تواجه حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أزمة سياسية حادة تهدد بتفكيك ائتلافه الحاكم، وذلك في وقت يسعى فيه إلى تحقيق تهدئة في قطاع غزة من خلال مفاوضات جارية في واشنطن.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، فإن أحزاب الحريديم، التي تُعد من الحلفاء الأساسيين لنتنياهو، صعّدت هذا الأسبوع ضغوطها للمطالبة بسن قانون يعفي شبابها من الخدمة العسكرية الإلزامية.
وقد هددت تلك الأحزاب بالانسحاب من الائتلاف الحاكم في حال لم يُمرّر القانون، ما دفع الحكومة إلى سحب جميع مشاريعها التشريعية من جدول أعمال الكنيست، بعد أن فقدت أغلبيتها البرلمانية.
وقد أثار هذا التراجع استياء المعارضة، حيث طالب زعيم حزب "يش عتيد"، يائير لابيد، بإجراء انتخابات مبكرة، متهمًا الحكومة بفقدان شرعيتها وانعدام قدرتها على الاستمرار، على حد وصفه.
ويعود الملف المتفجر لتجنيد الحريديم إلى عقود مضت، إذ كانوا يتمتعون بإعفاء دائم من الخدمة العسكرية منذ تأسيس الدولة العبرية.
ومع تصاعد أعدادهم لتشكّل نحو 13% من السكان، وصدور قرار من المحكمة العليا بإلزامهم بالخدمة، أصبح الجيش الإسرائيلي في موقع يتيح له استدعاء الآلاف منهم خلال أيام قليلة، مع اعتبار من يتخلف عن التجاوب خلال 12 يوماً فاراً من الخدمة.
إلى جانب ذلك، يواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة من شركائه في اليمين المتطرف، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذان يعارضان بشدة أي وقف لإطلاق النار في غزة، ويطالبان بمواصلة العمليات العسكرية، وفرض وقائع جديدة على الأرض تشمل إعادة المستوطنات إلى القطاع، وفرض سيطرة إسرائيلية كاملة عليه.
وفي محاولة لاحتواء التوتر داخل الحكومة، صادق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي بداية الأسبوع على خطة لإقامة "مدينة إنسانية" في رفح جنوب قطاع غزة، تستوعب نحو 600 ألف نازح فلسطيني.
تهدف الخطة، بحسب الحكومة، إلى "فرز" السكان، واستبعاد من يُشتبه بانتمائهم إلى حركة حماس.
لكن هذه الخطوة أثارت انتقادات دولية، لا سيما من بريطانيا، التي أعربت عن قلقها من تداعياتها الإنسانية.
بالتزامن مع ذلك، تتصاعد المطالب الشعبية الإسرائيلية بفرض التجنيد الإجباري على الحريديم، خاصة في ظل استمرار سقوط الجنود في جبهات القتال.
وقد قُتل 5 جنود في بداية الأسبوع في كمين ببلدة بيت حانون، شمال قطاع غزة، ما زاد من حالة الغضب الشعبي.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أن 85% من الإسرائيليين يرفضون منح الحريديم إعفاءً من الخدمة العسكرية.
ورغم تفاقم التحديات الداخلية، وتراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، يواصل نتنياهو رهانه على كسب الوقت.
وبحسب التقرير، فإن نتنياهو يأمل في الحفاظ على تماسك حكومته، ولو بشكل مؤقت، مع قرب انتهاء الدورة الصيفية للكنيست في نهاية يوليو/تموز، وتعليق الجلسات حتى أواخر أكتوبر/تشرين الأول، على أمل أن تبرز فرص جديدة تُعيد له زمام المبادرة في المشهد السياسي الإسرائيلي المضطرب.