غابت القنوات الفضائية المرخصة للعمل في السودان، اليوم الأربعاء، قسراً عن تغطية الهجوم بالمسيّرات لليوم الرابع على التوالي على مدينة بورتسودان، التي يتخذها قادة الجيش، مقراً مؤقتًا للعاصمة المؤقتة في البلاد.
وأصدر المتحدث الرسمي باسم، سلطة بورتسودان، وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، توجيهات لمديري مكاتب القنوات الفضائية الأجنبية في بورتسودان، بعدم التغطية المباشرة، إلا بإذن من إدارة الإعلام الخارجي، التابعة مباشرة لوزارة الإعلام، ما يعني، فعلياً، أن على القنوات العمل من داخل المكاتب.
وجاء القرار إثر التغطية الميدانية الواسعة التي قامت بها القنوات الفضائية للمسيّرات التي استهدفت مواقع متفرقة في مدينة بورتسودان.
وسُمع دوي انفجارات عنيفة، وإطلاق كثيف للمضادات الأرضية في وقت باكر من اليوم الأربعاء.
وأفادت مصادر محلية في بورتسودان لـ"إرم نيوز"، بأن سرباً من الطائرات الانتحارية المسيَّرة هاجمت، صباح اليوم، قاعدة فلامنغو العسكرية، أكبر قاعدة بحرية للجيش السوداني على ساحل البحر الأحمر.
وعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية، فشلت أنظمة الدفاع الجوي للجيش السوداني في التصدي لتلك المسيَّرات، التي نجحت في إلحاق أضرار كبيرة بقاعدة عثمان دقنة الجوية، التي يستخدمها الجيش السوداني، لشن الغارات الجوية على المدنيين في إقليم دارفور.
ولم يُسمح للصحافيين بالاقتراب من المطار أو الحصول على معلومات بسبب الإجراءات الأمنية المشددة، والتكتم الشديد من قبل الجيش والأجهزة الأمنية.
ولم يتسنَ لوسائل الإعلام، اليوم الأربعاء، التغطية الميدانية، بسبب تلك الإجراءات، خاصة أن الهجمات تركزت على القاعدة العسكرية.
ودرج أنصار النظام المعزول من الجماعات الإسلامية، على تحريض الجيش السوداني، ضد مراسلي القنوات الفضائية، والمطالبة بإغلاقها، ومنعها من العمل نهائياً في البلاد، بسبب نقل أخبار "قوات الدعم السريع"، الطرف الآخر في الحرب.
وفي أبريل / نيسان العام الماضي، أوقفت سلطات بورتسودان قنوات "سكاي نيوز" و"قناة العربية" و"الحدث"، بإجراءات وصفتها نقابة الصحفيين السودانيين، بأنها تعسفية، ولاتزال قناة "سكاي نيوز" موقوفة عن العمل من داخل السودان.
وقُبيل بداية الحرب أنشأت سلطة بورتسودان غرفاً إعلامية، لتكون بديلاً، لوسائل الإعلام الخارجية والمحلية، يديرها عدد من الإعلاميين الموالين للحركة الإسلامية من خارج البلاد، لدعم الجيش في الحرب، من خلال منصات إعلامية رقمية، وآلاف الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، لطمس الحقائق والانتهاكات التي يرتكبها الجيش السوداني ضد المدنيين في البلاد.
وبحسب إعلاميين في الداخل، لا يتوقع أن تستجيب إدارة الإعلام الخارجي لأي طلب من مكاتب القنوات الفضائية في بورتسودان بالسماح لها بالتغطيات المباشرة، حال حدثت أي تطورات في مسار الحرب.
وقالوا: "يبدو أن وزير الإعلام المعيّن حديثاً، يريد أن يتبع نفس نهج جهاز الأمن، في عهد نظام الرئيس المعزول، عمر البشير، بفرض الرقابة القبلية، والتضييق الشديد على حرية الصحافة والإعلام.
وأبدوا تخوفات من عودة الاستدعاءات أو الاعتقالات للصحفيين بسبب النشر الصحفي الذي لايتوافق مع رؤية السلطات.
وترفض نقابة الصحافيين السودانيين، أي انتهاك لحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات، وعدَّت أي مضايقات لوسائل الإعلام تهديداً خطيراً للمبادئ الأساسية لحرية التعبير، وحرية الصحافة والإعلام".
وفي فبراير / شباط الماضي، أصدرت وزارة الإعلام قراراً بحظر عمل مكتب قناة "الشرق" السعودية، بسبب نشرها معلومات عن تعديلات أُجريت على الوثيقة الدستورية الحاكمة في البلاد، تكرّس السلطة كلها لقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان.
وسبق أن هدد وزير الإعلام، خالد الأعيسر، الصحفيين، وتوعد بإغلاق وحظر أي مؤسسة إعلامية تنقل أخبار "الدعم السريع"، وإلى الأبد، وقال: "لن يُسمح لها بالعودة مجدداً للعمل في السودان".