المستشار الألماني: سنزيد الضغط عبر العقوبات إذا واصلت روسيا المماطلة بشأن وقف إطلاق النار
قالت مصادر سياسية سورية مقربة من حكومة دمشق، إن الاجتماع الذي عقد في دمشق أمس الأربعاء، بين وفدي "قسد"، والحكومة السورية، انتهى إلى "لا شيء"، رغم الزخم الكبير الذي سبق الاجتماع، وإصرار الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، على إحداث اختراق كبير في ملف العلاقة بين دمشق و"قسد"، للوصول إلى تفاهمات نهائية بين الطرفين.
وأفاد مصدر مطلع على فحوى المفاوضات، لـ "إرم نيوز" بأن المباحثات لم تصل إلى نتيجة أو اتفاق، بسبب خلافات حادة في عدد من الملفات. وأوضح أن وفد "قسد" قابل مبادرات الحكومة بالتعنّت والمزيد من التصلب.
وذكر المصدر أن الحكومة السورية اقترحت حلولًا واقعية للوصول إلى اتفاق نهائي، منها التدرّج السياسي واللامركزية الإدارية، إلا أن "قسد" ردّت بالتصعيد الأمني وتقويض الثقة، على حد قوله.
وحول أبرز النقاط الخلافية، يقول المصدر، إن "قسد" أصرت على تغيير اسم (الجمهورية العربية السورية) إلى (الجمهورية السورية)، وتطبيق نظام اللامركزية، وضم قواتها إلى الجيش السوري ككتلة مستقلة، وهو ما قوبل برفض قاطع من حكومة دمشق.
وأشار المصدر أيضًا إلى رفض "قسد" تسليم محافظتي دير الزور والرقة إلى الحكومة السورية قبل الاتفاق على المسائل الأساسية السابقة؛ ما دفع الحكومة إلى تحميلها مسؤولية فشل الاتفاق، بحضور المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك.
ويوضح المصدر، أن هذا الموقف المتشدد من قبل ممثلي قسد هو ما دفع المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، للخروج بتصريحات واضحة وقوية ومساندة للحكومة السورية. وأيضًا كانت وراء البيان "القوي والتحذيري" الصادر عن دمشق عقب انتهاء المفاوضات.
من جهته، يرفض الناطق باسم قوات الشمال الديمقراطي في "قسد"، محمود حبيب، الإدلاء بأي تعليق حول سير المباحثات بين دمشق و"الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا"، مشيرًا إلى أن "الموقف حساس جدًّا".
واعتبر حبيب في تعليقه لـ "إرم نيوز" أن "كل ما يقال حول المفاوضات لا يتعدى مواقع التواصل أو التفسيرات العشوائية". مؤكدًا أن "هكذا مفاوضات تتعلق بمصير سورية ولا يمكن أن تدار عبر الإعلام والشاشات" و أن "قسد""تعمل لصالح شعبنا السوري" على حد قوله.
لكن عضوة لجنة التفاوض في الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية فوزة يوسف، كشفت في تصريحات لموقع محلي، اليوم، عن موقف "قسد" من المفاوضات، والنقاط الخلافية مع حكومة دمشق، حيث اتهمت الحكومة السورية المؤقتة بأنها "غير ملتزمة التزاما حقيقيا ببنود اتفاق 10 آذار/مارس، مشيرة إلى أنهم أبلغوا المفاوضين بممارسات الحكومة ضد الأكراد في مناطق سيطرتها، والتي من المرجح أن تعيق الحوار" حسب قولها.
وأكدت يوسف أنه لن يكون هناك اتفاق إلا إذا تم تمثيل إرادة شعب شمال شرق سوريا وإدارته الذاتية في الدستور والبرلمان والدفاع وبناء الدولة، و"لن نتنازل عن حقوقنا".
ولفتت المسؤولة في الإدارة الذاتية إلى أنهم "ملتزمون ببنود الاتفاق الموقع بين الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية"، و دعت الحكومة إلى العمل بالحوار بدلًا من الاعتقالات والحرب الإعلامية وخطاب الكراهية، حسب قولها.
كما طالبت الحكومة السورية المؤقتة بإطلاق سراح المعتقلين الأكراد وأبناء الطوائف الأخرى، لأن هذه الإجراءات "تُعزز مفهوم نظام البعث". وقالت: لسنا ضعفاء في ردنا ودفاعنا، لكن تقع علينا مسؤولية تجاه شعبنا في هذه المرحلة الحرجة، عبر جلب السوريين إلى حل سلمي.
وأوضحت فوزة يوسف أن "قسد" أبلغت الوسطاء في المفاوضات مع الحكومة المؤقتة أنها تريد ضمان حقوق جميع المكونات في سوريا ديمقراطية وتعددية، وأنها لا تقبل بدولة قومية في سوريا. وذكرت أن مشاركة الإدارة الذاتية في الحكومة والمرحلة الانتقالية "على أساس هويتنا ولغتنا وحقوقنا المشروعة، وفقًا للإرادة الحرة لجميع الأطراف".
وأمس الأربعاء، شهد قصر تشرين في العاصمة دمشق، اجتماعًا بين وفد من "الإدارة الذاتية الكردية" ومسؤولين في الحكومة السورية، في إطار البحث في تنفيذ اتفاق آذار الموقع بين الطرفين قبل أربعة أشهر.
وتلا الاجتماعات، اجتماع آخر بين الرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد "قوات سوريا الديمقراطية"، مظلوم عبدي، وسفير الولايات المتحدة لدى أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا، توماس باراك، بحضور وزير الخارجية، أسعد الشيباني، وممثل وزارة الخارجية الأمريكية في منطقة شرقي الفرات.
وضم وفد شمال شرقي سوريا إلى دمشق، قائد "قسد" مظلوم عبدي والرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، إلهام أحمد، والرئاسة المشتركة للوفد المفاوض للإدارة الذاتية، فوزة يوسف وعبد حامد المهباش.
عقب انتهاء الاجتماعات، أعلنت الحكومة السورية، عن ترحيبها بأي مسار من شأنه تعزيز وحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، مؤكدة التزامها بمبدأ "سوريا واحدة، جيش واحد، حكومة واحدة"، ورفضها القاطع لأي شكل من أشكال التقسيم أو الفدرلة.
وأكد البيان أن الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الجامعة، مع الترحيب بانضمام المقاتلين السوريين من "قسد" إلى صفوفه، ضمن الأطر القانونية والدستورية، مشددًا على ضرورة عودة مؤسسات الدولة الرسمية إلى مناطق شمال شرق البلاد لضمان تقديم الخدمات الأساسية وتعزيز الاستقرار.
وحذرت الحكومة من أن تأخير تنفيذ الاتفاق لا يخدم المصلحة الوطنية، معتبرة أن "الرهان على المشاريع الانفصالية أو الأجندات الخارجية هو رهان خاسر"، داعية إلى العودة إلى الهوية الوطنية والانخراط في مشروع الدولة السورية الجامعة.
كما شددت على أن "المكون الكردي كان ولا يزال جزءًا أصيلًا من النسيج السوري"، وأن حقوق جميع المواطنين تصان ضمن مؤسسات الدولة، مجددة دعوتها إلى توحيد الصفوف والعمل المشترك من أجل سوريا موحدة ومستقلة وذات سيادة.
وفيما أعربت الحكومة السورية عن "تفهمها للتحديات التي تواجه بعض الأطراف في قسد"، حذرت في الوقت نفسه من أن "أي تأخير في تنفيذ الاتفاقات الموقعة لا يخدم المصلحة الوطنية، بل يعقّد المشهد، ويُعيق جهود إعادة الأمن والاستقرار".
من جانبه، كشف المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، أن الخلاف بين الحكومة السورية و"قسد" لا يزال قائمًا، ولا سيما في ما يخص مستقبل "قسد" ضمن الجيش السوري.
وقال باراك إن هناك طريقًا واحدًا أمام قوات سوريا الديمقراطية وهو الطريق إلى دمشق، موضحًا أن "الفيدرالية لا تعمل في سوريا".
وأضاف باراك، أن الحكومة السورية أبدت حماسة بشكل لا يُصدق لضم قسد إلى مؤسساتها ضمن مبدأ دولة واحدة، أمة واحدة، جيش واحد، وحكومة واحدة.
وأكد باراك أنه "يتعين على الطرفين، اللذين عاشا بشكل منفصل وربما في علاقة عدائية لبعض الوقت، أن يبدآ ببناء الثقة تدريجيًّا"، مشيدًا بما وصفه بـ "الخيارات الجيدة" التي طرحتها الحكومة السورية على "قسد".