logo
العالم العربي

خبراء: واشنطن قد "تجمّد" الجبهة السورية تمهيدا لـ3 "انفجارات" لاحقة

خبراء: واشنطن قد "تجمّد" الجبهة السورية تمهيدا لـ3 "انفجارات" لاحقة
مقاتلة إسرائيلية أثناء مشاركتها بالهجوم على إيرانالمصدر: وزارة الدفاع الإسرائيلية
11 يوليو 2025، 3:14 م

لم يعد يشكّل إنجاز اتفاق نهائي بين قوات سوريا الديمقراطية وحكومة دمشق هاجسًا كبيرًا لدى الولايات المتحدة، وفقا لخبراء ومراقبين، بل أكدوا على أن الإطار الأساسي لتحرّكات المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، هو محاولة احتواء الواقع السوري وتثبيته تمهيدًا لـ"الانفجارات اللاحقة".

وتنخرط الولايات المتحدة بقوة في الملف السوري، وتُقود جهودًا حثيثة لتقريب وجهات النظر بين السلطات السورية والإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، بعد أن دفعت في آذار الماضي إلى توقيع اتفاق أولي بين الطرفين.

السياسي السوري، ورئيس "حركة بناء الدولة"، أنس جودة، يعتقد أن الأولوية الأساسية بالنسبة للأمريكيين اليوم هي تثبيت استقرارٍ ما مع السلطة السورية، وذلك بغض النظر عن العلاقة العميقة بين الولايات المتحدة و"قسد"؛ لأن الأمور بالنسبة للأمريكيين أكبر بكثير من علاقات مستقرة سابقًا؛ فالتحدي اليوم هو تثبيت الاستقرار السوري؛ لأن المطلوب هو فتح جبهاتٍ ثانيةٍ، وفق تقديره.

أخبار ذات علاقة

أحمد الشرع ومظلوم عبدي

بدء اجتماع الشرع ومظلوم عبدي والمبعوث الأمريكي في دمشق

ضغط أمريكي.. وثلاثة أسباب

المحلل السياسي الأردني، صلاح ملكاوي، يوافق بدوره على هذه الفرضية، مشيرًا إلى أن واشنطن تعمل على منع حصول مواجهة عسكرية بين حكومة الشرع أو "سوريا الجديدة" وبين "قسد".

ويلفت ملكاوي خلال حديثه لـ"إرم نيوز" إلى مؤشرات قوية تفيد بأن الولايات المتحدة تضغط فعليًا لتجنب هذا السيناريو، لعدة أسباب؛ أولها حماية مصالحها شرق الفرات، حيث تُعتبر "قسد" الحليف المحلي الوحيد للأمريكيين شمال شرق سوريا.

وأضاف: إذا دخلت حكومة الشرع في مواجهة مع "قسد"، فإن هذا سيجبر الولايات المتحدة على إظهار موقف ما مع أو ضد أحد طرفي الصراع، وهو ما تريد واشنطن تجنبه حاليًا.

أما السبب الثاني، وفقًا لملكاوي، فيتمثل في إبقاء سوريا مقسمة وظيفيًا، حتى لو لم تكن واشنطن تعلن ذلك، فهي تفضل بقاء مناطق خاضعة لـ"قسد" ومنفصلة عن العاصمة دمشق؛ ليس انفصالًا نهائيًا، ولكن بشكل من أشكال الحكم اللامركزي التدريجي.

السبب الثالث الذي يدفع واشنطن إلى تجميد الوضع في سوريا، حسب ملكاوي، هو رغبتها في تركيز الجهد على جبهات أخرى مثل لبنان والعراق أو إيران؛ لأن فتح جبهة صراع داخل سوريا يعني تشتيت القوى والاهتمام، وهذا يتعارض مع خطط أمريكية لنقل التصعيد إلى أماكن أخرى.

ضغط غير معلن على "قسد"

ولكن؛ هل هناك مؤشرات ميدانية على هذا الاتجاه؟ يجيب المحلل السياسي الأردني بـ"نعم"، مشيرًا إلى زيارات بعض الوفود الأمريكية، على سبيل المثال، إلى مناطق "قسد" أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، وأيضًا تسريب مقترحات أمريكية وصلت إلى حكومة الشرع عن شكل إدارة مشتركة للمناطق الشمالية الشرقية، وأيضًا ضغط غير معلن على "قسد" لعدم استفزاز دمشق الجديدة عسكريًا مقابل ضمانات بالحماية الأمريكية، على حد تعبيره.

ويرى الخبير ملكاوي أنه "حتى لو لم يحصل اتفاق رسمي بين حكومة الشرع و"قسد"، فالاحتمال الأكبر هو بقاء الوضع شبه مجمّد (لا حرب ولا سلم)، بحيث تعود الحكومة السورية إداريًا أو بشكل رمزي، كما كانت الأمور في النظام السابق، إلى مناطق مثل الحسكة والرقة دون السيطرة الأمنية الكاملة، فيما تبقى "قسد" مسيطرة على الأرض عمليًا وبغطاء أمريكي وضمانات أمريكية، بما يؤدي إلى "تعايش قسري" بضغوط خارجية إلى حين نضوج رؤية لحل سياسي أمريكي متوافق عليه.

أخبار ذات علاقة

توماس باراك

المبعوث الأمريكي: على "قسد" أن تتقبل سوريا واحدة

محاولة لرأب الصدع

من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، علي حمادة، أن السياسة الأمريكية تجاه الموضوع السوري واضحة. فالأمريكيون لا يتحدثون عن فيدرالية ولا عن تقسيم ولا عن كيانات شبه مستقلة في الإطار السوري. لكن المسألة معقدة وصعبة، لسبب واحد وبسيط؛ وهو وجود موروث من الأزمات يعود لعقود طويلة، وهناك أيضًا نزاعات داخلية ومخاوف وهواجس لدى كل المكونات، بما فيها المكون الأساسي.

يوضح حمادة في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "المطروح اليوم هو محاولة رأب الصدع من قبل الجانب الأمريكي، وتوماس باراك يحاول جاهدًا أن يجسر الهوة بين الطرفين"، مشيرًا إلى أن الأمر يبدو صعبًا، وهناك العديد من النقاط ذات الطابع الأمني والعسكري والإداري المتعلقة بالعلاقة بين العاصمة المركزية والمناطق التي تسيطر عليها "قسد" تقليديًا. وبالتالي، من الصعب بمكان أن يتم حل كل هذه المشاكل، "الموضوع واسع ويحتاج أكثر من نوايا طيبة بين الطرفين"، حيث يحتاج إلى مساعدة دولية وعربية، وإلى عامل مهدئ وعامل توازن بين الطرفين لكي لا تتحول مسألة الخلاف وغياب الاتفاق إلى مناسبة لتأزيم كبير على الصعيد الأمني.

ويؤكد الكاتب والمحلل اللبناني أن واشنطن معنية بتبريد وتسكين الساحة السورية، لأسباب أقلها أنها لا تريد بأي حال عودة النفوذ الإيراني، والذي يمكن أن يتسلل في ثنايا المشاكل والمصاعب في سوريا. ذلك أن الهم الأساسي لواشنطن وتل أبيب هو عدم عودة إيران لكي تشكل نقطة ارتكاز لها من أجل العودة إلى سياسات زعزعة الاستقرار التي كانت تحصل على مدى ثلاثة عقود.

أخبار ذات علاقة

أكراد يحتفلون في القامشلي بالاتفاق بين الإدارة السورية وقسد

خيارات محدودة.. هل تنفجر "القنبلة الموقوتة" بين دمشق و"قسد"؟

ما هي الجبهات القابلة للاشتعال؟

يرتب المحلل السياسي الأردني، صلاح ملكاوي، الجبهات الأكثر جاهزية للاشتعال في المنطقة خلال ستة أشهر إلى سنة. فيقول إن جنوب لبنان هو الأقرب للاشتعال، ربطًا بالتصعيد الحالي بين حزب الله وإسرائيل، والذي بلغ مراحل غير مسبوقة.

ويلفت ملكاوي إلى الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية الواضحة في هذه الجبهة، ومناورات تعبئة الاحتياط، والدفع بالمتدينين باتجاه إلحاقهم بالجيش الإسرائيلي.

وبالرغم من أن "أمريكا لا تدفع بشكل مباشر لهذه الحرب"، وفقًا لملكاوي، إلا أنها بالمقابل لن تمانع إن قررت إسرائيل ضرب حزب الله مجددًا. ومن هنا يرى أن هذه الجبهة مرشحة لحرب واسعة، ربما خلال أشهر معدودة، سواء كانت بمشاركة أمريكية أو إسناد فقط.

أما الجبهة الثانية التي يتوقع ملكاوي أن تتعرض للاشتعال، فهي في العراق، وتحديدًا ضد الفصائل الموالية لإيران. ويقول: "رغم تحجيم الوجود الأمريكي في العراق بشكل رسمي، بقيت هناك قوات خاصة وقواعد جوية، وبالتالي، فإنه في حال استهداف العراق، فإن الأهداف تتمثل في استهداف قيادات نوعية ومخازن أسلحة".

ويلفت إلى أن إسرائيل قد تنفذ ضربات جوية ضد الفصائل العراقية بالتنسيق مع واشنطن، لتكون بمثابة صدمات محدودة وجراحية، وليس مواجهة مفتوحة مثل الجبهة اللبنانية.

الجبهة الثالثة، كما يقول الخبير الأردني، ستطال، وبضربات مكررة، منشآت نووية إيرانية أو مخابئ ومصانع للصواريخ، أو بنية تحتية، مع عمليات سرية وهجمات إلكترونية وضربات على منشآت حساسة. وهذه ستكون عمليات نوعية وخفية أكثر من حرب معلنة.

أخبار ذات علاقة

الشرع وعبدي أثناء توقيع اتفاق آذار

انتهت إلى "لا شيء".. ما تفاصيل المفاوضات بين "قسد" ودمشق؟

من جانبه، يضع الكاتب حمادة، غزة على رأس الجبهات المشتعلة، والتي "لن تقفل في القريب العاجل" حتى لو حصل اتفاق.

ويشير إلى "مخاوف وقلق كبير على الوضع العراقي"، لافتًا إلى أن هناك اهتزاز في الوضع العراقي بسبب هذا الضغط المتبادل بين الأمريكيين والإيرانيين. أما بالنسبة إلى لبنان، فيختم الكاتب اللبناني بالقول "الأمر هنا يعتمد بشكل كامل على حزب الله، فإذا لم ينزع سلاحه بالدبلوماسية، فسوف يتم نزعه بطريقة أخرى" على حد تعبيره.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC