أكدت الرئاسة الفلسطينية تمسكها بتحمل المسؤولية الوطنية والسياسية في إدارة شؤون قطاع غزة بعد انتهاء الحرب المدمرة التي يشهدها القطاع، محذرة من أن رفض إسرائيل لدور السلطة الفلسطينية في غزة سيؤدي إلى مزيد من الفوضى.
وشدد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة في حوار مع "إرم نيوز" على أن الإعلانات الأوروبية والبريطانية بِنيّتها الاعتراف بدولة فلسطين ستعطي مزيدا من الزخم لإطلاق مسار سياسي شامل يهدف إلى حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وإلزام إسرائيل بالمرجعيات الدولية.
-ما أهمية الاعترافات الأوروبية والبريطانية المتتالية بدولة فلسطين؟
تكتسب الاعترافات الأوروبية والبريطانية المتتالية بدولة فلسطين أهمية تاريخية؛ لأنها تعزز من الشرعية الدولية للدولة الفلسطينية، وتؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهذه الخطوات تسهم أيضا في عزل إسرائيل دوليا وتضع عليها ضغوطا إضافية لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، كما أنها تعكس تحولا في الرأي العام الدولي، خاصة في أوروبا، نحو دعم القضية الفلسطينية بشكل أكثر وضوحا وصراحة، خاصة وأن الاعتراف له ترجمات عملية على الأرض تنعكس في طبيعة العلاقات الثنائية والمسؤوليات التي تحملها عملية الاعتراف قانونيا وسياسيا.
-كيف تستعد السلطة الفلسطينية للاستفادة من هذا الزخم خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر/ أيلول المقبل؟
تستعد دولة فلسطين للاستفادة من هذا الزخم الدبلوماسي من خلال تكثيف جهودها في الأمم المتحدة، وخاصة خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بعقد المؤتمر الدولي للسلام على مستوى القادة، الذي سيشهد إعلان العديد من الدول الأوروبية المهمة اعترافها بدولة فلسطين، والذي نأمل ان يمهد الطريق أيضا لحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة من خلال انضمام هذه الدول إلى الدعوى الجماعية للحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين، وتأثير ذلك على موقف الولايات المتحدة الأمريكية من موضوع العضوية، وسيجدد الرئيس محمود عباس من على منبر الأمم المتحدة وفي الاجتماع الدولي لحشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين، التأكيد على الرؤية الفلسطينية المدعومة عربيا ودوليا لتحقيق السلام القائم على الشرعية الدولية والقانون الدولي، مع ضرورة وقف الحرب التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والضفة الغربية والقدس، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، والانسحاب الإسرائيلي الكامل منه، تمهيداً لعملية سياسية مستندة لحل الدولتين وفق ما أقرته الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وتوقعاتنا أن هذه الاعترافات ستولد طاقة دفع قوية باتجاه تحريك العملية السياسية المتعثرة حاليا.
-كيف تنظرون للدور العربي في إحياء مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟
كان الدور العربي حاسما في إحياء مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية؛ إذ هناك تقدير كبير للجهود التي تبذلها دول عربية مثل المملكة العربية السعودية، مصر والأردن وغيرها من الدول العربية الشقيقة التي تعمل على حشد الدعم الدولي للاعتراف بدولة فلسطين، ومؤخرا شاهدنا نتائجه المهمة بإعلان العديد من دول العالم استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين؛ الأمر الذي يؤكد أن العمل العربي الموحد وفق رؤية واضحة له أثر واضح في الضغط على المجتمع الدولي لتبني موقف أكثر حزما، كذلك القيادة الفلسطينية على تنسيق دائم ومباشر مع جميع الأشقاء العرب لدعم قضيتنا الوطنية وفق رؤية سياسية فلسطينية عربية واضحة تنهي الاحتلال الإسرائيلي وتعمل على تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.
-هل تعوّلون على أن تكون الاعترافات الأوروبية بفلسطين خطوة نحو مسار سياسي شامل بشأن القضية الفلسطينية؟
الاعترافات الأوروبية بفلسطين هي بمثابة خطوة مهمة نحو مسار سياسي شامل يهدف إلى حل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين على حدود العام 1967، وهذه الاعترافات، تسهم في بناء زخم دولي يضغط على إسرائيل للالتزام بالمرجعيات المحددة للعملية السياسية مستندة لحل الدولتين وفق الشرعية الدولية والقانون الدولي، وتمنعها من الاستمرار في سياساتها التي تقوّض هذا الحل، كحرب الإبادة والتجويع ومنع التهجير في قطاع غزة، إلى جانب الاعتداءات في الضفة الغربية، والتوسع الاستيطاني ومحاولات الضم والاجتياحات المتكررة، وإرهاب المستوطنين، وحجز الأموال الفلسطينية، والاعتداءات على الأماكن الدينية المقدسة الإسلامية والمسيحية، الهدف هو تحويل هذا الزخم إلى ضغط دولي حقيقي يدفع نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
-ما رؤيتكم لليوم التالي للحرب في قطاع غزة، خاصة مع رفض إسرائيل أي دور للسلطة في إدارة القطاع؟
الموقف الرسمي الفلسطيني الذي أعلنه الرئيس محمود عباس منذ اليوم الأول لبدء الحرب على قطاع غزة، هو الوقف الفوري لهذا العدوان، والإسراع في إدخال المساعدات لوقف حرب التجويع ومنع التهجير، وتمكين دولة فلسطين من تحمل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة للتخفيف من معاناة أبناء شعبنا، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ومن ثم نحن جاهزون للجلوس إلى طاولة المفاوضات ومناقشة اليوم التالي لوقف العدوان، الذي يجب أن يكون فلسطينيا من خلال تواجد السلطة الوطنية الفلسطينية بأجهزتها الأمنية والمدنية، وهذه هي رؤية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني "دولة واحدة، قانون واحد، سلاح شرعي واحد" وهذه الرؤية الفلسطينية التي تم تبنيها عربيا وقدمت للمجتمع الدولي، وحظيت بدعمه باعتبارها الطريق الوحيد والصحيح لإنهاء دوامة العنف وعدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة جراء السياسات الإسرائيلية.
وهنا نؤكد أن الرفض الإسرائيلي لأي دور للسلطة الفلسطينية في تولي مسؤولية قطاع غزة، سيؤدي إلى مزيد من الفوضى، ولن يحقق الأمن والسلام لأحد، والموقف الإسرائيلي متوقع، فهو موقف عدائي يقوده (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو منذ توليه السلطة بحق السلطة الوطنية الفلسطينية، والموقف الدولي يقف بقوة مع السلطة الوطنية الفلسطينة في إدارة أمور قطاع غزة كما هو الحال في الضفة الغربية كون الأرض الفلسطينية وحدة واحدة، وتتحمل السلطة الوطنية الفلسطينية المسؤولية الوطنية والسياسية في إدارة شؤون القطاع رغم كل المحاولات الفاشلة لنتنياهو وحكومته في إيجاد بدائل لها هناك.
-طالبت الرئاسة الفلسطينية مرارا على لسان الرئيس محمود عباس، حركة حماس بتسليم سلاحها لكن الحركة ترفض، ما أهمية مثل هذه الخطوة في نزع ذرائع إسرائيل لمواصلة الحرب؟
لقد دعا الرئيس محمود عباس منذ اليوم الأول للعدوان على قطاع غزة، حركة حماس إلى وضع المصالح العليا للشعب الفلسطيني فوق مصالحها الحزبية والإقليمية، وتسليم الرهائن والإفراج عن الأسرى، والابتعاد عن حكم قطاع غزة الذي سيطرت عليه بالقوة في العام 2007، وتسليمه للسلطة الوطنية الفلسطينية، مؤكدا أن وجود سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد يجنّب أبناء شعبنا الكثير من الويلات التي يتعرض لها جراء حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل، وتستغل وجود الرهائن وسلاح حماس للاستمرار بها مخلفة آلاف القتلى والجرحى.
ويمكن لـ"حماس" أن تكون فصيلا فلسطينيا سياسيا إلى جانب باقي الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية، وأن تنضم لمنظمة التحرير الفلسطينية إذا أعلنت قبولها بالتزامات المنظمة وبالشرعية الدولية وبالموقف الرسمي الذي أعلنه الرئيس محمود عباس لليوم التالي في قطاع غزة؛ ما يسمح للسلطة الفلسطينية بفرض سيطرتها الكاملة على القطاع، ويمهّد الطريق لإعادة الإعمار والتخفيف من معاناة أبناء شعبنا، كما أن هذه الخطوة ستسهم في بناء الثقة مع المجتمع الدولي، الذي يطالب بوجود سلطة فلسطينية موحدة وشرعية تدير قطاع غزة وباقي الأرض الفلسطينية؛ الأمر الذي سينزع الذرائع التي تطلقها سلطات الاحتلال للاستمرار في عدوانها واعتداءاتها على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.
-إسرائيل تلوّح باجتياح كامل لمدينة غزة ومنه لاحتلال كامل مناطق القطاع..كيف تنظرون لهذه الخطوة وهل تقومون بخطوات لمواجهتها؟
تهديد الاحتلال باجتياح مدينة غزة واحتلال مناطق قطاع غزة هو تصعيد خطير مخالف لجميع قرارات الشرعية الدولية، ويهدد بكارثة إنسانية تهدف لتهجير السكان. والقيادة الفلسطينية تعتبر هذه الخطوة انتهاكا صارخا للقانون الدولي وتحديا للمجتمع الدولي وإرادته بإنهاء هذه الحرب وتحقيق وقف إطلاق النار بشكل فوري وسريع لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
الرئيس محمود عباس يجري اتصالات مكثفة مع الأطراف العربية والإقليمية والدولية، كما دعونا مجلس الأمن ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية للانعقاد لبحث خطورة هذا القرار، للضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية وحماية المدنيين، كما نجدد التحذير من المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لتهجير السكان من قطاع غزة التي تعتبر بمثابة جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، سواء عبر توسيع العملية العسكرية أو حرب التجويع بحق شعبنا.
-طالبت الرئاسة الفلسطينية بشكل متكرر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتدخل لوقف الحرب في غزة..هل هناك أي قنوات اتصال بين السلطة وواشنطن؟
الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة في العالم حاليا القادرة على إجبار دولة الاحتلال على وقف عدوانها الشامل على الشعب الفلسطيني، وإلزامها بالامتثال للشرعية الدولية والقانون الدولي وتنفيذ قراراته، ونحن بالرغم من الدعم الأمريكي المتواصل لإسرائيل سياسيا وعسكريا للاستمرار في حربها ضدنا، إلا أن قنوات الاتصال مازالت مستمرة، وهناك لقاءات مع الجانب الأمريكي على مستويات عدة، أوضحنا فيها وجهة النظر الفلسطينية بضرورة تحقيق وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وانسحاب قوات الاحتلال الكامل من القطاع، وتولي دولة فلسطين مسؤولياتها في قطاع غزة.
وطالبنا الإدارة الأمريكية بالتدخل الفوري والجاد مع إسرائيل لإلزامها بذلك، إذا أرادت حقا تحقيق السلام والاستقرار في هذه المنطقة، وسنستمر بجهودنا هذه بالتعاون مع الأشقاء العرب بشكل فردي أو من خلال اللجنة السداسية العربية في فتح حوار جدي مع الإدارة الأمريكية يجعلها تراجع سياساتها الداعمة لإسرائيل وتصعيدها الخطير في المنطقة.
-هل تعتقدون أن الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية تهدد بانهيار السلطة الفلسطينية، خاصة مع الاجتياحات المتكررة وبعد مشاريع قوانين فرض السيادة على الضفة؟
سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحاول دوما إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية عبر سياساتها العدوانية من توسيع حرب الإبادة والتجويع في قطاع غزة، والقتل والتدمير واقتحام للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، والتوسع الاستيطاني ومحاولات الضم، وفصل المدن بعضها عن بعض، وحجز الأموال الفلسطينية، وتوفير الحماية للمستوطنين ليمارسوا إرهابهم ضد أبناء شعبنا، بالإضافة إلى حجز الأموال الفلسطينية، والاعتداءات على الأماكن الدينية المقدسة الإسلامية والمسيحية.
كل هذه السياسات الإسرائيلية هدفها عدم قيام دولة فلسطينية تشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس بمقدساتها، ولكن بالرغم من جميع العراقيل الإسرائيلية، إلا أن ذلك لم يضعف الجهد الفلسطيني في بناء مؤسسات الدولة التي أصبحت جاهزة وموجودة على أرض الواقع، وكل من يزور الأرض الفلسطينية يلمس التطور الهائل الذي تشهده والذي يضاهي الدول المستقلة؛ لأننا نؤمن بأن الاحتلال إلى زوال ودولتنا بعاصمتها القدس الشرقية بمآذنها وكنائسها هي حقيقة مجسدة لن يستطيع الاحتلال إخفاءها مهما فعل أو حاول.
-هل ترى السلطة الفلسطينية أفقا لتطبيق حل الدولتين في ضوء الوقائع التي تفرضها إسرائيل على الأرض؟
على الرغم من السياسات الإسرائيلية في محاولات فرض سياسة الأمر الواقع من استيطان وسرقة للأرض والمياه والثروات الطبيعية، وفصل الضفة الغربية عن القدس وغزة، إلا أننا نؤمن بأن الحل الوحيد الذي يضمن الأمن والاستقرار للجميع هو الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ونيل حريته واستقلاله، وأن حل الدولتين المستند للشرعية الدولية والقانون الدولي هو الحل الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الاحتلال وتجسيد دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، وهنا تكمن أهمية الاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين من خلال إعطاء الأمل بإمكانية تطبيق مبدأ حل الدولتين باعتباره خيارا مدعوما من قبل المجتمع الدولي الذي عليه الضغط على إسرائيل لإجبارها على الالتزام بخيار السلام والاستقرار والخضوع لقرارات الشرعية الدولية وتنفيذها.
-ما أهمية عقد انتخابات المجلس الوطني قبل نهاية العام الحالي. وهل ستكون مقدمة نحو وحدة وطنية فلسطينية خاصة مع رفض حماس المشاركة بها؟
نعتبر عقد انتخابات المجلس الوطني خطوة مهمة نحو ترتيب البيت الفلسطيني الممثل بمنظمة التحرير الفلسطينية، وإشراك جميع الفصائل الفلسطينية التي تؤمن بسياسة والتزامات منظمة التحرير الفلسطينية، كذلك الهدف من هذه الانتخابات هو إعادة تفعيل مؤسسات المنظمة وهيئاتها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتعزيز دورها في قيادة النضال الوطني.
-هل ستكون هناك خطوات لاحقة لانتخابات المجلس الوطني من أجل إعادة ترتيب مؤسسات السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير؟
إلى جانب إجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، فإننا ملتزمون كذلك بإجراء انتخابات عامة فلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية في اللحظة التي يمكن إجراؤها بشكل حر وديمقراطي وفق قواعد واضحة وضوابط ملتزمة بالشرعية الفلسطينية وبالقانون الدولي كما جرت في عدة مرات سابقة.