد الإعلان عن النفير العام.
وذكر أحد المصدرين أن أخبار الانتهاكات التي حدثت في السويداء وتسلل مقاتلين من "داعش" إلى المدينة بدأت تصل لواشنطن ويتردد صداها في أروقة الإدارة الأمريكية.
والسبت، دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الحكومة السورية إلى منع وصول "المتطرفين" إلى جنوب البلاد الذي شهد مواجهات طائفية دامية في الأسبوع الماضي.
وقال روبيو في بيان عبر إكس: "إذا كانت السلطات في دمشق تريد الحفاظ على أي فرصة لتحقيق سوريا موحدة وشاملة وسلمية، عليها المساعدة في إنهاء هذه الكارثة من خلال استخدام قواتها الأمنية لمنع تنظيم داعش وأي متطرفين عنيفين آخرين من دخول المنطقة وارتكاب مجازر".
كيف يتخفى "داعش"؟
وفقًا لمصدر في محافظة دير الزور، تحدث إليه "إرم نيوز"، يعتمد تنظيم "داعش" اليوم على عدة طرق للتخفي، أولها الاختلاط بالناس، حيث يعيش بعض عناصره في التجمعات السكانية، فيما يتخفى قسم آخر في المناطق الصحراوية والكهوف.
ولفت المصدر إلى أن "داعش" يعتمد ما يسمى بـ "المضافات"، وهذه عبارة عن "نقاط آمنة" للتنظيم، تتواجد في الصحراء، وتتوزع على الطرق بين المدن الكبيرة، ولا يعرفها إلا عناصر التنظيم فقط ، حيث يلجؤون إليها خلال التنقل، وتمثل هذه "المضافات" شبكة للقيادة والاتصالات بالنسبة للتنظيم.
ويقول المصدر إن "داعش" وحتى بعد الإعلان عن هزيمته في عام 2019، استمر حضوره في منطقة الجزيرة، وواصل حملات التمويل، من خلال جمع الإتاوات من التجار وأصحاب الفعاليات الاقتصادية، وأيضًا من العاملين في نقل النفط بين الجزيرة والشامية (ضفتي الفرات)، حيث يتحرك عناصره ليلًا أو بشكل متفرق لجمع الأموال.
فرصة ذهبية
الباحث السوري مازن بلال قال في تعليق لـ"إرم نيوز"، إن ما يثير الرعب في أحداث السويداء، ليس تفشي السلاح المنفلت فقط، بل من يتسلل خلفه، من تنظيمات متشددة وعلى رأسها خلايا السلفية الجهادية، وجيوب داعش النائمة، وهذه كلها وجدت في هذا الانفلات القبلي فرصة ذهبية لتغذية الفوضى، وإعادة التموضع داخل مجتمع مشحون بالغضب وملغوم بالعصبية والقبلية والطائفية.
وأضاف: أثبتت الأشهر الأخيرة أن هؤلاء المتشددين لا يحتاجون إلا إلى شرخ واحد في النظام العشائري حتى يتسللوا منه، لا لفرض شرعيتهم فحسب، بل لإعادة تشكيل خطاب المقاومة، وفق منظورهم التكفيري.