دفعت أحداث السويداء الدامية في جنوبي سوريا، الأكراد في شرقي وشمالي البلاد إلى التصلب في مفاوضاتهم مع الحكومة المركزية في دمشق، مع توجه نحو رفض أو تأجيل الاندماج في الوقت الحالي.
ونقل موقع "المونيتور" الأمريكي عن مصادر كردية، أن "المجازر" التي أٌرتكبت بحق الدروز في الجنوب، أعطت قوات سوريا الديمقراطية مبرراً لتأجيل أي مباحثات تتعلق بتسليم السلاح.
وقالت المصادر إن الأكراد باتوا في موقف تفاوضي "أقوى" مع دمشق، وأن زعيم قسد، مظلوم عبدي "لا يريد أن يُترك شعبه بلا حماية بعد أن سلموا أسلحتهم إلى الحكومة".
وأضافت أن موقف الأكراد من حيث القوة، مشابه للأحداث التي أعقبت أحداث الساحل السوري في مارس/ آذار الماضي، عندما واجه الرئيس السوري، أحمد الشرع، أول أزمة كبرى له منذ توليه السلطة في ديسمبر/كانون الأول.
وفي ذلك الشهر، قُتل أكثر من 1000 شخص، معظمهم من المدنيين العلويين، عندما اجتاح مسلحون سُنّة المناطق الساحلية السورية، رداً على هجمات نفذتها فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وفي العاشر من مارس/آذار، التقى الشرع بسرعة مع عبدي، بعد أشهر من تجنّبه، ووقع اتفاقاً يحدد الإطار لتوحيد الإدارة الذاتية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية مع دمشق.
كما نقل "المونتيور" عن مصادر إضافية، أن لقاء زعيم قسد مع المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، في عمّان، قبل أيام، "كان أفضل كثيرا من لقائهما الأول وجهاً لوجه في دمشق"، مشيرة إلى أن العنف الطائفي الذي اجتاح السويداء ذات الأغلبية الدرزية "عزز موقف الأكراد مؤقتاً".
وقال أحد المصادر الذي اطلع على فحوى الاجتماع بين المبعوث الأمريكي وزعيم قسد إن "باراك كان ألطف، فقد انكسر الجليد بينهما".
كما أفاد مصدران آخران بأنه يجري التخطيط لاجتماع لاحق، يُحتمل أن يُعقد في باريس، وقد يحضره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لبحث دمج قوات سوريا الديمقراطية والمؤسسات المدنية الكردية في الحكومة المركزية.
كجزء من جهد تقوده الولايات المتحدة لدعم الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، في سعيه لبسط سيطرته الكاملة على بلاده التي مزقتها الحرب.
وبينما قال باراك إنه لا يعتقد أن العنف في السويداء قد "عرقل" المحادثات بين الأكراد ودمشق، إلا أن المصادر ذاتها تكشف أنه لم يُحرَز تقدم يُذكر مع إصرار "قسد" على شكل من أشكال الحكم الذاتي، بينما لا يزال الشرع ملتزماً بنموذج حكم مركزي محكم.
وكان باراك أيّد موقف الشرع علناً في سلسلة من المقابلات عقب اجتماعه مع عبدي في 9 يوليو/تموز، معتبراً أن الفيدرالية "لا تُجدي نفعاً في المنطقة". كما حذرّ من أنه إذا لم تتحرك "قسد" بسرعة، فلن تبقى القوات الأمريكية المنتشرة في شمال وشرق سوريا التي يقودها الأكراد إلى أجل غير مسمى.
ويتزايد الضغط الأمريكي على قسد باطراد، منذ أن التقى الرئيس دونالد ترامب بالشرع لأول مرة في الرياض في مايو/أيار الماضي، قبيل تعيين باراك مبعوثاً خاصاً لسوريا.
وورد أن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، الذي شارك في اجتماع 9 يوليو/تموز، حدد مهلة نهائية بنهاية يوليو/تموز لقوات سوريا الديمقراطية للانسحاب من المناطق الخاضعة لسيطرتها في دير الزور، وهي محافظة ذات أغلبية عربية على الحدود مع العراق.