مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
يواجه آلاف الغزيين خطر فقدان بصرهم نتيجة عجز القطاع الصحي عن تقديم الخدمات الطبية المتعلقة بعلاج العيون، واضطرار المصابين للانتظار في قوائم طويلة لإجراء التدخلات الجراحية.
وبحسب مركز غزة لحقوق الإنسان فإن الحرب في قطاع غزة تسببت في فقدان 1700 شخص لبصرهم بشكل كامل، في حين يواجه 5 آلاف شخص خطر فقدان البصر نتيجة تأخر العلاج أو انعدام الإمكانيات.
وقال المركز في إحصائية له إن " 2400 حالة بحاجة إلى عمليات جراحية عاجلة في الخارج لكنهم ما زالوا في قائمة الانتظار".
وتشير الفلسطينية فاطمة صرصور (70 عامًا) في هذا الصدد إلى أنها لم تكن تعلم أن انتظارها الطويل لعملية إزالة "المياه البيضاء" من العين سيتحول إلى مأساة.
وقالت لـ"إرم نيوز" إنها "فقدت بصرها في إحدى عينيها بسبب غياب العدسات الخاصة والأجهزة الطبية اللازمة، نتيجة تدمير الجيش الإسرائيلي للمستشفيات ومنع دخول المستلزمات الطبية".
وأضافت أن "رحلتها بين مستشفى وآخر لم تسفر إلا عن مزيد من الألم"، في ظل منظومة صحية منهارة بفعل حرب استمرّت عامين، تسببت في خروج 34 مستشفى و80 مركزًا صحيًا عن الخدمة، بحسب بيانات مكتب الإعلام الحكومي.
وبحسب أخصائي طب وجراحة العيون علي حجازي، فإن "خدمات العيون في قطاع غزة باتت شبه معدومة بسبب الحرب، حيث خرجت معظم مستشفيات العيون عن الخدمة، ونزح جزء كبير من الطواقم الطبية".
وقال لـ"إرم نيوز" إن "المرضى الذين كانوا يُحوّلون سابقًا إلى مستشفى النصر في غزة، لم يعودوا قادرين على الوصول إليه بعد فصل مناطق القطاع في فترة الحرب، كما أن البدائل خرجت أيضًا عن الخدمة".
وأضاف حجازي: "حاولنا استحداث عيادة بسيطة للعيون داخل مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، لكنها لا تقدم الحد الأدنى من الخدمة"، مشيرًا إلى تدمير الأجهزة الحديثة التي كانت تُستخدم لفحص سماكة القرنية.
وتابع: "اليوم لا يوجد تشخيص ولا علاج ولا عمليات، حتى القطرات الأساسية والحلقات والنظارات غير متوفرة".
أدى غياب الأجهزة الطبية المتخصصة إلى عواقب كارثية على مرضى العيون في قطاع غزة، بحسب حجازي، مضيفًا: "أبرز التداعيات فقدان النظر بشكل دائم لحالات كانت قابلة للعلاج".
وقال إن "مرضى القرنية المخروطية بحاجة إلى تصوير مواغرافي لتشخيص حالتهم بدقة، لكن هذا الجهاز دُمّر في مستشفى النصر، كما أن جهاز صبغية المورفين لتشخيص أمراض الشبكية غير متوفر".
ويشير إلى أنه في ظل دمار أجهزة التدخل الجراحي الخاصة بعمليات "المياه البيضاء"، يتم استخدام أجهزة قديمة قد تتسبب في التهابات ومضاعفات خطيرة للمرضى.
وأضاف: "أما مرضى اعتلال الشبكية السكري، حُرموا من العلاجات الضرورية مثل الإبر والليزر، ما أدى إلى فقدانهم البصر بشكل نهائي، وكذلك، فإن مرضى بحاجة لجراحات شبكية لم يجدوا مكانًا ولا علاجًا، فخسروا قدرتهم على الرؤية بشكل لا رجعة فيه"".
وقال حجازي: "العجز الكامل في معدات الليزر، أدى إلى توقف تقديم خدمات حرجة، وانتهى الأمر بتدهور حالات عدد كبير من المرضى بشكل مأساوي".
وبيّن أن غياب التشخيص المبكر والرعاية الطبية المستمرة فاقم من تدهور أوضاع المرضى، مشددًا على أن واقع طب العيون في غزة بات يهدد بفقدان البصر لآلاف المرضى.
ووفق مسؤول قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى شهداء الأقصى محمد ريان، فإن "إصابات العيون تُعد من الحالات الحرجة التي تتطلب تدخلاً فوريًا".
وأضاف ريان: "التعامل معها أصبح بالغ الصعوبة خلال الحرب وحتى اليوم، في ظل خروج مشفى العيون عن الخدمة بشكل كامل، ومحاولات تقديم بدائل لم ترتقِ إلى الحد الأدنى من الرعاية المطلوبة".
وقال لـ"إرم نيوز" إن "عمليات مثل زراعة القرنية، التي كانت تُعد بسيطة نسبيًا في السابق، باتت مستحيلة حالياً، نتيجة فقدان القدرة على توفير العلاج والرعاية اللازمة لمرضى العيون، ما تسبب في أضرار بالغة للمرضى".
وأشار ريان إلى أن "هناك نقصًا حادًا في أجهزة الميكروسكوب الجراحي، حيث خرجت عن الخدمة تمامًا، أما أجهزة الفحص المتوفرة فهي قديمة جداً وغير دقيقة".
وأضاف: "الأدوية الأساسية التي كانت تنقذ بصر المرضى لم تعد متوفرة، ما فاقم الوضع الصحي، وأدى إلى فقدان عدد من المرضى للبصر أو لجزء كبير منه".
وشدد على أن "غياب التشخيص المبكر، وتوقف برنامج زراعة القرنية، والنقص الحاد في الأدوية وأجهزة القياس، كلّها عوامل مجتمعة جعلت المرضى في مواجهة خطر دائم لفقدان البصر الكامل".